خبر وتعليق رفع الحظر عن ارتداء غطاء الرأس في مدارس البنات الثانوية في تركيا ليس هبة أو مِنّة، بل هو تحرك خبيث له أهداف سياسية (مترجم)
الخبر:
أعلن نائب رئيس الوزراء بولينت أرينتش في 22 أيلول/سبتمبر2014 عن إدخال تغيير على النظام المتعلق بزي طالبات المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم الوطني في تركيا. فقد تم حذف عبارة “حاسرة الرأس” الواردة في المادة 4/البند “هـ” وكذلك العبارة الأخيرة من نفس البند. وصرح وزير التربية والتعليم الوطني نبي أفتشي بأن رفع الحظر عن ارتداء غطاء الرأس سيبدأ من الصف الخامس فصاعداً.
التعليق:
يبدو للوهلة الأولى أن هذا التغيير في نظام الزي المدرسي قد أتاح للفتيات المسلمات أخيراً حرية اختيار ارتداء اللباس الإسلامي، ويبدو في الوقت ذاته أن كافة الحواجز التي تحول بينهن وبين التعليم قد أزيلت تماماً. ولكن ألم يكن هذا النظام نفسه قد فرض قبل عام فقط من الآن؟ وألم تكن الحكومة ذاتها هي من أدخلت مصطلح “حاسرة الرأس” على نظام الزي في مدارس وزارة التربية والتعليم الوطني التركية قبل سنة واحدة من الآن؟ كما أن الدستور التركي ما زال على حاله ولم يتغير، والنظام الديمقراطي العلماني المطبق في البلاد ما زال قائماً ولم يتغير، وبُغض الكماليين والجمهوريين للإسلام ما زال كما هو ولم يتغير…! فما الذي تغير إذن حتى جعل هؤلاء المسؤولين يشعرون بضرورة رفع الحظر المفروض على ارتداء غطاء الرأس فرفعوه الآن؟!
لقد أبقت الحكومة هذا التحرك ورقة مساومة في يدها لاستخدامها في الظرف السياسي المناسب لها وبما يخدمها هي. ففي ظل التغيرات الجارية عبر العالم، خصوصاً في الشرق الأوسط، وفي الوقت الذي تُعِدّ فيه تركيا نفسها للعب دورٍ عسكري في المنطقة، لا يمكن النظر إلى هذا الرفع المفاجئ لحظرٍ كان من الأمور شبه المستحيلة رفعه في تركيا، إلا على أساس أنه تحرك سياسي استراتيجي. وإلا فما تفسير هذا الانسياح المتزايد نحو الديمقراطية في تركيا، وإعطاء النساء المسلمات في البلاد الحرية فيما يرتدينه من ملابس، مع الحفاظ في الوقت ذاته على تطبيق الأفكار الوطنية الفاسدة؟ لقد كانت هذه الأفكار ذريعة لدى الزعماء الأتراك لإدارة ظهورهم لقضايا المسلمين في البلاد الإسلامية الأخرى. وفي حين لم يحرك هؤلاء الزعماء ساكناً نصرةً لإخوانهم المسلمين، نجدهم يقدمون دعماً ضخماً للمؤامرات الغربية ضد المسلمين. والتمييز بين الصديق والعدو لدى هؤلاء الزعماء لا يجري على أساس مسلمٍ أو غير مسلم، وإنما على أساس ديمقراطي أو غير ديمقراطي، وعلى أساس علماني أو غير علماني. وها هي تركيا الآن تعد التحضيرات لتقديم الدعم العسكري لأميركا وغيرها من دول الغرب في ما تسميه الحرب على الإرهاب، وذلك ضد تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” وغيرها من الجماعات الإسلامية المسلحة.
إذن، رفع الحظر على غطاء الرأس من قبل الحكومة ما هو إلا محاولة ماكرة منها لشراء رضا المسلمين في تركيا عنها بثمن بخس. لكن هذه الخطط الخيانية لن تفلح في القضاء على الرغبة القوية المنغرسة في أعماق نفوس هؤلاء المسلمين للعيش في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. كما أنهم لن يرضوا بأن يقوم أبناؤهم بقتال إخوتهم المسلمين بدلاً من مد يد العون لهم والدفاع عنهم! وقد أدرك المسلمون أن الطريق الوحيد لمعالجة مشاكل النساء المسلمات، بل مشاكل جميع الناس بلا استثناء، هو فقط بتطبيق الإسلام وحده، لا بتطبيق الديمقراطية.
وستتحقق للأمة الإسلامية الحرية الحقيقية والعزّ والكرامة والسؤدد والفلاح في ظل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، لا في ظل أي نظام آخر غير نظام رب العالمين. ولذلك، ستبقى الأمة مستمسكة بهذا الطريق، طريق العمل لإقامة هذه الدولة، عاملة عليه، صابرة على ما تلاقيه في سبيلها، حتى تقيمها بإذن الله؛ ولن تقع في شراك أي نظام يناهض نظام الإسلام!
كيف، وقد نبّهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجيء هذه الأنظمة الخائنة غير الإسلامية، ودلّنا على الرد الصحيح إزاءها. فقد قال صلوات ربي وسلامه عليه: «ألا إن رحى الإسلام دائرة، فدوروا مع الكتاب حيث دار؛ ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان، فلا تفارقوا الكتاب؛ ألا إنه سيكون عليكم أمراء يقضون لأنفسهم ما لا يقضون لكم، إن عصيتموهم قتلوكم، وإن أطعتموهم أضلوكم. قالوا: يا رسول الله كيف نصنع؟ قال: كما صنع أصحاب عيسى ابن مريم نشروا بالمناشير وحملوا على الخشب، موت في طاعة الله خير من حياة في معصية الله».
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم خالد