Take a fresh look at your lifestyle.

الحديث الشريف باب لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في “باب لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه”.

حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن الزبير بن عدي قال: “أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج فقال اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم”، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم.

قال ابن بَطَّال: هذا الخبر من أعلام النبوة لإخباره صلى الله عليه وسلم بفساد الأحوال، وذلك من الغيب الذي لا يُعلم بالرأي وإنما يعلم بالوحي. وقد استشكل هذا الإطلاق مع أن بعض الأزمنة تكون في الشر دون التي قبلها ولو لم يكن في ذلك إلا زمن عمر بن عبد العزيز، وهو بعد زمن الحجاج بيسير، وقد اشتهر الخبر الذي كان في زمن عمر بن عبد العزيز، بل لو قيل: إن الشر اضمحل في زمانه لما كان بعيدا، فضلا عن أن يكون شرا من الزمن الذي قبله وقد حمَلَهُ الحسنُ البصري على الأكثر الأغلب، فسئل عن وجود عمر بن عبد العزيز بعد الحجاج فقال: لا بد للناس من تنفيس. وأجاب بعضُهم أن المراد بالتفضيل تفضيل مجموع العصر على مجموع العصر. فإن عصر الحجاج كان فيه كثير من الصحابة في الأحياء وفي عصر عمر بن عبد العزيز انقرضوا، والزمان الذي فيه الصحابة خير من الزمان الذي بعده لقوله -صلى الله عليه وسلم-: “خير القرون قرني”.

لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه، وهل يوجد زمان أشر من هذا الزمان الذي نحيا؟ فقد أطبق الشر علينا من أطرافه، حتى أصبح فيه الخير لا يكاد يُرى، فلا تغرّنكم الحياة العصرية، ولا تغرّنكم الحضارة الرأسمالية ولا المدنية، ولا يغرنكم التقدم التكنولوجي والعلمي، ولا التقدم الصناعي ولا التقدم في اختراع القنابل الذكية التي تقتل الإنسان على البطاقة. ولا يغرنكم وضع الإنسان قدمه على سطح القمر أو المريخ، ولا تغرنكم أجهزة التنصت فائقة الدقة المزروعة في كل مكان في حياتنا، والتي تعُدُّ علينا أنفاسنا، ولا تغرنكم أساليب الكذب والنفاق والعهر السياسي الذي انكشف حتى للعمي من الناس، ولا تغرنكم اللحى والذقون التي نصّبت من نفسها محاميا للشيطان تدافع عنهم كما لو أنهم ملائكة تنزلت من السماء. لا يغرنكم هذا وغيره، فالزمان زمان عهر وفجور، تولى كبرَهُ حكام أشقياء وعصابات وعلماء سلاطين، باعوا أنفسهم بدنيا غيرهم، فالزمان زمان كفر والدار دار كفر والنظام نظام كفر، ولم يأت زمان على الأمة منذ عهد النبوة إلى الآن أشر من هذا الزمان، فحكامنا يصنعون زماننا كما يشاءون، وصدق التابعي الجليل القاسم بن مُخيمرة إذ قال: “إنما زمانكم سلطانكم، فإذا صلح سلطانكم صلح زمانكم، وإذا فسد سلطانكم فسد زمانكم”.

أيها المسلمون:

هذا زمن الجبرية التي تحدث عنها رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم-، زمان لا يمكن أن نتخلص من الشر الذي فيه إلا إذا خرجنا منه بالكامل، ودخلنا في زمان الخلافة الراشدة الثانية بالكامل، تحقيقا لما نطق به الحبيب محمد- صلى الله عليه وسلم- “ثم تكون خلافة على منهاج النبوة”، بهذا وبهذا فقط نتخلص من الشر الذي نعيش. وبهذا وبهذا فقط نعيش الحياة كما أرادها لنا صاحبها سبحانه وتعالى، وغير ذلك من ترقيعات ستزيد الأمة رهقا وبعدا عن كتاب ربها، وشرا لا يمكن التنبؤ بوقت زواله. اللهم مكن لنا في الأرض كما مكنت للذين من قبلنا.

اللهمَّ عاجلنا بخلافة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرْ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم