خبر وتعليق تورّط ماليزيا في جرائم أمريكا البشعة بحق الإنسانية (مترجم)
الخبر:
كشف تقرير أصدره مجلس الشيوخ الأمريكي مؤخراً أن ماليزيا حليف للولايات المتحدة في حملتها التي تسميها “الحرب على الإرهاب”. وكانت اللجنة الخاصة المعنية بشؤون الاستخبارات (SSCI) في مجلس الشيوخ الأمريكي قد أماطت اللثام في 9 كانون الأول/ ديسمبر 2014 عن جزء من هذا التقرير، الذي تكون من 6000 صفحة واستغرق إعداده 5 سنوات بكلفة بلغت 40 مليون دولار. حيث أذنت اللجنة بنشر جزء تكون من 525 صفحة فقط، تضمن الاستنتاجات الرئيسية وخلاصة عن برنامج الاعتقال والتحقيق الذي نفذته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA). وتحدث التقرير عن استخدام الوكالة أساليب تعذيب متنوعة للمعتقلين خلال الفترة بين 2001 و 2006. كما كشف عن لعب ماليزيا دوراً في ممارسة “تسليم المعتقلين لعدوِّهم بصورة سرّية”، إذ جرت عمليات اعتقال سرية وتم نقل المعتقلين إلى سجون سرية. وإضافةً إلى ماليزيا، كان من بين البلدان الإسلامية التي تعاونت في هذه الجرائم العالمية للوكالة أفغانستان، والجزائر، وأذربيجان، والبوسنة والهرسك، ومصر، وليبيا، وإندونيسيا، والمغرب، وباكستان، والسعودية، والصومال، وسوريا، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة، وأوزبكستان، واليمن. وقد جاء هذا التقرير ليؤكد في الواقع ما توصلت إليه منظمة “عدالة المجتمع المنفتح” في دراستها التي أنجزتها في شباط/ فبراير 2013 تحت عنوان “عولمة التعذيب: اعتقال المشتبه فيهم من قبل وكالة المخابرات المركزية وانتزاع المعلومات منهم بأساليب قسرية استثنائية/ تسليمهم لعدوِّهم بصورة سرّية”، حيث ادّعت فيها المنظمة أن باتروجايا قدمت العون للوكالة في مجال تسليم المعتقلين لعدوِّهم مرتين.
التعليق:
لقد أكد قائد الفرع الخاص في دائرة الشرطة الملكية الماليزية داتوك سري أخيل بولات، في إجاباته على أسئلة واستفسارات الصحافة الماليزية، قيام ماليزيا بالتشارك مع وكالة المخابرات المركزية في تبادل المعلومات والتدريب، لكنها لم تساعد في عمليات تعذيب المتهمين بالإرهاب وانتزاع المعلومات منهم بأساليب قسرية استثنائية/ تسليمهم لعدوِّهم بصورة سرّية، ولم تقدّم ما يسهّل القيام بتلك العمليات. كما وأكد أن التشارك في المعلومات بين جميع أجهزة المخابرات في العالم أمر ضروري لمعالجة مشكلة الإرهاب. وبناء عليه، فإن من الطبيعي إقامة علاقات مع وكالة المخابرات المركزية بهذا الشأن.
والسؤال الذي يجب توجيهه هنا لقادة دائرة الشرطة الملكية الماليزية هو: لماذا تواصل الدائرة تعاونها مع وكالة المخابرات المركزية بالرغم من ثبوت كون الوكالة ليست أهلاً للثقة، ورغم علم الدائرة بعدم إنسانية الوكالة، وعلمها أيضاً بوحشيتها وهمجيتها، وعلى وجه الخصوص بحق المسلمين؟ فماذا بقي لدائرة الشرطة الملكية من كرامة ونزاهة إذ تجرأت على الاصطفاف إلى جانب شرّ الخلائق؟ إننا جميعاً نعلم علم اليقين أن الولايات المتحدة هي الإرهابي الحقيقي في العالم أجمع، وأن الولايات المتحدة عدو للإسلام، عدو لله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام، عدو للمؤمنين كافة! أمَا ترى دائرة الشرطة الملكية الماليزية هذا كله؟ أولم يكن ثمة ناصحٌ أمين يقول لهذه الدائرة إن التعاون مع الولايات المتحدة، الدولة الكافرة الحربية فعلاً، حرامٌ في الإسلام؟ أم أنه كان هناك ناصح بالفعل وقدم لها النصح، لكنها ألقت كلامه وراء ظهرها؟
لكن المسألة التي لا تقل أهمية هنا هي: أن الولايات المتحدة، من خلال نشر هذا التقرير، الذي يلطخ سمعة أمريكا ذاتها، تريد أن تقول لنا: “يا مسلمين، ها أنذا قد كشفت عن جرائمي البشعة، وفضحت مشاركة زعمائكم في هذه الجرائم، وأثبتُّ لكم تعاونهم الوثيق معي. إنني قادرة على تعذيبكم وقتلكم، أنتم وإخوانكم، وأستطيع تعذيب وقتل مَن شئت. فأنا القوية وأنتم الضعفاء، برغم ضخامة عددكم. ماذا تستطيعون أن تفعلوا لي وأنتم لا حول لكم ولا قوة؟ ألا ترون حكامكم وزعماءكم أذلاء خانعين لأوامري؟! إنهم معي، وليسوا معكم… ولذلك، لا تحاولوا محاربتي، لأنني قادرة تماماً على تعذيبكم وقتلكم، ولن تجدوا لكم ناصراً أو مُعينا!”
أما ردُّنا نحن على هذا التقرير، وعلى وحشية الولايات المتحدة، فهو ما قاله القوي العزيز: ﴿وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِى الاٌّرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ﴾، وبقول الجبّار المتكبر، جل شأنه: ﴿كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَـتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِىٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.
وفي الختام نقول: إن هذا التقرير لدليل صارخ على دجل الولايات المتحدة وحلفائها، ونفاقهم المقيت؟ إنهم يقولون أنهم حاملو لواء حقوق الإنسان والمدافعون عنها، وأنهم حُماة القانون الدولي، بينما هم في الحقيقة أكبر منتهكٍ لها. ومن هنا، بات حريّاً بالأمة الإسلامية أن تدرك أن الحرب على الإرهاب، التي تقودها وتتولى كبرها الولايات المتحدة، ما هي إلا حرب على المسلمين، وأن تعي أن أمريكا هي العدو الحقيقي للإسلام والمسلمين. والإرهابي في نظرهم هو أي مسلم يناهض استعمارهم وفرض هيمنتهم، ويعمل من أجل تطبيق الإسلام كاملاً في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، حتى وإن كان هذا العمل من خلال الصراع الفكري، لا غير!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور محمد / ماليزيا