الخبر:
على غرار اللقاءات الأخيرة التي كان من شأنها إنهاء الخلاف بين مصر وقطر، خاصة بعد مؤتمر الدوحة، تناولت صحيفة الأهرام المصرية الخبر تحت عنوان:
مصر وقطر وبينهما “الإعلام”. ومما جاء في الخبر: “بعد أن كانت عودة العلاقات القطرية المصرية إلى مسارها الطبيعي ضربا من المستحيل، في ظل ما اقترفته أيدي قطر في حق مصر وتبنيها للإخوان واحتضانها لهم على غير رغبة الدولة، والعداء الذي ناصبته لمصر قولا وفعلا على مدار الشهور الماضية، وكان للإعلام المرئي والمقروء اليد الطولى في ترسيخ هذا العداء وتأجيجه”.
أما موقع الجزيرة القطرية وتحت عنوان الجامعة العربية ترحب بالتقارب بين مصر وقطر، جاء في سياق الخبر: “وكان الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مساعد وزير الخارجية القطري لشؤون التعاون الدولي ومبعوث أمير دولة قطر إلى مصر، والذي زار القاهرة يوم السبت 2014/12/20، قال إن هناك لقاءات وخطوات أخرى ستجري مستقبلا بين قطر ومصر لبحث سبل إزالة الخلافات، وخلال مقابلة أجرتها معه الزميلة فيروز زيّاني في نشرة الحصاد يوم الأحد، قال إنه تمت مناقشة أسباب الخلاف بين قطر ومصر في لقائه الأخير مع الرئيس عبد الفتاح السيسي بالقاهرة”.
وذكر موقع اليوم السابع تحت عنوان طويل: قطر تعود إلى أحضان العرب.. والقاهرة والرياض يعودان لريادة المشهد.. ترحيب الرئاسة بمبادرة السعودية حجر الزاوية في تحرك عربي غير مسبوق إقليميا ودوليا.. والرد السريع يضيق الخناق على المصالح الأمريكية. ومما جاء في تقرير اليوم السابع “فشل قطر في أن يكون لها دور بارز في المنطقة العربية دفعها للسعي نحو مصالحة عربية عربية احتضنها الملك عبد الله ووافقت عليها دول الإمارات والبحرين وبعدها تمت عودة السفراء الثلاثة إلى قطر إلى أن خرج الملك عبد الله اليوم ليدعو مصر إلى الموافقة على المصالحة العربية العربية. وعلى الفور وافق السيسي على الدعوة الكريمة من الملك عبد الله”.
التعليق:
من الواضح اختلاف في الخطاب الإعلامي خاصة من قبل قناة الجزيرة التي صدّعتنا سابقاً بقولها “زعيم الانقلاب” واليوم باتت تقول “الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي”. ورغم بقاء بعض الحدة في تناول الإعلام لخبر المصالحة القطرية المصرية إلا أن وطأتها أخف وفيها بعض الحياء، لكن اللافت في هذه المصالحة اختلاف التناول الإعلامي لها، فبين من يسلط الضوء على أن الخلاف كان “عميقاً” والمصالحة ضرباً من الخيال وكان اتهامه واضحاً لقطر ورعايتها للإخوان، وبين مَنْ صور تلك المصالحة والرد السريع عليها فيه تضييق على المصالح الأمريكية، ولسان حالهم أن المصالح الأمريكية ليست رغبة عند أطراف المصالحة والوسيط، وفي هذا ذر للرماد في العيون، فهم أعوان الشيطان ويريدون إظهار أنفسهم يناصبون أمريكا العداء للإبقاء على بعض ماء الوجه، وكلهم لم يتناولوا الخبر التناول الصحيح بل اتبعوا في تناولهم أجندات لها مآرب خفية. المفارقات كثيرة في التناول الإعلامي لنفس الحدث، من قناة الجزيرة ومن الإعلام المصري لا مجال لتناولها كلها هنا لكنها موجودة وبشكل واضح.
والحقيقة تقول إن من أول الدول التي دعمت السيسي بعيد انقلابه على مرسي هي السعودية، فباركت له رسميا ودعمته مادياً وهلل له الإعلام السعودي وروّج، وكان كل هذا بمباركة من أمريكا راعية اللعبة والتي لم تتأخر بدورها عن تأييد السيسي ودعمه أيضاً في كل الميادين.
لقد كان للأمر بوادر بانت لكل متابع، فالسعودية أعلنت جماعة الإخوان جماعة إرهابية، وكانت قد طالبت قطر بإغلاق الجزيرة وطرد الإخوان، وتم سحب السفراء، ثم جاء الدور القطري حيث طردت من أراضيها بشكل “ودي” قيادات من الإخوان إرضاء لدول الخليج ولمصر وتحضيراً للمصالحة. وبدأت قناة الجزيرة تخفف من حدة خطابها الإعلامي منذ بداية هذا الشهر حتى وصلت اليوم لتقول “الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي” في تغيّر واضح بما كانت تسميه سابقاً “زعيم الانقلاب”، والجهود الدبلوماسية على أوجها بين البلدين لرأب الصدع، وليس مستبعداً أن تخرج علينا الجزيرة في القادم من الأيام ببرنامج تمجّد فيه السيسي وتظهر بطولاته!
فهل يعني هذا أن قطر لجمت جزيرتها؟ وهل ستتخلى الجزيرة وقطر عن مناصرة الإخوان؟
إن الإعلام والسياسيين في خندق واحد، والأمة وتطلعاتها في خندق آخر، فبعد أن استطاعت الجزيرة أن تكسب بعض المصداقية في الشارع المصري، ها هي تنهي ما اكتسبته من المصداقية انصياعاً للسياسيين.
فالإعلام اليوم تابع للسياسيين يكرس جهده لخدمتهم ومصالحهم، ولو تعارضت مع مصداقيته ومع رأي الشارع.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو عنان