خبر وتعليق غياب منهج الرسول هو سبب مآسي المسلمين
الخبر:
تتحدث جميع وسائل الإعلام عن تلك العاصفة الجليدية وموجة البرد القارص التي تضرب العالم، وبخاصة منطقة الشرق الأوسط، وقد تركت آثاراً مأساوية في كثير من المناطق وسط اللاجئين السوريين، فالثلوج تحاصر المخيمات في كل الحدود السورية مع الأردن ولبنان وتركيا؛ حيث يُحتجز اللاجئون هناك.
في هذه المخيمات تنعدم وسائل التدفئة والغذاء، وقد تُرك هؤلاء اللاجئون يواجهون هذه الظروف المأساوية بلا أدنى شفقة ولا معين، بل إن الدول المجاورة لسوريا اتخذت تدابير تحد من تدفق اللاجئين إليها، مما تسبب في عدد كبير من الوفيات في هذه المعسكرات، سواء في الداخل أو خارج سوريا. ذكر مصدر طبي سوري أن خمسة أطفال بينهم رضيع توفوا في مدينة الدومة بريف دمشق بسبب البرد ونقص الغذاء، ومن جهتها قالت وكالة مسار إن طفلة لقيت حتفها من جراء البرد القارس في بلدة دير العصافير. كما توفي ثلاثة أطفال في مخيم الزعتري الذي يقع على الحدود الأردنية السورية. وفي بلدة بيت فوربك نحو عشرين طفلاً توفوا نتيجة موجة البرد. هذا غيض من فيض والقائمة تطول، والعدد في حالة ازدياد دائم بسبب استمرار موجة البرد هذه.
التعليق:
لقد كثر القتل والتدمير والتهجير وسط الأهل في سوريا من قبل طاغية العصر وسفاح زمانه بشار، فلجأوا إلى إخوانهم في دول الجوار عسى أن يجدوا ملجأ أو مأوى، فكانت العواصف الجليدية التي حصدت الأطفال والشيوخ، وكثرت الأرامل والثكالى من النساء، فهل لأهل سوريا حق في العيش في الأردن ولبنان وتركيا والعراق، وهل حكومات هذه البلاد لها الحق في منعهم من الدخول، وإسكانهم في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، حتى صار حالهم إلى ما نشاهده اليوم من أسى وحرمان؟!
إذا كان الذي يحدد الحقوق والواجبات هي اتفاقية سايكس – بيكو التي وزعت بلاد المسلمين إلى دويلات، فليس لهم أدنى حق. والذي تقدمه لهم هذه الحكومات، إنما هو مكرمة منها تستحق أن تشكر عليها. أما إذا كان الذي يحدد الحقوق والواجبات هو الله سبحانه وتعالى، فإنه يقول: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)، وفي حديث عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» رواه مسلم.
هذا هو موقف المسلم من أخيه المسلم؛ التوادد والتراحم والتعاطف بدرجة صيرورة العضو من الجسد. وهذا ما فهمه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجسدوه عملياً بعد تلك المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، التي أقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفته رئيساً للدولة، ليحل بها مشكلة المهاجرين الذين تركوا أهلهم وأموالهم وأولادهم، فضرب الأنصار أروع الأمثال، فآخى الرسول صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع فقال له سعد: يا أخي إني من أكثر أهل المدينة مالا فتعال أشاطرك مالي ولي امرأتان أنزل لك عن أيتهما شئت فقال له عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك دلني على السوق فدله على السوق فاشترى وباع وأبطأ عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أياما ثم رآه النبي صلى الله عليه وسلم وعلى ثوبه صفرة فقال: مهيم؟ قال: إني تزوجت امرأة قال: على كم؟ قال: على وزن نواة من ذهب قال: بارك الله لك أولم ولو بشاة.
وهو ما فهمه عمرو بن العاص في عام الرمادة حينما طلب منه سيدنا عمر رضي الله عنه مددا لأهل المدينة فقال له إني مرسل لك قافلة أولها عندك وآخرها عندي. هذا هو الإجراء الذي يجب أن يتخذ حيال أهلنا في سوريا، ولكن أين منهج الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يوجب على الحكام ذلك!
نعم إن غياب هذا المنهج هو سبب مأساة أهل سوريا وأهل فلسطين وأهل العراق وأهل أفغانستان وأهل الشيشان والمسلمين جميعا. اللهم يا مغيث إنا نستغيث بك، فأغثنا بخليفة رباني يكون لنا ستراً وحجابا من القتل والتشريد ومن الذل والبرد والجوع، يا مغيث.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس/ حسب الله النور