خبر وتعليق مجلس حقوق الإنسان والأمم المتحدة التي يتبع لها منظمات معادية للأمة الإسلامية يجب العمل على قطع يدها عن التدخل في شؤوننا واستبدال غيرها بها
الخبر:
جاء في جريدة اليوم التالي السودانية ليوم الجمعة، 26/9/2014 خبران يتعلقان بالسودان ورد فيهما:
“تمت تسمية توماس إدوارد خبيرا مستقلا لحقوق الإنسان في السودان، بديلا للخبير السابق مسعود بدرين،…”. وفي الخبر الثاني: “اتهمت الحكومة بعض الدول بأن لديها أجندة ومواقف سلبية من السودان باستغلال ما يجري في البلاد من قضايا لإصدار قرارات سالبة ضد السودان…… واعتبر أن قضية أبرار أو أحداث سبتمبر أو غيرها من القضايا هي سلسلة من الحجج ضد السودان في كثير من المحافل”.
التعليق:
الأمم المتحدة منظمة دولية لاحقة في نشأتها لما سمي حينه بعصبة الأمم، وعصبة الأمم هذه كانت تجمعاً للدول الأوروبية النصرانية سعت من خلاله لمواجهة دولة الخلافة العثمانية في ذاك الزمان. لم تبتعد المنظمة اللاحقة عن هدف المنظمة الأم، وإنما أضافت إليه مواجهة وإخضاع كل الشعوب والأمم غير الغربية (دول أوروبا، أمريكا الشمالية عدا المكسيك، ودول قارة أستراليا) لإرادة الدول التي تتحكم في السياسة الدولية ونخص منها الولايات المتحدة الأمريكية كقائدة للمعسكر الغربي. كثير من الساسة في العالم الإسلامي وغيره، خصوصا في قارة أفريقيا وأمريكا اللاتينية يدركون هذه الحقيقة ويصرحون بها. أما قادة أمريكا الجنوبية وبعض الدول الأفريقية فينقصهم مبدأ عظيم يقودهم ويدفعهم لتبني بدائل تخرج شعوبهم والشعوب المستضعفة في بوليفيا وبنما وليبيريا وغيرهم، من استعباد وظلم وتجاهل الأمم المتحدة لقضاياهم الحقيقية وانشغالها بتحقيق مصالح الدول الاستعمارية الكبرى، وذرها للرماد في العيون بتقديم نصح هنا وحفنة من الغذاء هناك. أما قادة ورؤساء وأمراء وملوك العالم الإسلامي فما الذي يجعلهم يسيرون في ركاب هذه المنظمة الضالة المضلة الظالم منهجها المعوجة قواعدها؟ قبل أن نجيب على هذا التساؤل ننقل قولا لأحد هؤلاء القادة، اسمه رجب طيب أردوغان، ورد الخبر في الجريدة آنفة الذكر في نفس التاريخ، يقول فيه منتقدا سياسة الأمم المتحدة تجاه ما حدث في مصر في 30 يونيو 2013: “إن بلدا يدّعي الديمقراطية قتل فيه الآلاف من رافضي (الانقلاب) ويُحاول أن يعطي الشرعية لمن قام به”، متسائلا “لماذا إذن الأمم المتحدة موجودة”. نجيب فنقول:
هؤلاء القادة يطلقون هذه الأقوال لامتصاص غضب شعوبهم تجاه أفعال الأمم المتحدة الظالمة، وتوددا لأمتهم وذرا للرماد في عيونها حتى لا تنتفض هذه الشعوب عليهم وتنفض من حولهم وتستبدل غيرهم بهم. فهم يطلقون هذه الأقوال ويساهمون في دفع نفقات الأمم المتحدة من أموال شعوبهم المظلومة ولا يقومون بأعمال جادة لرفع هذا الظلم. فكما ذكرنا فغير المسلمين لا يملكون بديلا حضاريا للمنظومة الفكرية التي أسست عليها المنظمة الدولية وتوابعها كمجلس حقوق الإنسان، أما أمة محمد صلى الله عليه وسلم فهي تمتلك مبدأ الإسلام العظيم الذي ثبت أصله عقلا وبان صوابه حين كان مطبقا في دولة كانت ملء السمع والبصر لقرون عديدة، فلماذا لا يقوم القوم بحمل مشعل الخير للعالم أجمع وإنهاء الظلم الذي استشرى في شتى بقاع الأرض من مشرقها إلى مغربها ومن شمالها إلى جنوبها؟ فالأفرو أمريكان يقتلون كالذباب بين الفينة والأخرى، والناس في غرب أفريقيا يموتون بسبب فيروس لا ندري من الذي أطلقه، والمسلمون في بورما يحرّقون ويذبّحون كالنعاج، وكذا يفعل بهم في أفريقيا الوسطى، أما غزة هاشم قلعة الصمود والإباء فتدك فيها البيوت والمدارس على رؤوس الأطفال والنساء وتهدم فيها المستشفيات ومحطات الكهرباء، ويتحرك العالم وأممه المتحدة تحركات خجولة لا تحمي طفلا ولا ترد حقا ولا تشفي غليلا. وفي المقابل يذبح أمريكي أتى لساحة المعركة برجليه متصديا لخبر وراغبا في زيادة مكانة ورفعة بين قومه، وينحر آخر سعى سعي الأول وربما زاد عليه بأن كان أذنا لقومه هناك بشكل مباشر أو غير مباشر، فتقوم الدنيا ولا تقعد ويستنفر العالم وتذرف الدموع من أهله ومن المسلمين أيضا، ويجتمع الرؤساء والوزراء وتعقد الأحلاف، وتجهز الجيوش وترسل الطائرات، بعد أن يقوم علماء السوء والضرار بالتحدث للمسلمين من طياريها، وتحرق الأرض من تحت أقدام أهلها الظالم منهم والبريء، ويقرر ابتداء أن المعركة ستدوم لسنين بشكل لا يتناسب مع الخطر القائم مطلقا، وتصمت الأمم المتحدة التي ترفض عادة كل حلف لا يحمل ختمها حين القيام بهكذا تحركات ولكنها في الحقيقة تقر كل ذلك بحضورها للاجتماعات ومشاركتها فيها. نقول لم يسعَ قادة المسلمين كرجب تركيا لتغيير ورفع هذا الظلم على أساس الإسلام لأنهم ببساطة يؤمنون بأن للإنسان ربا وخالقا ولكنهم لا يسلّمون بحق هذا الرب في حل كل مشاكل الإنسان، وإن آمن بعضهم بذلك فهم يدّعون بأنّه لم يعط حلا لكل مشكلة وحادثة، وفي الحقيقة فحالهم خليط بين هذا وذاك وفيهم غير ذلك كثير! أما المستغرب فهو موقف العلماء والمشايخ كما يسمونهم، فكيف تسكتون على عدم إرسال الطائرات لرد عدوان اليهود في فلسطين المباركة على أهل غزة في رمضان، وتباركون إرسالها لضرب المستضعفين من المسلمين في بلاد الشام الأبية بحجة محاربة تنظيم الدولة وغيره من الجماعات التي تقاتل طاغية الشام؟ وما هذه الاستجابة السريعة بسلاح الجيوش في هذه الحالة وطاغية الشام فعل ما فعل بإخواننا وأخواتنا وأنتم تنظرون؟ ألا تخافون أن ينطبق عليكم وعلى كل الصامتين قول المولى عز وجل عن فرعون: ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾، وقوله: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾.
نصدق وعد ربنا بالاستخلاف والتمكين من جديد لدينه في الأرض، ونفرح ببشارة رسولنا «ثم تكون خلافة على منهاج النبوة» في حديث الإمام أحمد الذي رواه الطيالسي، ولكننا نحزن أشد الحزن على حال امتنا ومصابها، وندعو الجميع للسعي الواعي مع الساعين لنبذ حكام الضرار وعلماء السوء والعمل الجاد لإيجاد كيان للمسلمين يوحد كلمتهم ويجمع شعثهم ويقوي شوكتهم ويسعى لرفع الظلم عن كل المظلومين مسلمين وغير مسلمين، وتكون المادة 191 في دستوره:
“المنظمات التي تقوم على غير الإسلام، أو تطبق أحكاما غير أحكام الإسلام، لا يجوز للدولة أن تشترك فيها، وذلك كالمنظمات الدولية مثل هيئة الأمم، والمحكمة الدولية وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وكالمنظمات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية.” منقول من مقدمة الدستور أو الأسباب الموجبة له – القسم الثاني (النظام الاقتصادي، سياسة التعليم، السياسة الخارجية) – من منشورات حزب التحرير.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو يحيى عمر بن علي