خبر وتعليق أزمة المسلمين في أستراليا
الخبر:
طلب رئيس الوزراء الأسترالي توني أبوت من مسؤولي البرلمان، إعادة النظر في إجراء أمني جديد ينطوي على فصل النساء المسلمات اللاتي يرتدين النقاب عن الزوار الآخرين لمقر حكومة أستراليا الوطنية. وكانت الدائرة الحكومية التي تدير مبنى البرلمان قد أعلنت الخميس 2014/10/2 أن “الأشخاص الذين يغطون وجوههم” لن يسمح بتواجدهم في صالات العرض العامة المفتوحة بمجلس النواب أو مجلس الشيوخ. وسيتم إرشادهم إلى صالات العرض العلوية التي عادة ما تكون مخصصة لأطفال المدارس حيث يمكنهم الجلوس وراء زجاج واق من الصوت. (سكاي نيوز العربية 2014/10/3). وتابع أبوت في نقاشه لما سمي بـ “صندوق البرقع” في البرلمان أنه كان يتمنى «لو اختارت النساء عدم ارتداء البرقع» وأنه يشعر بعدم ارتياح تجاه النقاب، لكنه أشار إلى أنه «ليس من عمل الحكومة إبلاغ الناس بما يتعين عليهم ارتداؤه خارج المباني الخاضعة لإجراءات أمنية».
التعليق:
بالرغم من استعداد الصحفيين الأستراليين للتعليق على قضية النقاب في أستراليا فقد انتشرت لوحات إرشادية لتوعية المثقف الأسترالي الذي أظهر للعالم جهله وضيق أفقه، فهو لا يميز بين الشادور الإيراني والنقاب والبرقع الأفغاني ويطارد شبح البرقع الأفغاني في مدن أستراليا وكأنه ينقل بخبث خطابات جورج بوش الابن في تبريره لغزو أفغانستان دون أدنى فهم. يظهر هذا الجهل والتدليس مرة تلو مرة عبر تغطية إعلامية مكثفة عن الإسلام “ذلك المكان البعيد الذي يهابونه ويجهلونه ولا يميزون بين الفكرة والتطبيق” يتخذون الإجراءات التي تخالف دساتيرهم ويهيجون الرأي العام ضد المسلمين، لا يدفعهم لذلك سوى الخوف من ظهور الإسلام كنمط ونظام للحياة من جديد.
رئيس الوزراء الأسترالي يصرح بتحيزه ضد النقاب لأسباب شخصية ورغبته في أن تتوقف المسلمات عن ارتدائه ويجاهر بنظرته العنصرية للمجتمع وفي هذه التصريحات تأليب للرأي العام ربما وصل لحد التحريض، خصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار ارتفاع معدلات حالات الاعتداء على المحجبات والمنقبات، ولعل أخطر هذه الحوادث ما تناولته وسائل الإعلام عن “متعصبة” أسترالية تلقي بسيدة مسلمة من قطار متحرك في أستراليا. تصريحات أبوت غير المسؤولة تأتي بعد المداهمات الأخيرة التي تصدرت فيها صور المنقبات المقبوض عليهن زوراً وبهتاناً وسائل الإعلام. ومثل هذه التصريحات الانتهازية والتغطية الإعلامية الرسمية المصاحبة لها في هذا التوقيت تخلق أجواء معادية للمسلمين في أستراليا وتنميط عنصري للمنقبات بحيث تربط بين النقاب والإرهاب/الجريمة وتصر الحكومة الأسترالية على هذا الربط بالرغم من فشلها في إثبات ما تدعيه وعدم إدانة أي منقبة بأعمال عنف.
يسعى توني أبوت إلى الحصول على دعم شعبه في مغامرة مع حلفائه في حرب بعيدة لا ناقة لهم فيها ولا جمل ولا بد من إيجاد تبرير لهذه الحرب عبر إيجاد عدو من الداخل يهدد مصالح الأستراليين ويفرض عليهم سياسات خارجية لا يرضى عنها “الشعب” الديمقراطي الليبرالي الذي توهمه الحكومة أنه يحكم نفسه بنفسه ويقرر سياسات بلاده. اعتمدت الحكومة في هذا الإطار موجة الهستيريا الحالية ضد المسلمين وتغليظ قوانين مكافحة الإرهاب في أستراليا ودعوة أبوت لفرض سياسة بوش الابن “إما معنا أو ضدنا” عبر تصريحه الشهير “إن أي شخص في البلاد يجب أن يكون ضمن “فريق أستراليا”. بالرغم من كل الجهود التي تبذلها الحكومة ففريق أستراليا لن ينجح وسيكشف نفسه مرة تلو الأخرى لأنه لا يضم إلا بعض الانتهازيين والتُبع. ولعل هذا التراجع السريع لرئيس الحكومة عن “صندوق البرقع” أكبر دليل على تذبذب آراء الحكومة وتخوفها من مغبة المبالغة في استغلال قضية النقاب.
خلاصة القول أن تكرار النقاش حول حظر النقاب وبقاء هذا الجدل في الإعلام يخدم أهداف الحكومة والغرض منه ليس حسم موضوع النقاب بل خلق أجواء ترغم الناس على اتباع كل ما تمليه الحكومة.
إننا ندعو المسلمين في الغرب عموماً وفي أستراليا خصوصاً أن يعلموا أن هذه الهجمة الشرسة امتحان من الله وأنه لن يغلب عسر يسرين وأن الله غالب على أمره ولكن أبوت وأشياعه لا يعلمون، ولذلك وجب عليهم أن يعضوا على دينهم بالنواجذ ويقفوا صفاً واحداً مع من يقف وقفة مبدئية لا يخاف في الله لومة لائم ولا يرضى بأن يصطف مع “فريق أستراليا” ليرتكب مجازر ضد إخوانه المسلمين ويصد عن دين الله، أو يفتح المساجد ويعد المنابر لمن يستهزئ بدين الله. ولأخواتنا في أستراليا نقول إن الله عز وجل شرفك بأن جعل إسلامك ظاهراً على محياك وأن مجرد التزامك بأوامر ربك بارتداء الزي الشرعي هو وقفة شامخة في ثغرة من ثغور الإسلام فلا يؤتين من قبلها.
﴿الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم يحيى بنت محمد