الحديث الشريف باب شدة الزمان 3
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في حاشية السندي في شرح سنن ابن ماجه في “باب شدة الزمان”
حدثنا واصل بن عبد الأعلى حدثنا محمد بن فضيل عن أبي إسماعيل الأسلمي عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر فيتمرغ عليه ويقول: يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر وليس به الدين إلا البلاء”.
لله دركم يا أهل القبور، أصبح الناس يغبطونكم على موتكم وعلى رقودكم في قبوركم، فقد لا يجدُ الأحياء اليوم من يقبرهم في الغد، لله دركم يا أهل القبور فأنتم أنقذتم أنفسكم من الفتن بعد أن تحكم وتمكن الباطل من الناس جميعا. لله دركم وقد أصبح أهل الحق يقفون على قبوركم متمنين أن لو كانوا مكانكم لما يرون من المعاصي والمنكرات المحيطة بالمسلمين إحاطة السوار بالمعصم.
هذه هي شدة الزمان، فبالرغم من أن الموت هو أعظم المصائب بالنسبة للإنسان، إلا أنه يتمناه، فهو يختار أهون المصيبتين. هذا حال أمة كانت في يوم أعرق الأمم وأعظمها. حالٌ غني عن الكلام بعد أن صرنا نرى بأعيننا ونسمع بآذاننا مشاهد القهر والظلم والتعذيب المفضي للموت، حتى أن بعضنا لا يستطيع متابعة مشاهد القتل لقسوتها، فبأي حق يتقدم مجرمو الأرض في كل مكان معلنين افتتحاح حفلات التعذيب لأناس أبرياء، لا تستغربوا هكذا يسمونها “حفلات التعذيب” مصورين هذه الفظاعات تصويرا على الآيفونات، فيفتتحونها بشتم الذات الإلهية – قاتلهم الله – مصرحين بكفرهم أمام الناس أجمعين، وتبدأ الركلات تصاحبها الشتائم اللاذعة القاهرة، وعندما يُسلم المسكينُ وتلَّهُ للجبين تخرج السكين من يد أحدهم لتبدأ بالتقطيع، ولتكن البداية بالأذن ولتنتهي بالرقبة…
أيها المسلمون:
وفي هذا المقطع من التصوير الذي ترونه كل يوم أمام ناظريكم ما يكفي ويغني، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. لكن لسنا من الذين يقفون عند هذا الحديث للبكاء، وإن كنا نبكي كما سائر المسلمين، ولسنا هنا لنقف على قبور من ماتوا وحقّ للمسلم أن يفعل ذلك بنص الحديث.
ولكنا هنا لنقول لكم: هكذا حجم الألم فكيف يكون حجم العمل؟ وهل هكذا ألم يقابله من العمل تلاوة القرآن فقط أو زيادة في عدد الصلوات مثلا؟ هل يقابله أن يحافظ المسلمون على صلواتهم الخمس في النهار ومشاهدة التلفاز ومتابعة الأخبار وبكاء الشهداء والجرحى في الليل؟ هل هذه هي المعادلة التي يريدها منا رب العالمين؟ أهكذا طلب منا رب العزة والجلال؟ أم تُرى اكتفى المسلمون من العمل بالكلام والمتابعة؟!
أيها المسلمون:
إن الجواب- لعمري- واضح وضوح الشمس، فلا دين لمن يقبل ولمن يسكت عمّا يحدث لهذه الأمة الكريمة، ألا فليعلم كل مسلم على وجه هذه البسيطة أنه واقف بين يدي الله وسيسأله رب العزة: ماذا فعلت للمسلمين وقد رأيتهم يقتلون ويذبحون أمام عينيك؟ ألم تسمع ب ” وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ”؟
فعن واثلة بن الأسقع – رضي الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “يؤتى يوم القيامة بعبد محسن في نفسه لا يرى أن له سيئة فيقال له: هل كنت توالي أوليائي؟ قال: يا رب كنت من الناس سلما، قال: فهل كنت تعادي أعدائي قال: يا رب إني لم أكن أحب أن يكون بيني وبين أحد شيء فيقول: وعزتي لا ينال رحمتي من لم يوالِ أوليائي ولم يعادِ أعدائي”
إن عدم مناصرة المسلمين وخاصة أهل الشام لهو من أعظم المنكرات بعد أن بان سبيل المجرمين وتكالب عالم الكفر عليهم وأتوهم من كل حدب وصوب. فيجب على الجيوش أن تتحرك من فورها لإيقاف الظالم المعتدي بالقوة وكفه عن القتل والتشريد والظلم والاعتداء قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره”. أولستم أيها الجنود مسلمين وتشملكم هذه الأحاديث والآيات؟ إن أجبتم بنعم أو بلا فإنكم مسؤولون.
فلا يجوز أن يقف أحدكم موقف المتفرج على ما يدور من حوله، فالمسلم كيس فطن. قال رسولكم – صلى الله عليه وسلم: “أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك”.
وفي الختام أسأل الله أن يشرح صدوركم للحق والخير فنسمع في القريب الخبر العاجل الذي يشفي صدور المسلمين. اللهم يا الله بلغنا الخلافة، فبها وحدها تعود فرحة المسلمين، فتُكفكف دموعُهم وتُشفى صدورهم.
اللهمَّ عاجلنا بخلافة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم