خبر وتعليق العاصفة الثلجية تشتد وتودي بحياة مزيد من السوريين
الخبر:
الجزيرة تساقطت الثلوج بكثافة وانخفضت درجات الحرارة بشدة في بعض المناطق الشمالية في سوريا.
بينما ارتفع عدد الذين قضوا في لبنان بسبب البرد – الذي يصاحب العاصفة الثلجية التي تضرب منطقة شرقي حوض البحر المتوسط منذ الثلاثاء الماضي – إلى سبعة لاجئين سوريين، وقد فاقمت العاصفة محنة اللاجئين في ظل نقص الدواء والغذاء ووسائل التدفئة.
التعليق:
لنا وقفات مع هذا الخبر:
الأولى: قال صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى» [أخرجه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير]
لقد أفرزت الأفكار الوطنية نتناً لم يعد يطاق، فأصبح السوري غريبا ولاجئا ومنبوذا في الأردن أو في العراق، وكأنها ليست أرضه، وكأن سكانها ليسوا أهله، وأصبحنا نرى شعارات منتنة جاهلية مقيتة مثل: الأردن للأردنيين، ومصر أولا، وهكذا أصبحت قضايا كل بلد من بلاد المسلمين خاصة بأهله، فلا يشاركهم باقي المسلمين همومهم، ونكباتهم، ولا يتراحم المسلمون فيما بينهم كما لو اشتكى عضو من الجسد، فأين: «تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى»؟ وأين هي غيرة المسلمين على أبنائهم المستضعفين المطرودين من ديارهم ليس لهم ذنب إلا أن قالوا ربنا الله؟
وقد روى الطبراني في الكبير: عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به». ورواه الحاكم في المستدرك عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه».
فهل الإيمان إلا تكافل المسلمين وتوادهم وتراحمهم وتآزرهم؟
أما الثانية: فإن رعاية شئون المسلمين منوطة بالحاكم، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته؛ الإمام راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته»، والمسئول عن الرعية سيسأله الله تعالى عنها، فلينظر حكام المسلمين جوابا، ولينظر المسلمون جواب ما عملوا إذ لم يغيروا على حكامهم الذين خانوا الأمانات وفرطوا في حقوق المسلمين وساهموا في ذبح المسلمين إرضاء لأعداء الله.
وقد توعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكام الذين يضيعون الرعية “حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزنِيَّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَالَ مَعْقِلٌ إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِي حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ»“.
فأبشروا يا حكام المسلمين قاطبة بأن من يلقى الله تعالى منكم وهو غاش للمسلمين إلا حرم الله عليه الجنة.
وأما الثالثة: فبالأمس البعيد ضرب إعصار كاترينا الولايات المتحدة، وبلغت الأرقام الرسمية المعلن عنها من المعونات الخليجية للولايات المتحدة ما يلي: قطر 100 مليون دولار، الكويت 500 مليون دولار، الإمارات 100 مليون دولار. وأما السعودية: فخمسة ملايين دولار تبرعت بها أرامكو، (ومن المعروف أن شركة أرامكو السعودية قامت ببناء 150 فيلا سكنية للمتضررين من إعصار كاترينا عام 2005 في مدينة نيو أورليانز الأميركية) وأما الحكومة السعودية، فبحسب دراسة أمريكية فإنها قدمت 250 مليون دولار.
ومن ضمن هذه المساعدات ما جاء في صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن الإمارات العربية المتحدة قدَّمت مساعدات تفوق 6 ملايين دولار إلى مدرسة ومستشفى في منطقة جوبلين بولاية ميسوري الأمريكية، والتي تضررت بفعل العاصفة الكبرى (ساندي) ونقلت الصحيفة عن سفير الإمارات في واشنطن يوسف العطيبي قوله: “إننا نحدد الحاجات، ونحاول تقديم المساعدة”. ونقلت الصحيفة عن المسؤول أن هذه المساعدات جاءت ضمن خطة إماراتية طموحة بمساعدة المجتمعات الفقيرة في الولايات المتحدة. وأشارت الصحيفة أن سفارة الإمارات قررت منح مليون دولار إلى ثانوية جوبلين بهدف شراء كمبيوترات محمولة إلى تلاميذها الـ2200. وأوضحت الصحيفة أن الإمارات على مدار العامين الماضيين بنت ملاعب كرة قدم بصالات مغطاة في الأحياء الفقيرة في نيويورك ولوس أنجلوس وميامي وشيكاجو. كما وعد السفير عتيبة حاكم ولاية نيويورك ونيوجيرسي بمساعدتهم بـ5 ملايين دولار لترميم الدمار الذي خلفه إعصار ساندي.
هذه أمثلة بسيطة عن المعونات التي ترسل بها دول الضرار لمنكوبي أعاصير الولايات المتحدة، وغني عن القول أنهم تركوا منكوبي المسلمين في سوريا وغزة أضيع من الأيتام على مأدبة اللئام، لا سكن ولا تدفئة، ولا رعاية صحية، ولا مدارس، بينما يحرص السفير الإماراتي على توزيع الكمبيوترات المحمولة لتلاميذ أمريكا!
أما والله لقد بلغ السيل الزبى، فهذه أموال المسلمين يبددها حكام الضرار أولئك يمنعونها عمن يستحقها، ويعطونها لمن يتسلط على المسلمين قتلا وتشريدا ونهبا للخيرات وانتهاكا للحرمات.
أما آن لخير أمة أخرجت للناس أن تخلع أنظمة الضرار هذه وتقيم مكانهم خلافة راشدة على منهاج النبوة تحرس دينهم ودنياهم وتكون لهم أمنا وسلاما، ووقاية وملاذا في الشدائد، ترعاهم رعاية الوالد الحنون لولده، وتكفل لهم حاجاتهم الأساسية، أما آن لخير أمة أخرجت للناس أن تكون كما أمرها رسولها صلى الله عليه وسلم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر؟
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو مالك