Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق السودان أموال مستباحة وفساد يمشي في طرقات البلاد

الخبر:

أوردت صحف الخرطوم الصادرة يوم الثلاثاء 24 صفر 1436هـ الموافق 16 ديسمبر 2014م خبراً تحت عنوان: (تقرير المراجع العام يكشف عن حجم الفساد والاعتداء على المال العام في البلاد). وقد نشر التقرير في أغلب الصحف، حيث أوردت صحيفة السوداني العدد (3222) الخبر وجاء فيه: (تفاصيل تقرير المراجع العام 267,4 مليون جنيه حجم المال المعتدى عليه بالأجهزة الأمنية والولايات).


التعليق:

إن ما يقوم بكشفه المراجع العام في كل عام من أموال مختلسة، وفساد مستشرٍ في كافة مفاصل الدولة، هو غيض من فيض، وما خفي أعظم وأكبر وأخطر، فعلى سبيل المثال، أين ذهبت عائدات النفط منذ أن تم استخراجه والتي تقدر بـ 70 مليار دولار؟ مع العلم أن كل المشاريع الفاشلة قد أنشأتها الدولة بأموال ربوية من صناديق الاقتراض وبيوتات المال العالمية، فأين ذهبت السبعون مليار دولار فضلاً عن أموال الذهب الذي يستخرج بالأطنان في كل عام!! فقد جاء في تقرير المراجع العام لسنة 2004م أن الحساب الختامي المقدم من وزارة المالية فيما يتعلق بإيرادات البترول يختلف عن الرقم الحقيقي بزيادة 55% عن الموجود فى التقرير وهنالك ثغرة كبيرة فى ضياع الموارد منه الإعفاءات الضريبية والجمركية والتى أثبتها مستشار وزير المالية السابق سعد يحيى حيث ذكر أنه في عام 2001 كانت قيمة البضائع المعفية من الجمارك 52% مما أفقد خزينة الدولة 76 مليار دينار تحت مسمى تشجيع الاستثمار، ولكنه أشار إلى أن 60 ملياراً منها ذهبت للسوق مباشرة. وقال أن مبلغ 50 ملياراً ذهبت لمطاعم وكافتريات، وتابع: تصل جملة ما ضاع 126 مليار دينار فى حين كانت إيرادات الدولة 365 مليار دينار وذكر أن الإعفاءات تذهب لاتجاهات حزبية هذا فضلاً عن الأموال التي يتم تحصيلها دون أورنيك 15 والتي لا تدخل أصلاً في ميزانية الدولة.

إن بوابات الفساد كبيرة في النظم الرأسمالية، وجيوش النهب والسرقة كثيرة، ولن يقصم ظهرها إلا نظام الإسلام.

وقد كان تقرير المراجع العام المالي 2012 – 2013م قد كشف عن تجاوزات بديوان الزكاة على رأسها الصرف دون مستندات رسمية بجانب عدم وجود دفاتر لمراقبة حركة المخزون، والغياب التام للوائح التي تنظم المكافآت والحوافز والتدريب إضافة لاستخراج تصاديق بصفة متكررة دون متابعة ودراسة لمعرفة مدى الحاجة للدعم المقدم للمحليات أو للأفراد. وانتقد الصرف على بند “في سبيل الله” أحيانا دون تقديم مستندات والذي بلغ الصرف عليه 11.8 مليون جنياً والعاملين عليها بلغ 11.4 مليون. سبحان ربي حتى في أداء الفرائض المعلومة يفسدون!!

وجاء في تقرير منظمة النزاهة المالية العالمية الذي صدر في 12 ديسسمبر 2011م أن السودان فقد (6) مليار و(830) مليون دولاراً بسبب الفساد وأورد تقرير المنظمة حجم التدفقات غير المشروعة على مدى عشرة أعوام لأسوأ 25 بلداً، وكذلك أسوأ البلدان من حيث حجم التدفقات غير المشروعة في العام 2011م حيث ورد السودان ضمن هذه الفئة من بين أسوأ الدول عالمياً.

ولذلك نقول إن قضية الفساد هي أعمق مما نتصور! فهو فساد ينخر في عظم المال العام.. وقد درج المراجع العام في كل سنة على كشف عدد من ملفات الفساد وتسليمها للرأي العام وهذا شكل من أشكال تنفيس الجماهير الذي يمارس على الأمة لتخديرها وامتصاص غضبها. فالمشكلة ليست في معرفة الفساد، فالفساد معروف وها هو نراه يمشي في طرقات البلاد على قدم وساق، ولكن المشكلة في تعامل الدولة مع المفسدين، فهل يتم تقديمهم للمحاكمة؟ أم أن أحكام الفقه (المعدلة) التي ظهرت مؤخرا هي التي تشفع لهم كفقه التحلل وفقه التحايل على الشرع!!

إن الفساد هو فساد أنظمة وقوانين وتشريعات، هو فساد سلطات تبطش وتنهب تحت مسميات الضرائب والرسوم والجبايات وغيرها؛ مستخدمة في ذلك القانون. لذلك فهو فسادٌ في النظام، فطبيعة النظام الرأسمالي هي التي تفرخ الفساد وتهيئ الأوضاع لظهور المفسدين. وهذا خلاف نظام الإسلام، ففي ظل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، يوجد قاضي المظالم حيث لا حصانة دستورية والكل سواسية أمام القانون فكل من تثبت إدانته الأصل أن يقدم للمحاكمة حتى يكون عبرة لمن تسول له نفسه العبث بمال الأمة. جاء في المادة (87) من مشروع دستور دولة الخلافة (قاضي المظالم هو قاض ينصب لرفع كل مَظلِمَة تحصل من الدولة على أي شخص يعيش تحت سلطان الدولة، سواء أكان من رعاياها أم من غيرهم، وسواء حصلت هذه المظلمة من الخليفة أم ممن هو دونه من الحكام والموظفين). كما جاء في المادة (91) من مشروع دستور دولة الخلافة (تملك محكمة المظالم صلاحية النظر في أية مظلمة من المظالم سواء أكانت متعلقة بأشخاص من جهاز الدولة، أم متعلقة بمخالفة الخليفة لأحكام الشرع، أم متعلقة بمعنى نص من نصوص التشريع في الدستور والقانون وسائر الأحكام الشرعية ضمن تبني رئيس الدولة، أم متعلقة بفرض ضريبة من الضرائب أم غير ذلك).

هذا هو الدستور الذي نسعى لإيجاد دولته التي تنفذه بين الناس وهذا ما يجب أن يكون عليه الأمر ولمثل هذا فليعمل العاملون.

 



كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عصام الدين أحمد أتيم
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان