الصليبيون الجدد يجمعون كيدهم ويواصلون القتل والعدوان على بلاد المسلمين والحكام في المنطقة يقاتلون تحت لوائهم دون أن يستحيوا من الله ورسوله والمؤمنين
لا زالت أمريكا تواصل عدوانها على بلاد المسلمين بقذائف الطائرات وصواريخ البارجات منذ أن بدأت جولاتها الأخيرة في 2014/8/8 على العراق، ثم تصاعد هذا العدوان بالغارات على سوريا في 2014/9/23، وقد جنَّدت معها خونة الحكام في المنطقة، ثم تبعها الأحلاف والأتباع: فرنسا في 2014/9/19 وبريطانيا بموافقة برلمانها في 2014/9/26، وأشياعهم… حيث يشاركون أمريكا الحقد على الإسلام والمسلمين، ويتبعون خطواتها ليكون لهم شيء من نصيب…! وهكذا انغمست طائرات فرنسا خلف أمريكا في ذلك العدوان واصطفَّت بريطانيا كذلك مع ذلك الحشد الوحشي، والجميع يسوق الحجج الساقطة بأن كل هذا الحشد من أجل الحرب على التنظيم وعلى الإرهاب، في الوقت الذي تُدمّر فيه ثروة الأمة وتُزهق فيه أرواح المدنيين وتنتشر فيه هيمنة الكفار المستعمرين على المنطقة…!
لقد غزا الصليبيون القدامى وأشياعهم من التتار، غزوا بلاد المسلمين، ولكن الأمة وقفت في وجههم بكل قوتها، مجاهدةً في سبيل الله، ثم قطعت أركانهم ومزقت حبالهم، وجعلتهم أثراً بعد عين، وعادت البلاد مشرقة طاهرة من رجس أهل الشر والنفاق، فزال الصليبيون ولحق بهم التتار، وفرح المؤمنون بنصر الله ﴿يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾… وأوباما اليوم والصليبيون الجدد يعيدون كيدهم وحشودهم ضد بلاد المسلمين، وليس غريبا ولا عجيباً أن يفعلوا، فإنهم ﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾، أما أن يصطفَّ في تلك الحشود حكامٌ في بلاد المسلمين يرسلون طائراتهم تقصف البلاد والعباد في الوقت الذي فيه تلك الطائرات لا تحرك ساكناً تجاه يهود المغتصبين لفلسطين، حيث ارتكب يهود بالأمس عدوانهم الوحشي على غزة، ولا زالوا يعيثون في الأرض المباركة الفساد… هذه الطائرات الساكنة تجاه يهود، النشطة المتحركة في صفوف الكفار المستعمرين هي بحق َإحدى الكُبَر!
أيها المسلمون: إنكم أمة عزيزة تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله، فكيف تسكتون على عدوان غاشمٍ مجرم يشنُّه أعداء الإسلام والمسلمين على البلاد والعباد؟ كيف لا تبذلون الوسع مع أبنائكم في القوات المسلحة لتغيير هؤلاء الحكام الموالين للكفار المستعمرين، فتُكتب للآباء والأبناء صحائفُ بيضاء في الدنيا والآخرة بمداد شريف كريم؟ كيف لا تبذلون الوسع مع أبنائكم الطيارين ليوجِّهوا قاذفاتهم نحو مغتصبي فلسطين؟ كيف لا تبذلون الوسع مع أبنائكم الطيارين ليمتنعوا عن إلقاء أية قذيفة على ثروة الأمة وجبالها وسهولها التي فتحها أجدادكم في سبيل الله، فلم يخلُ شبرٌ منها من قطرة دم لشهيد أو غبار فرس لمجاهد؟ كيف لا تبذلون الوسع في منع أبنائكم من أن يبيعوا آخرتهم بدنيا أوباما وأشياعه من الحلفاء والعملاء؟
أيها الطيارون الذين تقودون طائراتكم لقتل إخوانكم مع أنكم لا تقودونها في قتال عدوكم المغتصب لأرض الإسراء والمعراج، أرض الأقصى الأسير، أرض أحرار المسلمين وحرائر المسلمين الذين يُمنعون من الصلاة فيه؟ أليس منكم رجل رشيد يلوي عنق طائرته لتصبَّ حِمَمَها على الكفار المستعمرين وعلى يهود؟ إن قتل المسلم من إخوانكم في سوريا أو في العراق لأمر كبير عند الله يدخل صاحبه ناراً تلظى في الآخرة، وخزياً مشهوداً في الدنيا لا يفارقه، فإن زوال الدنيا أهون عند الله من قتل امرئ مسلم، أخرج الترمذي عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ».
