خبر وتعليق الجميع يذهب ويبقى تجار السلاح
الخبر:
نقلت البي بي سي العربية الأربعاء 2014/12/24م خبرا بعنوان: “بدء تطبيق معاهدة دولية لتنظيم تجارة الأسلحة”، جاء فيه: “بدأ تطبيق معاهدة دولية لتنظيم تجارة الأسلحة التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، وهو ما وصفه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأنه “فصل جديد” في هذا المجال.
وقال بان إنه يأمل أن تحول المعاهدة دون وصول الأسلحة إلى “أمراء الحرب ومنتهكي حقوق الإنسان والإرهابيين والمنظمات الإرهابية”.
وتمنع المعاهدة أيضا بيع السلاح إذا كان في ذلك دعم لجرائم الحرب أو الإبادة.
وحتى الآن وقعت 90 دولة على المعاهدة ولكن الولايات المتحدة، أكبر مصدر للسلاح في العالم، لم توقع عليها.
ووقعت واشنطن الاتفاق عام 2013 ولكنها تحتاج إلى موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي، حيث يلاقي الاتفاق معارضة كبيرة.
ولم توقع بعض الدول الرئيسية في مجال تجارة السلاح كذلك، مثل الصين وروسيا والهند وباكستان، المعاهدة حتى الآن….
وتقدر تجارة السلاح الدولية بنحو 85 مليار دولار في العام، ويقول بعض المحللين أن الرقم أكبر من ذلك”.
التعليق:
إن الناظر إلى العالم من ناحية الحروب التي تجري فيه هنا وهناك وخصوصا في المناطق التي تعود غالبيتها أصلا لحكم المسلمين يجد أن حروبا وصراعات كهذه لا بد لها من تغذية وعتاد وسلاح. ونادرا ما ينظر المرء إلى ممولي الحروب ومغذيها بالسلاح بسبب تركيز الناس والمحاربين على قضية النزاع وعلى القتلى والضحايا وآثار الحروب أكثر من شركات السلاح ودورها في تأمين السلاح والذخيرة للمتنازعين. ولكن في حقيقة الأمر أن تجار السلاح وعمالقة هذه التجارة هم أصلا من صناع الحياة السياسية في العالم بل وهم ممن يتقرب إليهم المرشحون للرئاسة في بلدان العالم المتقدم لينالوا الدعم الكافي في حملتهم الانتخابية للوصول إلى كرسي الرئاسة. وهناك مقولة مشهورة في عالم السوق السوداء مفادها: الجميع يذهب ويبقى تجار السلاح.
وفق هيئة (الكنترول آرمز) وهي هيئة لمراقبة السلاح في العالم، فإن هناك حوالى 650 مليون قطعة سلاح خفيف وصغير في العالم، ويتم إنتاج 8 ملايين قطعة سنوياً، وهذه الأسلحة تقتل ألف شخص كل يوم.
لا يمكن النظر إلى تجارة السلاح بأنها عمل تجاري، هدفه الربح فحسب، ولكنه يدخل في سياسات واستراتيجيات الدول الكبرى، وتحالفاتها مع الدول التي لا تنتجه، بل تجهد لشرائه، لذلك فهي تمنحه لبعضها لقاء تأييد سياساتها الإقليمية أو الدولية، وهي تبيعه لمن يقدر على دفع ثمنه نقداً، أو على فترات وعقود طويلة الأجل، وذلك انسجاماً مع مصالحها، وتوجهاتها، تحت شعارات شتى، منها، حماية الديمقراطية، أو محاربة الإرهاب، أو التطرّف، أو الشراكة الاستراتيجية الخ… ولكن الهدف الحقيقي هو حماية مصالح هذه الدول الكبرى، عبر تشغيل مصانعها العسكرية، وضمان أمنها المحلي والإقليمي والدولي، والمتمثّل في تأمين الموارد، وخصوصاً الطاقة من الوصول بشكل دائم لاستمرار تفوّقها، ورخاء شعوبها، ولو كان ذلك على حساب شعوب أخرى، ومصالح دولها، وأرواح أبنائها.
إن إدراك حقيقة تجار السلاح والدول التي تقف خلفهم والمرابح الاستراتيجية والمادية التي يحققونها من تغذية مناطق الصراع بل وإشعالها كلما خمدت، إن إدراك هذه الحقيقة أمر مهم. فهناك من يستفيد ويقتات على دماء الناس وخصوصا المسلمين. فكل جماعة تريد الوصول إلى غايتها تهرع إلى تجار السلاح أو إلى دولة داعمة، ما يجعل من المتنازعين أدوات للنزاع لا أكثر، وأيدي لتجار السلاح أو الدول الداعمة ينفذون رغباتهم بدماء الأبرياء.
ولقد حرم الإسلام على المسلمين الاستعانة بالدول الأخرى في مواضيع الحروب والنزاعات حتى لا تصبح دولة الإسلام أداة لتنفيذ سياسة لا تريدها أو أن تخضع لرغبات المجرمين من تجار الحروب.
قال تعالى: ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تستضيئوا بنار المشركين»
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور فرج أبو مالك