Take a fresh look at your lifestyle.

السوريون: مهجرون ونازحون أم مسلمون؟؟؟

قالت منظمة العفو الدولية المعنية بحقوق الإنسان ومقرها لندن أن 8,3 مليون لاجئ فروا من سوريا إلى خمس دول رئيسية في المنطقة وهي تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر…

إن أعدادهم تتفاوت في هذه البلدان ولكنهم يشتركون بالمعاناة والتضييق والملاحقات، وفي لبنان فإن معيشتهم أكثر بؤسا من باقي الدول وذلك لما يمر به من أزمات متتالية وخاصة في الآونة الأخيرة حيث شهد تحركات سياسية وشعبية ودولية من أجل إنهاء ملف العسكريين المخطوفين لدى تنظيم جبهة النصرة، إذ قام الجيش اللبناني بعمليات عسكرية في منطقة جرود عرسال حيث تواجد أعداد كبيرة من خيم السوريين، وذلك للتضييق كما يقول على المقاتلين الذين يدخلون ويخرجون من أجل الاطمئنان على ذويهم من اللاجئين السوريين.

في خضَّم كل هذه التجاذبات والتخبط في المواقف السياسية، فإن السوريين الذين هربوا من آلة القتل الهمجية والتي تمارس عليهم في بلدهم من قبل الطاغية بشار، وكأنهم لم يكفهم أنهم هُجروا من بلادهم هرباً من نيران الحرب المشتعلة التي طالت البشر والشجر والحجر..!!

وكأن السوريين لم يكفهم أن أطفالهم ينامون جوعى على إثر تعليق برنامج الغذاء العالمي مساعداته لنحو 7,1 مليون سوري… وأنهم معرضون لمخاطر صحية وجسدية خلال فصل الشتاء القارس!!

ألم يكفهم من أطفال سوريا وعائلاتهم أنهم يدفعون ثمناً باهظاً للصراع القائم في المنطقة وهو صراع مصالح ومكاسب سياسية للطرف الأقوى وللذي سيصمد إلى النهاية غير آبهين لحجم الدمار أو لهدر دماء الناس الأبرياء!!

 

أيها الشعب اللبناني:

ألم يكفهم ما حصل لهم حتى تشعروا بهم وحتى تكونوا عونا لهم؟؟ خاصة وأنكم تشاركونهم عدم العيش باستقرار في بلدكم لبنان، وعدم الشعور هذا يجعلكم تفضلون الهجرة على البقاء في ظل هكذا أجواء مشحونة وأمن غير مستتب، وكأن البلد على فوهة بركان لا أحد يعلم منكم متى سينفجر، فحالكم وحالهم سواء؛ فالوضع واحد وعدم الشعور بالأمن والأمان واحد مع فارق بسيط هو أنهم أُجبروا بالقوة على ترك بلدهم، أما أنتم أيها اللبنانيون فما يزال لديكم حرية البقاء أو الهجرة إلى بلدان أخرى..

 

أيها المسلمون في لبنان:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» إن المؤمنين إخوة في دين الله تعالى، وهذه الأخوة أقوى من كل رابطة وصلة، أقوى من حدود الوطن، فالأمة الإسلامية لا تكون أمة واحدة ولا يحصل لها قوة ولا عزة حتى ترتبط برابطة العقيدة الإسلامية، قال تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّـهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يُسْلِمُهُ – لا يتركه وقت الحاجة – وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ، كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

كم يحتاج أطفال ونساء سوريا اليوم لمثل هذه الأخوة، لأن كربهم ومعاناتهم ما انتهت عندما هاجروا من بلادهم بل ازدادت أكثر وأكثر لأسباب عديدة منها السياسية ومنها العسكرية ومنها الوطنية النتنة، فلا نظلمهم ولا نسلمهم ليس لشيء إلا من أجل دين الله ومحبةً في الله. لأن محبة الله هي التزام المحب لمنهج الله بطاعة الله ورسوله واتباع أمرهما.

إن الأخوة في الله يجب أن ترتكز على الاعتصام بحبل الله تعالى ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾.

 

أيتها الأمة الإسلامية:

في هذه الأيام تعيش الأمة الإسلامية ذليلة بعد أن كانت عزيزة يوم كان لها دولتها وكيانها السياسي المتمثل بالخلافة الإسلامية، لقد تقطعت الأمة الإسلامية أمماً متفرقة ودخلوا متاهات ودهاليز الأمم المتحدة والأسرة الدولية، إن المسلمين اليوم مشردون ومُعذبون ومضطهدون ولكن من سنن الله عز وجل أن تكون العاقبة للمتقين لقوله تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾.

فنحن خير أمة أخرجت للناس فلا نجعل سوء الأوضاع السياسية والاقتصادية مبرراً لبعدنا عن الله والانحراف عن ديننا وأن نرضى بالذل والخنوع لرؤوس الكفر والضلال راجين منهم أن يحلُّوا لنا قضايانا فنرجع إلى الشرعة الدولية وإلى قرارات الأمم المتحدة، ولا نركن أيضا إلى الظالمين حكام الجور في بلاد المسلمين، لأن ذلك لن يحصل أبداً ولن يكون إلا على حساب ديننا وعقيدتنا لقوله تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

فما علينا إلاّ أن نكون مع الله نلتزم دينه ونتبع نبيه صلى الله عليه وسلم ونهتدي بسيرة صحابته الكرام وأن نكون أمثال المؤمنين الذين قال الله عنهم ﴿فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.

نسأل الله تعالى أن يغسل قلوب المؤمنين بالمحبة، وأن يجعلنا كما أمرنا وكما ينبغي أن نكون عليه أحبة لوجهه الكريم وابتغاء مرضاته، اللهم آمين يا رب العالمين..



كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم عبد الله

 

 

 

2014_12_10_Art_Syrians_displaced_or_Muslims_AR_OK.pdf