أيتها الكتائب والفصائل المقاتلة في سوريا والعراق: إن معالجة انحراف تنظيم الدولة لا يكون بالاستعانة بأمريكا وأحلافها، فهؤلاء لا يهمهم التنظيم بقدر ما يهمهم مصالحهم وبسط نفوذهم وهيمنتهم على المنطقة، وهم لا يقيمون لكم وزناً إلا بمقدار خدمتكم لمصالحهم، وهم يريدونكم عبيداً لهم كخونة الحكام في المنطقة، يعلنون ذلك ولا يخفونه، فهم يريدون تدريبكم ليس لقتال طاغية الشام، بل للاقتتال فيما بينكم… إننا ندرك أن التنظيم يقتل من أبناء المسلمين ويعتقلهم ومن بينهم شباب حزب التحرير، ولكننا ندرك كذلك أن أمريكا تحشد حشودها، ليس لإزالة التنظيم، بل لبسط نفوذها والهيمنة على المنطقة بإعداد الحل الاستعماري لنظام الحكم في العراق ونظام الحكم في سوريا، ويكون النظامان مدخلاً لتمدُّد هذا الاستعمار، الخطِر الجديد، على كامل المنطقة إذا ما نجحوا في مسعاهم الشرير، وهم حالياً يريدون إشغالكم في الاقتتال إلى أن تفرغ أمريكا من إعداد البديل ثم تلقي بكم إلى قارعة الطريق إن لم تكونوا خدماً لها وطوع بنانها كما عملته وتعمله مع الحكام الخونة الذين خدموها سنوات وسنوات ثم لما استنفدوا أدوارهم في خدمتها تركتهم في مصير بئيس ومكان سحيق… ولو تدبرتم استراتيجية أوباما لرأيتموها ذات أبعاد زمنية متطاولة في الإعداد والتدريب والحشد لسنوات حتى تجد العميل اللاحق مكان العميل السابق… إنه ليس في استراتيجية أوباما وأحلافها خيرٌ لسوريا والعراق وأهل سوريا والعراق، كيف وهم ﴿لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ﴾ بل هي استراتيجية الإمساك بالمنطقة ومن حولها إمساكاً تريده أمريكا لا انفكاك بعده، ولسان حالها يقول: “خَلا لكِ الجوُّ فبيضي واصْفُري”.
أيها المسلمون، أيها الطيارون، أيها الثوار والكتائب والفصائل: إن انحراف التنظيم يعالج بأيديكم وبعقولكم وليس بالاستعانة بالكفار المستعمرين، ولا بالاقتتال فيما بينكم ، فشر التنظيم أهون ألف مرة من شر أمريكا وأحلافها إذا نجحوا في الاستحواذ على البلاد والعباد… إن الشر لا يعالج بشر أضخم وأعظم، بل يعالج الشر بالخير، ويعالج الانحراف بالاستقامة، ويعالج الطالح بالصالح… وبيان كل ذلك في أحكام دينكم العظيم فيتحقق وعد الله على أيديكم ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، ويكرمكم الله سبحانه بتحقيق بشرى رسوله صلى الله عليه وسلم «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، ومن ثم تشرق الأرض بالخلافة من جديد ويلحق الصليبيون الجدد بأشياعهم القدامى دون أن ينالوا خيرا، بل هزيمة وقهراً، ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
أيها المسلمون، أيها الطيارون، أيها الثوار والكتائب والفصائل:
إن حزب التحرير يدعوكم، فهل من مجيب؟ إن حزب التحرير يذكِّركم، فهل من مدَّكر؟ إن حزب التحرير يدعوكم للنظر في تاريخكم، فهل من ناظر معتبر؟ إن حزب التحرير يبصِّركم، فاعتبروا يا أولي الأبصار… ﴿إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ﴾.