مع الحديث الشريف “باب شدة الزمان”-1
نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجه في “باب شدة الزمان”
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون حدثنا عبد الملك بن قدامة الجمحي عن إسحق بن أبي الفرات عن المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل وما الرويبضة؟ قال الرجل التافه في أمر العامة”.
قوله: (سنوات) جمع سنة بعد ردها إلى الأصل فإن أصلها سنو بالواو (خداعات) بتشديد الدال للمبالغة قال السيوطي: أي تكثر فيها الأمطار ويقل الربيع فذلك خدعها، أي: لأنهم تطمعهم بالخير، ثم تختلف، وقيل: الخدعة القليلة المطر من خدع الريق إذا جف. (الرُّبَيْضةُ) تصغير رابضةٍ وهو الذي يرعى الغنم، وقيل: هو العاجز الذي رَبَضَ عن معَالي الأُمور وقَعَد عن طَلبها، وزيادة الهاء للمبالغة في وصفه، جعل الرابِضَة راعِيَ الرَّبِيض كما يقال داهية، قال: والغالب أَنه قيل للتافه من الناس.
أيها المستمعون الكرام:
لقد عجز زعماء قريش ما استطاع حكامكم في هذه الأيام، فحكامكم تغلبوا على كل الزعماء والشياطين، فقد قلبوا كل الأفهام والمعايير، قلبوا الحقائق قلبوا الموازين، قلبوا العقول قلبوا التفكير، قلبوا المشاعر والأحاسيس، خلقوا واقعا لم يسبقهم به أحد من العالمين. لم يبقَ إنسان إلا واشتكى من قرفهم، لم يبق شجر أو حجر إلا ولعنهم، لعنتهم الأمة ولعنتهم ملائكة الأرض والسماء. ذلك لفجورهم وكذبهم وخيانتهم كما خبّر الصادق الأمين – صلوات ربي وسلامه عليه.
هذه الرواية التي تدل على انقلاب المعايير وتنكب الناس الصراط المستقيم بسبب هؤلاء الرويبضة، فتراهم يضعون ثقتهم في المحل الذي لا ثقة فيه، بينما يحجبون ثقتهم عمن هو أهل للثقة.
نعم، أظلنا ذلك الزمن وصرنا نرى بأم أعيننا كيف يصدق الناس الكاذب ويكذبوا الصادق ويأتمنون الخائن ويخونون الأمين، وما كان الناس ليصلوا لهذا الواقع الأليم لولا حجم الكذب والخيانة عند الحكام، والأنظمة الكاملة التي شكّلت لهذا الأمر، ولم يقتصر فساد السنوات الخداعات واختلال الموازين وانقلاب المفاهيم عند هذا الحد، ففوق كل هذا وذاك خرج على الأمة الرويبضة بتفاهاتهم، ينعقون في الأمور العامة التي يعم أمرها الأمة كلها، استطاعوا أن يخدعوا الأمة فتاهت في بحور كذبهم فغرق منها من غرق وتاه من تاه، وأصبحت لا تلوي على شيء، إلا من رحم الله.
أيها المسلمون:
وكما لهؤلاء الرويبضة جولة، فللأمة أيضا جولة، بل جولات، فرسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم – الذي أخبر بهذا الواقع الأليم، أخبر أيضا عن عودة الموازين المقلوبة والمفاهيم المغلوطة إلى ما يجب أن تكون عليه، فقد تحدث عن عودة الإسلام من جديد وبشّر بهذا، وقد وعدنا الله تعالى بهذا. وذلك من خلال دولة الخلافة القادمة قريبا بإذنه تعالى.
فاللهمَّ عاجلنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرْ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
مستمعينا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.