مع الحديث الشريف صفدت مردة الشياطين
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم مع الحديث الشريف ونبدأ بخير تحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ. رواه الترمذي
جاء في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي بتصرف يسير “قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمَرَدَةُ الْجِنِّ) جَمْعُ مَارِدٍ وَهُوَ الْمُتَجَرِّدُ لِلشَّرِّ, وَهُوَ تَخْصِيصٌ بَعْد تَعْمِيمٍ أَوْ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَبَيَانٍ. وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي تَقْيِيدِ الشَّيَاطِينِ وَتَصْفِيدِهِمْ كَيْ لَا يُوَسْوِسُوا فِي الصَّائِمِينَ. وَأَمَارَةُ ذَلِكَ تَنَزُّهُ أَكْثَرِ الْمُنْهَمِكِينَ فِي الطُّغْيَانِ عَنْ الْمَعَاصِي وَرُجُوعِهِمْ بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَأَمَّا مَا يُوجَدُ خِلَافَ ذَلِكَ فِي بَعْضِهِمْ فَإِنَّهَا تَأْثِيرَاتٌ مِنْ تَسْوِيلَاتِ الشَّيَاطِينِ أَغْرَقَتْ فِي عُمْقِ تِلْكَ النُّفُوسِ الشِّرِّيرَةِ وَبَاضَتْ فِي رُءُوسِهَا. وَقِيلَ قَدْ خُصَّ مِنْ عُمُومِ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ زَعِيمُ زُمْرَتِهِمْ وَصَاحِبُ دَعْوَتِهِمْ لَكَأَنَّ الْإِنْظَارَ الَّذِي سَأَلَهُ مِنْ اللَّهِ أُجِيبَ إِلَيْهِ فَيَقَعُ مَا يَقَعُ مِنْ الْمَعَاصِي بِتَسْوِيلِهِ وَإِغْوَائِهِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ التَّقْيِيدُ كِنَايَةً عَنْ ضَعْفِهِمْ فِي الْإِغْوَاءِ وَالْإِضْلَالِ, قَالَ عِيَاضٌ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَحَقِيقَتِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَامَةٌ لِلْمَلَائِكَةِ لِدُخُولِ الشَّهْرِ وَتَعْظِيمِ حُرْمَتِهِ وَلِمَنْعِ الشَّيَاطِينِ مِنْ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ, وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِشَارَةً إِلَى كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَالْعَفْوِ وَأَنَّ الشَّيَاطِينَ يَقِلُّ إِغْوَاؤُهُمْ فَيَصِيرُونَ كَالْمُصَفَّدِينَ. فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ, قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَتْحُ الْجَنَّةِ عِبَارَةً عَمَّا يَفْتَحُهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ مِنْ الطَّاعَاتِ وَذَلِكَ أَسْبَابٌ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ, وَغَلْقِ أَبْوَابِ النَّارِ عِبَارَةً عَنْ صَرْفِ الْهِمَمِ عَنْ الْمَعَاصِي الْآيِلَةِ بِأَصْحَابِهَا إِلَى النَّارِ. وَتَصْفِيدُ الشَّيَاطِينِ عِبَارَةً عَنْ تَعْجِيزِهِمْ عَنْ الْإِغْوَاءِ وَتَزْيِينِ الشَّهَوَاتِ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ بَعْدَ أَنْ رَجَّحَ حَمْلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ نَرَى الشُّرُورَ وَالْمَعَاصِيَ وَاقِعَةً فِي رَمَضَانَ كَثِيرًا فَلَوْ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ, فَالْجَوَابُ أَنَّهَا إِنَّمَا تَقِلُّ عَنْ الصَّائِمِينَ الصَّوْمَ الَّذِي حُوفِظَ عَلَى شُرُوطِهِ وَرُوعِيَتْ آدَابُهُ أَوْ الْمُصَفَّدُ بَعْضُ الشَّيَاطِين، وَهُمْ الْمَرَدَةُ لَا كُلُّهُمْ أَوْ الْمَقْصُودُ تَقْلِيلُ الشُّرُورِ فِيهِ. وَهَذَا أَمْرٌ مَحْسُوسٌ فَإِنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ غَيْرِهِ. إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَصْفِيدِ جَمِيعِهِمْ أَنْ لَا يَقَعَ شَرٌّ وَلَا مَعْصِيَةٌ لِأَنَّ لِذَلِكَ أَسْبَابًا غَيْرَ الشَّيَاطِينِ كَالنُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ وَالْعَادَاتِ الْقَبِيحَةِ وَالشَّيَاطِينِ الْإِنْسِيَّةِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ) أَيْ إِلَى اللَّهِ وَطَاعَتِهِ بِزِيَادَةِ الِاجْتِهَادِ فِي عِبَادَتِهِ وَهُوَ أَمْرٌ مِنْ الْإِقْبَالِ أَيْ تَعَالَ فَإِنَّ هَذَا أَوَانُك فَإِنَّك تُعْطَى الثَّوَابَ الْجَزِيلَ بِالْعَمَلِ الْقَلِيلِ. أَوْ مَعْنَاهُ يَا طَالِبَ الْخَيْرِ الْمُعْرِضُ عَنَّا وَعَنْ طَاعَتِنَا أَقْبِلْ إِلَيْنَا وَعَلَى عِبَادَتِنَا فَإِنَّ الْخَيْرَ كُلَّهُ تَحْتَ قُدْرَتِنَا وَإِرَادَتِنَا.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ} أَيْ يَا مُرِيدَ الْمَعْصِيَةِ أَمْسِكْ عَنْ الْمَعَاصِي وَارْجِعْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَهَذَا أَوَانُ قَبُولِ التَّوْبَةِ وَزَمَانُ اِسْتِعْدَادِ الْمَغْفِرَةِ, وَلَعَلَّ طَاعَةَ الْمُطِيعِينَ وَتَوْبَةَ الْمُذْنِبِينَ وَرُجُوعَ الْمُقَصِّرِينَ فِي رَمَضَانَ مِنْ أَثَرِ النِّدَائَيْنِ وَنَتِيجَةَ إِقْبَالِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الطَّالِبِينَ.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ) أَيْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ كَثِيرُونَ مِنْ النَّارِ فَلَعَلَّك تَكُونُ مِنْهُمْ.”
احبتنا الكرام: ها قد أقبل شهر رمضان الفضيل، أقبل وساحة الأمة الإسلامية تضج بالأحداث المتسارعة والمتتالية، من حرب إلى حرب ومن مؤامرة إلى أخرى، تتوالى على أمتنا المصائب تترى، وحالها ما يزال في انحدار إثر غياب الكيان السياسي الذي يمثل أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ دولة الخلافة التي تطبق أحكام الدين فيعز بها الإسلام وتنهض بها أمة المسلمين.
ربما لم يتغير حال الأمة منذ رمضان الماضي، إلا أن أمتنا اليوم قد أفاقت أخيرا من سباتها واستيقظت من غفلتها بعد أن تكشّف لها الكثير الكثير، فنبذت الكفر وأنظمته بعد أن ظهر لها عاره، وأضحى الإسلام هو قلبها النابض بعد أن أصبحت تستشعر رياح التغيير. ولنقل أن أمتنا الآن بانتظار الأعاصير.
ليست أعاصير أمريكا هي ما تصبو له أمتنا اليوم، نعم ليست تلك الأعاصير التي تهدم البيوت وتغرق المدن؛ بل تلك التي تمحو الطغاة عن وجه الأرض.. إنه ذلك الإعصار العظيم الذي سيعيد الأمور إلى نصابها فيحق الحق ويدك عروش الكافرين.
إنها الخلافة التي أطل زمانها وطال انتظارها… الخلافة التي أصبح ذكرها يطارد طواغيت الكفر، وباتت كصخرة عظيمة جاثمة على صدورهم، اقتربت لتهدم عروشهم وتعلن انتهاء زمانهم.
المسلمون الآن يعيشون حالة من الترقب والاستنفار.. يملؤهم الأمل.. ويتصبرون بالرجاء
أمل بفجر عهد جديد ورجاء من الله بأن يعجل لهم بالفرج القريب وفي خضم تسارع الأحداث وتوالي المآزق على دول الكفر… أين أنتم يا حملة الدعوة الآن وما هو موقفكم إزاء التحديات التي تعصف بالأمة اليوم على أعتاب الخلافة ؟؟!!
أهو القعود والانتظار على أمل الانتصار.. أم أنه وصل الليل بالنهار ؟!
قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أقدامكم”
احبتنا الكرام والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.