لا يضير حلايب أنها مصرية أو سودانية، بل يضيرها أن لا تحكم بشـريعة إســلامية!
الأخ الكريم/ رئيس تحرير صحيفة التغيير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو شاكراً نشر مقالتي هذه رداً على مقالة: (حل مشكلة حلايب هو الذهاب إلى لاهاي) لـ (إبراهيم منعم منصور) وزير المالية الأسبق، المنشورة على صحيفة التغيير في 2014/11/6م العدد (368 (. وقد نجح الأخ الوزير السابق في إرسال رسالته للقارئ والتي تحمل مضمون عنوان المقالة وهي الذهاب إلى لاهاي بحثاً عن الحلول والمعالجات لقضايا الأمة.
ولخطورة الأمر ومصادمته لقضايا الأمة العليا كان واجباً علينا الرد مساهمةً منا في حل ما يعرف بقضة حلايب.
لا يضير حلايب أنها مصرية أو سودانية، بل يضيرها أن لا تحكم بشـريعة إســلامية!
منطقة حلايب ذلك المثلث الواقع في الجزء الجنوبي الشرقي لمصر الكنانة، حيث تبلغ مساحته أكثر من عشرين ألف كيلو متر. وعلى طريقة الإنجليز (فرق تسد) كانت اتفاقية الشر المسماة بـ (اتفاقية الحكم الثنائي في 1899م) والتي نصت المادة الأولى منها على: “تطلق لفظة السودان في هذا الوفاق على جميع الأراضي الكائنة إلى جنوبي الدرجة الثانية والعشرين من خطوط العرض…”. لقد جاءت هذه المادة لتكرس الانفصال بين شطري وادي النيل بوضع حدود مصطنعة بين مصر والسودان لأول مرة!، في الوقت الذي تجاهلت فيه الاتفاقية تحديد باقي حدود السودان تنفيذا للسياسة البريطانية القائمة على فصل جنوب وادي النيل عن شماله، لإضعاف شعوب المنطقة وتمزيق وحدتهم الخالدة… لقد ترتب على وضع هذه الحدود المصطنعة لأول مرة بين مصر والسودان ظهور مشكلاتٍ على أرض الواقع، حيث قسمت هذه الحدود قبائل (البشاريين والعبابدة) المنتشرة على خط الحدود إلى نصفين، فكانت جملة من القرارات لناظر “وزير” الداخلية المصري بهذا الشأن عام 1899و 1902و1907، وصولا للقرار الذي أصدره وزير الداخلية (مصطفى باشا فهمي) بإلحاق أراضي قبيلة البشاريين شمال خط عرض 22 في منطقة حلايب وشلاتين الخاضعة لمصر للإدارة السودانية.
لقد كان هذا القرار هو الأساس لمشكلة حلايب، والتي لم تثر إلا عندما تقرر إجراء الانتخابات البرلمانية في السودان بتاريخ 27 فبراير 1958م، حيث تم إدخال حلايب ضمن الدوائر الانتخابية للسودان، في نفس الوقت الذي كان مقررا إجراء الاستفتاء على الوحدة المصرية السورية في 21 فبراير، وقد أرسلت مصر مذكرة إلى السودان في 29 يناير 1958م تعترض على إدخال حلايب ضمن الدوائر الانتخابية السودانية، واعتبرت هذه الخطوة خرقاً لما يسمى السيادة المصرية، كما أرسلت مذكرتين في فبراير 1958م تؤكد على إجراء مصر الاستفتاء على الوحدة في حلايب، وأرسلت مصر إلى حلايب لجنة لأخذ رأي المواطنين في حراسة قوة عسكرية… ومن هنا أثيرت المشكلة بين السودان ومصر على مثلث حلايب بوجهها القبيح…
أيها الأخ الوزير الأسبق، إن ما يسمى بأزمات الحدود؛ هي أزمات مصطنعة من قبل المستعمر البريطاني الحاقد على الإسلام والمسلمين، ليغرقنا في دوامة غوغائية ساقطة جاهلة، تتعصب لحدود وهمية رسمها العدو المستعمر، فنسقط في مستنقع الجهل الذي حفره لنا ويصبح بأس المسلمين بينهم شديداً!.. إن زمان ذلك الجهل قد ولى، فالأمة قد تخطت مستنقع الجهل، وباتت تعرف عدوها الحقيقي، بل وترسم الخطط لإسقاط كافة الحدود الوهمية، وتوحيد طاقات المسلمين ليصبحوا قوة واحدة ضد عدوهم المستعمر القديم والجديد…
أيها الأخ الوزير الأسبق، نعم، إن ذلك الزمان قد ولى!،… إن حلايب لا يضيرها أن تكون مصرية أو سودانية، إن الذي يضيرها بحق بقاؤها تحت ظل حكم غير إسلامي… فسواء أرفع عليها علم السودان أو علم مصر فكلاهما في الظلم سواء، فالنظام الحاكم في السودان غير إسلامي ويطبق دستور وقوانين كفر لا تنبع إلا من بنات أفكار مشرّعيها من بشر مخلوقين، فعصوا خالق البشر وأشقوا البشر والشجر والحجر… وأما النظام الحاكم في مصر فحاله حال النظام في السودان يحكم بغير ما أنزل الله، بل هو يعلن الحرب على الله ورسوله والمؤمنين ويحمي يهود المجرمين بلا استحياء من الله ورسوله والمؤمنين، فكلا النظامين لا يرتقيان لحكم حلايب وشلاتين، فكلاهما نظامان توأمان سياميان في الظلم والبغي، ألا ساء ما يعملون!
إن حلايب لا تقبل غير راية العقاب؛ راية رسول الله صلى الله عليه وسلم علماً لها… إن حلايب لا ترضى بأن يدنسها نظامٌ ظالمٌ وحكامٌ فاسدون، بل هي تتطلع بعز وشموخ لأن تُحكم بالإسلام، فيعيش أبناؤها فلذات أكبادها في عز الإسلام وعدله، ومَن غير الإسلام يحقق للبشر عيشا كريماً في ظل منظومة عادلة؟ ﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
إن أبناء حلايب قد عانوا عقوداً طويلة من الظلم وسوء الرعاية والفقر وغياب الخدمات الأساسية والمرافق الحيوية، مع أنهم جزء أصيل من أبناء الأمة الإسلامية، أفلا يستحق أبناء حلايب أن يعيشوا عيشا كريماً؟!… نقول: إنهم يستحقون، وإن دولة الخـلافة الراشدة على منهاج النبوة هي فقط القادرة على إنهاء معاناة حلايب ببلسم الإسـلام العظيم، وذلك بتنفيذها للآتي:
١/ توفير الحاجات الأساسية فورا لأهلنا في حلايب، من (أمن وتعليم وصحة) بأفضل مستوى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فالإِمَامُ الذي على الناس رَاعٍ وَهو مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» متفق عليه.
٢/ توفير الحاجات الأساسية لكل الرعية بالمجان، فتضمن دولة الخلافة الراشدة التعليم والخدمات الصحية والدوائية لكل أهل حلايب بالمجان، فينعم الفقير والغني بنفس مستوى الخدمات لا يمسهم سوء.
٣/ الإنفاق على تطوير البنى التحتية من بيت مال المسلمين دون النظر إلى ما تجبيه المنطقة من مال لبيت المال، بل ينفق على حلايب حسب حاجتها.
وختاماً فبتطبيق الإسلام العظيم على مصر والسودان وكل البلدان، يسود العدل والخير، فتأتلف قلوب المسلمين… ليعلن التاريخ بدء عصر جديد في ظل خـلافة راشدة على منهاج النبوة توحد بلاد المسلمين، وتلغي الحدود السياسية المصطنعة فتؤلف بين قلوب المسلمين ليعيشوا عباد الله إخوانا، وينتشر نور الإسلام وعدله من جديد… ولمثل ذلك فلتعمل أيها الوزير، فتُنصفَ حلايب وأهل حلايب. ﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس محمد هاشم
مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان