خبر وتعليق على من تكذبون؟!
الخبر:
طالب مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء، 24 من أيلول/ سبتمبر 2014م، كل الدول بأن تجرّم بشدة سفر مواطنيها إلى الخارج للقتال مع الجماعات المتشددة، أو لتجنيد آخرين، أو تمويلهم للقيام بذلك، في تحرك أثاره صعود تنظيم “داعش”. وفي جلسة ترأسها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وافق المجلس المؤلف من 15 دولة بالإجماع على مسودة قرار صاغتها الولايات المتحدة تلزم الدول “بمنع، وقمع” سفر المقاتلين المتشددين إلى الصراعات الخارجية وتجنيدهم. وقد صدر القرار بموجب البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، مما يجعله ملزماً للدول الأعضاء في المنظمة الدولية (البالغ عددها 193 دولة)، ويعطي مجلس الأمن سلطة فرض العقوبات الاقتصادية أو استخدام القوة.
وفي مستهل الجلسة، أكّد أوباما على تضامن بلاده مع فرنسا إثر مقتل الرهينة الفرنسي في الجزائر بيد مجموعة متطرفة، وقال مخاطباً نظيره الفرنسي: “نحن معكم ومع الشعب الفرنسي في وقت تواجهون فيه خسارة رهيبة وتقفون ضد الرعب دفاعاً عن الحرية”، وذكر بتأكيد الخبراء أن نحو 12 ألف مقاتل أجنبي قد توافدوا من أكثر من ثمانين بلداً للانضمام إلى التنظيمات “المتطرفة” في العراق وسوريا في الأعوام الأخيرة.
التعليق:
في أعقاب حادث استهداف البرجين في نيويورك، عام 2001م، خرج الرئيس الأمريكي جورج بوش – وقبل ظهور أي تقرير أمني أو قضائي من أية دائرة أمنية أمريكية – معلنا أن تنظيم “القاعدة” هو الذي استهدف البرجين، ثم سارع في تجييش دول التحالف لغزو أفغانستان، مستهدفا معسكرات القاعدة، ومطيحا بحكومة طالبان، ومسيطرا على أفغانستان المليئة بالثروات والخيرات، ولم يصدر لغاية الآن أي تقرير رسمي من أية دائرة رسمية أمريكية أو غير أمريكية يؤكد وقوف تنظيم “القاعدة” وراء الحادث، واكتُفي بمباركة زعيم القاعدة للعملية!
وبعد عامين من ذلك “اكتشفت” أمريكا وحلفها الصليبي أن في العراق أسلحة دمار شامل، تهدد أمن المجتمع الدولي واستقراره، فجيّشت هي وحلفها الجيوش، واحتلت العراق، فقتلت البشر ودمرت الحجر والشجر، ونهبت خيرات العراق النفطية وغير النفطية، ولم تسلم من نهبها حتى المتاحف التاريخية، وما زالت أمريكا وحلفاؤها تبحث عن تلك الأسلحة، التي تبين أنها لم تكن إلا كذبة سمجة أجمع الحلف كله على ترديدها!
والآن، وبعد أن تحققت أمريكا وحلفها من ثورات الربيع في العالم الإسلامي، وفي قلبه النابض في البلدان العربية، تأكد لها أن ثورة الشام ثورة إسلامية نقية مباركة، ستفضي – بإذن الله – إلى انعتاق العالم الإسلامي من ربقة الاستعمار الصليبي، وعودته مرة أخرى ليتوحد تحت راية دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة، بعد أن تحققت أمريكا وحلفها من هذه الحقيقة – أو كادت – خرجت بالكذبة نفسها التي بها احتلت ودمرت أفغانستان والعراق، وهي مكافحة “الإرهاب” وملاحقته. فهل كان من قبيل الصدفة أن يُعلن عن مقتل الرهينة الفرنسي من قبل حركة مجهولة في الجزائر أثناء انعقاد اجتماع الجمعية العمومية لمجلس الأمن، الذي صدر عنه القرار المذكور في الخبر؟! وهل كانت مسارعة الرئيس الفرنسي لتأكيد مقتل الرهينة ولم يمر على إعلان قتله إلا سويعات كانت محض صدفة؟! وهل كانت مسارعة كل من رئيس الوزراء البريطاني والرئيس الأمريكي باستنكار مقتل الرهينة البريطاني، قبل التحقق من صحة الشريط الذي صدر عن مجهولين (بالرغم من تشكيك المختصين في صحة الشريط، وأنه ملفق ومصور في أحد استديوهات هوليوود)، هل كانت محض صدفة أيضا؟!
إن إصدار قرار بالإجماع بملاحقة وتجريم من يذهب إلى مناطق الصراع من مختلف البلدان العالمية ومنها الغربية، هو لاستدراك أية ردة فعل على عملياتهم الإجرامية التي لا يتحملها عقل بشر، وليس لوجود أعمال “إرهابية” تحصل فعلا في الغرب أو في أي بلد آخر كما يدّعون، لكن كذبهم لا ينطلي إلا على السذّج من الناس، وإن كانوا يعتقدون بأن الشعوب ساذجة وتصدق كذبهم فهم يعولون على قصر ذاكرة بعض الشعوب فقط، ومنها بعض الشعوب الغربية، الأنانية الفردية التي لا تهتم إلا بمصالحها الضيقة الآنية اليومية، أما جل الشعوب، ومنها كثير من الشعوب الغربية، فقد تأكد لها كذب هؤلاء المجتمعين في نيويورك وفي دار ندوتهم (مجلس الأمن).
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا»
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو عمرو