بيان صحفي ردّ أوّلي على رسالة الحكومة “العجيبة” إلى حزب التّحرير
جاءتنا رسالة من رئيس الحكومة موقعة بالنيابة عنه من مدير الديوان، وهي رسالة فيها العجب العجاب؛ صدمتنا بهزالها وتناقضاتها المخجلة، ما جعلنا فعلا نشكّ في مصدرها وظننا أنّها مشمولة بتهمة انتحال صفة من جهة مدلّسة أو مزوّرة، ولكن كانت الفاجعة حين تبيّنا أنّها فعلا من رئاسة الوزراء وعندها تأكّدنا لماذا وصل البلد إلى هذه الحالة المهترئة؟ ولماذا تدحرج الحكم إلى هذه الدرجة؟
هذه الرسالة لا طابع قانونياً ولا إدارياً فيها وإنما هي بيان سياسي قد يكون صادرا عن حزب من الأحزاب يناوئ حزب التّحرير استعصت عليه مبدئيّته وكفاحيّته، وإلا فما معنى أن يحاسبنا رئيس الوزراء على نقده ونقد حكومته “محاولة التشهير بالحكومات المتعاقبة” هكذا… نعم هكذا قال لنا.
هل يريد رئيس الوزراء الأحزاب مجرورات ومنتزهات للحكومة؟؟
ألم يقل أحد المشاركين في الحوار الوطني أنّ اختيار رئيس الوزراء كان بإملاء من الغرب وقصد شخصكم؟ ألم تعبث الأحزاب بالحكومات المتعاقبة – التي نزّهها بيانكم إلى ما يشبه القداسة – هزءاً وسخريّة وتشهيرا وتحريضا؟؟ ولك في التسجيلات التلفزية مئات الساعات.
وما معنى أن يحاسبنا رئيس الوزراء التكنوقراطي عن “اتّهام أغلب الأحزاب بالتخاذل والخضوع للإملاءات الغربيّة..”؟ فهل هذه تزكية لهذه الأحزاب أم غيرة على الغرب الوليّ الوصيّ؟؟ ثمّ متى كان حزب التحرير يتّخذ الأحزاب خصما.. إنّ همّه الوحيد هو نظام الحكم والحزب لا يحيد ولا ينحرف عن مبتغاه.
وما معنى أن يحاسبنا رئيس الوزراء على نقدنا لمن يدعو لـ”عدم الاستناد للشريعة في الدستور”.. اسمعوا جيّدا صارت الشريعة الإسلامية تهمة.. نحن لا ندعو إلى بروتوكولات حكماء صهيون ولا إلى التلمود ولا الوصايا السريّة الماسونيّة.. وبين يديك وناظريك من يدعو في حملته الانتخابيّة الرئاسيّة إلى “الشريعة الإسلامية” منهاجا فتدبّر وتريّث.. أمّا الفضيحة الأكبر فهي أن تعتبر معارضة حزب التّحرير للمضايقات على شباب الصحوة الإسلامية تجاوزا خطيرا.. أي فضيحة دكتاتوريّة هذه؟ وقد اعتبرتم عملنا هذا عبر الاستنتاج السياسي والاستدلال الفلسفي والبناء المنطقي والحاسة السادسة والتوقّع والاستشراف والتسلّط على نوايا النّاس، اعتبرتم ذلك دفاعا عن أنصار الشريعة ورابطات حماية الثورة.. – أي إبداع هذا وفيض ذكاء – فإن كنتم تريدون الإيحاء بأمر ما والتمهيد لوضع ما فقد خابت مقدّمتكم إذ سبقناكم وغلّقنا كلّ هذه المنافذ وبياناتنا في إدانة الإرهاب وتجريمه وتحريمه وطلب الحقيقة كاملة فيه تملأ مكاتبكم ومدارجكم وموقفنا يعلم الجميع أنّه الأصدق والأصحّ والأكسح.. فمن أوحى لكم بهذا الأمر أو دسّه مبتدئ في السياسة ونحن نربأ بكم أن تكونوا أداة عند من نعلم خبثهم وأسماءهم ﴿ومكر أولئك هو يبور﴾.
كنّا نظنّكم تعدون التقارير والتحذيرات والإنذارات للذين يتّصلون صباح مساء بالسفارات والمخابرات والذين يقبلون الهدايا من أثمن وأعقد أنواع السيّارات..
كنّا ننتظر حزمكم في كشف الأموال السياسيّة القذرة في ذمّة بعض الأحزاب وهي بالمليارات وزيادة.
ثمّ لماذا لم تحاسبونا على نقدنا رئيس الدولة واكتفيتم بلومنا على نقد الحكومات فقط والتي تمثّلون إحداها؟؟؟
فنحن نقدنا كليكما على السّواء وكان لنا شرف هذا العمل السياسي باعتباره تبنّيا لمصالح النّاس وكشفاً لما عليهم من ظلم وباطل…
كنّا نظنّكم بحكم الاقتناع أو ضرورة الثورة قد أدركتم أنّ نقد الحكومات والحكّام هو أوّل أعمال الأحزاب السياسية وفيه التنافس وبه المصداقيّة والجدارة، وهو قبل ذلك في ذمّتنا حكم شرعي.. قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «والله لتأمرنّ بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذنّ على يد الظالم ولتأطّرنّه على الحق أطرا ولتقصرنّه على الحقّ قصرا أو ليضربنّ الله بقلوب بعضكم على بعض ثمّ ليلعنكم كما لعنهم.. ».
أم أنّكم تريدون النقد سرّا على انفراد وهمساً كما أفتى مشائخ بعض الدول الخليجيّة؟؟
لكم متّسع من رشد.. ولكم متّسع من تقوى الله فلا تظلموا أنفسكم بهذا العمل السّخيف المفلس المجرّب والخائب.
قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا﴾
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في تونس