خبر وتعليق عالم الموضة يخلق وهم النجاح الكاذب (مترجم)
الخبر:
اقترب أسبوع مرسيدس بنز للموضة من نهايته في الحادي عشر من سبتمبر 2014 وهو حدث عالمي يغطي برلين، أستراليا، ميامي، اسطنبول أما المناطق التي يحظى فيها بانجذاب عالٍ فهي في نيويورك. وأهدافه هي تسليط الضوء على مشاريع جديدة لمصممي الأزياء وكذلك إتاحة منابر للمواهب الجديدة لعرض أعمالهم، ويعتبر هذا الحدث نصف السنوي محوريا في تحديد الاتجاهات في المواسم المقبلة وتأثيرها يصل جميع الأمم من النخبة إلى أسواق البيع بالتجزئة في الشوارع.
التعليق:
صناعة الأزياء تصور نفسها على أنها ذروة الإنجاز البشري والتنمية الثقافية لأنها تتيح للجانب الإبداعي في الإنسان أن يكون حرا وغير مقيد في التعبير عنها. ومع ذلك فإنه لا يكون تحليلا عميقا إذا اعتبرنا أن صناعة الملابس لكي تحقق الموضة يجب تغذيتها بالفن والفكر، ولكن مثل كل الصناعات القائمة ضمن وجهة نظر رأسمالي علماني. ويسيطر على عالم الموضة عدد قليل من النخبة وهؤلاء بدورهم من اختيار عدد قليل من المصممين الأنانيين المهووسين والطموحين للشهرة والمجد الشخصي. وجذب وسائل الإعلام للدعاية هو جزء لا يتجزأ من أسبوع الموضة. والمصممون يعرفون جيدا أنه لا يوجد شيء مثل “الصحافة السيئة”. في هذا الصدد أي فرصة لصدمة وغضب الجمهور تتابع بكل حزم وهذا يعني أن كل الأنظار موجهة إلى أسماء الشركات والعلامات التجارية. في السياق الليبرالي العلماني جميع الأزياء يجب أن تتبع الصيغة التالية:
1) انتهاك القواعد والأخلاق الإسلامية مثل طمس الهوية بين الجنسين وكشف العورة في الأماكن العامة.
2) غياب التفكير العقلاني في خلق ملابس سخيفة وغير عقلانية لا يمكن أبدا ارتداؤها في الواقع. هذا الجانب كثيرا ما يمتد إلى تشويه جسيم لأشكال الجسم الطبيعية الجميلة التي خلقها الله سبحانه وتعالى وهناك من الناس من اعتمد أشكالاً غريبة أو أشكالاً حيوانية مثل معطف مصنوع من الشعر البشري (عتيل كوتوغلو، في مجموعة شتاء وخريف 2014-2015) في عرض أسبوع الأزياء في اسطنبول.
3) يتم تطوير أفكار جديدة لدرجة تجاوز حدود ما هو ضار على المستوى النفسي والجسدي. ومثال من الماضي “هيروين شيك” في منتصف التسعينات وهو نموذج مدمن مخدرات بجلد شاحب وهالات سوداء تحت العينين ونقص حاد في الوزن بمظهر مخنث وممارسات “قياس صفر” تبدو وكأنها ‘قهمية’ (فاقد للشهية) وهي عادة سيئة للشباب.
وأحداث أسابيع الأزياء ليست فقط كمنصة للـ”رؤية”، ولكن لكي تُرى وليتم حضورها وليوجد فيها “العظماء” لأن هذا يتيح لضحايا الموضة لرفع وجودهم المتواضع إلى مستوى أعلى، وهي حقيقة لقيت اهتماماً متزايداً من الكوميديين الساخرين الذين كشفوا عن الطبيعة الضحلة ل”مهووسي الموضة” (أشخاص كرسوا حياتهم للأزياء والملابس الفريدة من نوعها خاصة أواخر الصيحات). اخترع هذا الشهر أحد الكوميديين المشهورين أسماء مصممين ومعارض أزياء وهمية ثم سأل الحضور في أسبوع الموضة عن آرائهم فيهم ونظرا لسطحيتهم وعقلية القطيع التي يملكها محبوّ الأزياء، تظاهر العديد منهم أنهم يعرفون من هم هؤلاء المصممين حيث أشادوا بملابس سخيفة مثل اللباس الذي يغلق خط الرقبة لذلك تجد الوجه مغطى بشكل كامل عندما يتم ارتداؤه. وبرر أحد الأشخاص استعداده لدفع 3000 دولار لهذا الفستان الذي سمي ‘فستان الاختناق’! الحمد لله على عقيدة الإسلام الذي نهض حقّاً بالإنسان من خلال التأكيد على أن مكانة الرجل والمرأة على حد سواء تقاس وفقا لقربه من الحق وعلاقته بالله سبحانه وتعالى خالق السماوات والأرض. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
وفي اتباع عقيدة الإسلام هناك نبل وكرامة في أن يكون الإنسان عبدا لله سبحانه وتعالى لأنه هو رب السموات والأرض الذي يستحق الاتباع. عالم الموضة يخلق وهم النجاح الكاذب عند الناس، يمدحون بعضهم بعضا لأجل الملابس التي يرتدونها، في حين يضمرون الأفكار والسلوكيات الأسوأ. الحقيقة هي أن عالم الموضة لا يولي اهتماما لا للفن ولا لعظمة الإنسان وليس لديه سوى هدف واحد هو إقناع الناس بشراء الملابس بانتظام، لأنهم يحتاجونها من أجل القبول الاجتماعي. أما المسلم فهو فوق هذا الغرور الباطل، حرر نفسه من عبادة الخلق ليسعى للسعادة الحقيقية وهي قبول ورضوان الله عز وجلّ.
كتبته لإذاعة المكتب الاعلامي المركزي لحزب التحرير
عمرانة محمد
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير