خبر وتعليق مسرحيات أردوغان لا تنتهي
الخبر:
انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأحد سماح الأمم المتحدة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي – دون أن يذكره بالاسم – بإلقاء كلمة من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتساءل أردوغان خلال كلمة ألقاها في المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في إسطنبول إذا كانت الأمم المتحدة “مكاناً مناسباً لكي يلقي فيه الانقلابيون خطاباتهم؟”
وأضاف الرئيس التركي قائلاً “رئيس حصل على 52% من أصوات شعبه يقوم أحد وزرائه بالانقلاب عليه، ثم يمنح الشرعية من قبل دول ديمقراطية، شخص يقتل من شعبه في يوم واحد أكثر من خمسة آلاف مواطن ثم يمنح الفرصة ليصعد منصة الأمم المتحدة”.
وأضاف أردوغان أنه لا يمكن أن يكون في نفس الصورة مع هؤلاء – في إشارة للسيسي- وهو ما دفعه لمقاطعة الجلسة التي تحدث فيها الرئيس المصري، لأنه لن يستطيع شرح الأمر للشعب التركي.
التعليق:
لقد اعتاد أردوغان على التمثيل ونسج سيناريوهات رنانة كفقاعات الصابون تدغدغ مشاعر الناس وهي في حقيقتها فارغة من أي مضمون، ولا تعدو أكثر من كونها ذراً للرماد في العيون، هدفها الأساسي تضليل الشعب التركي وشعوب المنطقة بشخصية أردوغان الكريزماتية لتحقيق أهداف خبيثة تصب في مصلحة الدول الفاعلة والمؤثرة حقيقة في سياسة أردوغان وعلى رأسها أمريكا المجرمة.
وقد اختار أردوغان هذه المرة لمسرحيته الهزلية أن تكون من جزئين، أولهما مقاطعته لكلمة السيسي في الأمم المتحدة، والجزء الثاني اختاره أن يكون في اسطنبول ليخاطب فيه الشعب التركي تحديدا، بعد أن ادعى سابقا أنه ما كان بإمكانه حضور خطاب السيسي كونه لا يمكن شرح ذلك للشعب التركي، أي أن الشعب التركي يقف ضد النظام المصري الانقلابي، وأن أردوغان يقف مع شعبه، ولا يمكنه إلا أن يسير وفق إرادة الشعب التركي، وهذا بالضبط ما يحاول أردوغان إظهاره، أنه يقف نفس الموقف مع الشعب المسلم في تركيا، وهذا هو الكذب والتضليل والخداع بذاته.
ومحاولة لفهم السبب الآني في إبراز مسرحية أردوغان هذه، أي لفهم كيفية استثمارها شعبيا من طرفه، فإن الوضع السياسي الراهن في المنطقة وتشكيل حلف أمريكا الصليبي لتثبيت هيمنتها ونهبها للثروات ومحاولتها لمنع انعتاق الأمة الإسلامية من ربقة الاستعمار، من خلال ضربها للثورة الإسلامية في الشام وتقسيمها للعراق، قد جعلها تطالب بتوسيع الحلف وإدخال تركيا فيه، فكانت التصريحات المتتالية لمسؤولين أمريكيين عن أهمية الدور التركي والتدرج في الكشف عن هذا الدور، ولحقتها تصريحات أردوغان المتلاحقة حول أهمية دخوله في حلف أمريكا الصليبي وإنشاء منطقة عازلة في شمال سوريا، ومحاولاته إقناع الشعب التركي بذلك، مما يدلل على حقيقة محاولات أردوغان الظهور بمظهر السياسي الفذ والباحث عن العدل أينما كان، سواء بفضح السيسي في مصر أو مهاجمة الموقف الإماراتي المتواطئ علنا مع السيسي، أو في دخول حلفاً ضد الإرهاب والتطرف!!
وهذا الأسلوب الرخيص ليس غريبا على أردوغان، فسبق وأن انسحب من مؤتمر دافوس أمام عدسات الكاميرات واستمر بعلاقته الوطيدة بكيان يهود، وسبق له الجعجعة الفارغة بعد مجزرة سفينة مرمرة وانتهت بمكالمة هاتفية من نتانياهو بأمر مباشر من أوباما عبر فيها نتانياهو عن أخطاء (تقنية) أدت لمقتل المتضامنين الأتراك، وكذلك الطائرات التركية التي جاءت لتطفئ لهيب نيران محرقة الكرمل ولكنها لم تر محرقة غزة مرتين ولم تحرك ساكنا، ناهيك عن خطوطه الحمراء في سوريا والتي أصبحت بيضاء مستباحة ولم تحرك نخوة أردوغان لينصر أهل الشام، بل لقد استباح النظام السوري أرض تركيا وأسقط طائرات تركيا ومع هذا لم يتحرك أردوغان وبقي صامتا صمت القبور بالرغم من تباين موقفه مع موقف الشعب التركي المسلم.
أما بعد أن أمرته أمريكا بالمشاركة بحلفها الصليبي في سوريا والعراق فكان خير من لبى، ولهذا فهو يحاول حشد الرأي العام في تركيا لإقناعه بالمشاركة بهذا الحلف المشؤوم، ولكن هذا لن يقف عائقا أمام هذه المشاركة، فهذا ديدن العملاء في استجابتهم لأوامر أسيادهم.
إن حال أردوغان لا يختلف عن حال السيسي من زاوية العمالة والخيانة والسير في درب أمريكا، ولكن لكل منهما ظروفه السياسية الحالية وقدرته على المساعدة بتثبيت نفوذ أمريكا في المنطقة، تماما كما كان حال تركيا وإيران في إظهار تنافس بينهم أوصلتهم للتنسيق التام بهدف احتواء ثورة الشام بضربها عسكريا من جهة وباستقطاب قيادات الثوار من جهة أخرى، وكله يصب في خانة القضاء على الثورة.
أما وبعد أن فشلت كل الأساليب الشيطانية في القضاء على هذه الثورة الربانية المباركة، فقد ظهر الوجه الحقيقي للحكام الخونة الذين ادعوا زورا وبهتانا الوقوف إلى جانب الثوار، وعلى رأسهم أردوغان الخائن المتلون كالحرباء.
ولو كان صادقا لانسحب من الأمم المتحدة ولكشف عوار الدول التي تدعي الديمقراطية الكاذبة، ولتبرأ من الدول المؤثرة فيها وعلى رأسها أمريكا بدل أن يدخل حلفها الشرير.
لك الله يا ثورة الشام الأبية، ثورة يتيمة يرعاها رب البرية، وهو نعم المولى ونعم النصير.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو باسل