Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق أتشكو بلادنا الفقر بينما تهرب أموالنا إلى الخارج أو تبذر على توافه الأمور


الخبر:

نشرت عدد من الصحف والمواقع المحلية بتاريخ 2014/12/22 مقتطفات من تقرير صدر عن ‬هيئة ‬«‬السلامة ‬المالية ‬العالمية»‬ ‬الأمريكية ‬غير ‬الحكومية (Global Financial Integrity) صدر في شهر ديسمبر الجاري، حيث جاء في التقرير أن المغرب عرف على امتداد التسع السنوات الأخيرة (ما بين 2003 و2012) تهريب ما يقارب 10 مليارات دولار من الأموال.

وأفاد التقرير أن المغرب، الذي يحتل المرتبة 59 من بين 145 دولة، يعرف سنويا تهريب 998 مليون دولار، ما يقارب 10 ملايير درهم (2.6% من الميزانية السنوية)، مؤكدا أن سنتي 2005 و2009 شهدتا أكبر عمليات تهريب للأموال بما يعادل 3.5 و1.8 مليار دولار على التوالي، فيما سجل المصدر ذاته ضعف تهريب الأموال خلال سنة 2011 (243 مليون دولار)، تليها سنة 2008 (412 مليون دولار) وسنة 2010 (518 مليون دولار)، لتعاود الأرقام الارتفاع سنة 2012 لتصل إلى 763 مليون دولار.


التعليق:

يأتي هذا التقرير تأكيداً لما كان أصدره نفس المعهد في أبريل 2013 الماضي (ونشرنا تعليقاً عليه في 2013/05/03)، والذي كان قد قدر حجم الأموال المهربة في العقد الماضي بـ 12 مليار دولار، أي أن الأمور لا تزال تسير في نفس المنحى، بل إنها تزداد بدليل الارتفاع الصاروخي لحجم التهريب في سنة 2012 والذي تضاعف بالمقارنة مع السنة التي سبقته بما يفوق الثلاثة أضعاف.

إن الحجم الهائل للأموال المهربة ليؤكد مرة أخرى أن الأزمة التي تعانيها بلادنا والفقر الذي ينهش عظامنا ليس ناتجاً عن قلة الموارد أو ضعف الإمكانيات المادية، وإنما هو ناتج بالأساس عن النهب المنظم وغير المنظم الذي يستنزف خيرات البلاد، مضافاً إليه سوء التدبير وكثرة التبذير، ناهيك طبعاً عن الابتعاد عن الحلول الإسلامية الصحيحة الكفيلة وحدها بمعالجة كل المشاكل الاقتصادية التي نتخبط فيها منذ عقود.

وفي إطار سوء التدبير المخجل، فقد تداولت مواقع الإنترنت بالأمس حلقة جديدة منه تتمثل في الخسائر التي تكبدها المغرب نتيجة تنظيمه للنسخة الثانية لكأس العالم للأندية، والتي تقدر بما بين 20 إلى 30 مليون دولار تهم مصاريف النقل، والإقامة، وبخاصة للضيوف الكبار، فضلا عن اللوجستيك، وما كلفه نقل المباريات من الرباط إلى مراكش (بعد فضيحة ملعب الرباط)، زد على ذلك توزيع عدداً كبيراً جداً من التذاكر مجاناً، وبدون أدنى احترافية، هذا دون الحديث عن الخسارة المتمثلة في الضمان المالي المقدر بـ 40 مليون دولار.

لقد آلى المغرب على نفسه منذ سنين أن ينغمس أكثر فأكثر في تشجيع وتمويل والدعاية لكرة القدم مع أنه من الواضح أننا لم نجن منها إلا الخسائر المالية وازدياد الشغب داخل الملاعب وخارجها وازدياد التعصب المقيت للفرق الرياضية حتى كاد أن يصبح الانتماء الرياضي أساساً للولاء والبراء بين الشباب، وإنه لمما يحز في النفس أن نرى كيف سارع القصر إلى معاقبة وزير الرياضة بعد فضيحة ملعب الأمير مولاي عبد الله في الرباط، بينما غض الطرف عن الخسائر المادية والبشرية الفظيعة التي خلفتها السيول في جنوب البلاد وكأنها قدر مقدور، حيث لم نسمع عن معاقبة أي مسئول رغم ما بدا واضحاً من هشاشة البنية التحتية، لكن يبدو أن المحافظة على صورة البلاد لدى وسائل الإعلام الأجنبية، أحب إلينا من حفظ أرواح أبنائنا وممتلكاتهم.

أيها الناس،

لقد أضحى من الواضح لكل ذي عينين، أن السبب الحقيقي للأزمة التي تخنق الاقتصاد ليس قلة الموارد، فالمغرب بلد غني بكل المقاييس، تعج بحاره بالخيرات وتفيض أرضه بالبركات، وينبض أبناؤه بالنشاط والحيوية وحب التعلم والعمل، لكن بلاءنا في حكامنا ومن لفَّ لفيفهم، الذين يتسلطون على هذه الموارد، فيستأثرون بها لأنفسهم، أو يبذرونها فيما لا نفع من ورائه، وليتهم ينفقون ما نهبوا داخل البلاد، بل نراهم يسارعون لإخراجها خارج البلد ليستفيد من ريعها المستعمر بينما يكتوي أهل البلد بنار الفقر والحرمان.

ونعود ونؤكد مرة أخرى إن الحل لمشاكلنا هو ذاك الذي أنزله الله عز وجل، وأنه لا مخرج لنا إلا بالتقيد بهديه، وأن هذا الهدي الرباني ليس شيئاً هلامياً ضبابياً، ولا فرضيات تنظيرية عصية على الفهم أو عسيرة التنزيل على واقعنا، وإنما هو عبارة عن تشريعات واضحة المباني، قد صاغها حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله، بشكل عملي عصري جاهز للتطبيق، لا ينقصه إلا أن ينبري من هذه الأمة رجال يحبون الله ورسوله، يطمعون فيما عند الله، ويؤثرون الآخرة على العاجلة، فيحملوا همَّ الدعوة معنا، ويعينونا على كسب قلوب الناس وعقولهم، بسطائهم وقياداتهم، حتى نقيم معاً الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي بشرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحينها يتفيأ الجميع في ظلال البركة الربانية، ويكثر الخير حتى يفيض على الناس، فيرضى ساكنو الأرض والسماء ويصبح الفقر نسياً منسياً.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد عبد الله