خبر وتعليق تفاوُت ردات فعل المسلمين لأحداث فرنسا والحل واحد
الخبر:
لا تكاد تجد وسيلة إعلام واحدة في العالم لم تكتب على أحداث فرنسا الأخيرة، ولا أبالغ إن قلت أنه لم يخلُ مقال أو خبر أو برنامج إذاعي أو نشرة إخبارية واحدة أو…أو.. إلا وذُكر فيها الإسلام وتُحدّث عن المسلمين.
فوسائل الإعلام الغربية قد صبّت جام غضبها على الدين الإسلامي وقالت أنه هو المتسبب في كل ما حصل ويحصل في العالم من قتل ودمار وفساد… وأخرى ادعت أنها تلتزم المحايدة أو هي “تراعي مشاعر قرائها كيفما كانت انتماءاتهم”. وقالت أخرى “حرية التعبير لا تعني أن نقوم بأي شيء نريده فقط لأننا نملك القدرة على القيام به”…
وأما وسائل الإعلام العربية وغير العربية التي تدين شعوبها بالاسلام، فقد اتخذت هي الأخرى مواقف مختلفة مما حصل في فرنسا وما تبعه من هجوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم والإسلام والمسلمين، وكانت في جلها مُدينة للقتل الذي حصل في باريس رافضة له، ولكنها في الوقت نفسه مستنكرة مدافعة عن الرسول وعن المسلمين، إلا نزرا قليلا من وسائل الإعلام التي هي بمثابة امتدادٍ لوسائل الغرب في بلادنا. فقد كانت مواقفها مخزية ولم تحد عن وسائل الإعلام الغربية في التشدق بحرية الرأي والتعبير، مبررة الهجوم على الرسول وعلى الإسلام والمسلمين، حتى إنه كان من بينها من دعا إلى إدماج المسلمين قهرا في بلاد الغرب أو طردهم منها…
التعليق:
مما هو معلوم من الدين بالضرورة ولا يخالف فيه إلا مكابر، أن عداوة الكفار للمسلمين لا تنقطع، فهم وإن نطقوا بالموادعة، فإن قلوبهم تأبى إلا الكيد والغدر بالإسلام وأهله، يقول الحق سبحانه: ﴿كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [التوبة: 8]. فالكفار هذا واقعهم، ومحرم على المسلمين أن يظنّوا فيهم غير ذلك.
ولكن ما يحزّ في القلب وتتفطر له الجوارح، أن يغيب عن المسلمين العلاج الصحيح للمشكلة التي أهين فيها دينهم ونبيهم والمسلمين جميعا، وهم يكررون طريقة العلاج الخاطئة لها منذ عقود وعقود. ولو تدبر المسلمون أمرهم واعتبروا من تاريخهم لأرشدهم إلى خير الأعمال وأصلحها.
فبغض النظر عمن قام بقتل الرسّامين، وإذا كانت الحادثة كما يدعي الإعلام والمخابرات والأجهزة الأمنية، هو عمل إرهابي وحجر عن الحريات، أم كان أمراً قد دبر بليل، فإن الدول الغربية تستغل هذه الحادثة وتوظفها لقضاء مصالحها وكسب أكبر قدر من المنافع لها.
أما المسلمون، فمن جراء تأثير الماكينة الإعلامية الغربية على الشعوب، وتبعية الإعلام المهترئ في بلاد المسلمين، فإنه أول ما تصنع التهمة لهم وعلى أي وجه سيقت وقيلت، فلا ترى ممن يمثلونهم زيفا وكذبا إلا التبرؤ والاعتذار والتنديد، وربما إرسال الوفود لتأكيد حسن السيرة. فما كان من جهلهم وسفَههم وخيانتهم إلا أن أثبتوا التهمة على شعوبهم وألزموهم بها.
وما كان على المسلمين والحال هذه إلا أن ينفضوا أيديهم من هؤلاء الرويبضات ويتداركوا أمرهم معهم. فيعوا أن الغرب والحكام هم وجهان لعملة واحدة، وأن الذي يرد الاعتبار إلى دينهم ونبيهم ويلجم المستهزئين ويذيقهم وبال أمرهم، هو حاكم ربانيّ، مخلص غيور على أمته، وعلى دينها ورسولها. يقوم لله بالحق، فيثأر للدماء الزكية التي تسفك في طول البلاد وعرضها، ويقطع دابر الكفار من بلادنا، وينسي المستهزئين والكفار وساوس الشيطان. وإلى أن يحين الوعد الحق ويحزم المسلمون أمرهم ويستأنفوا الحياة الإسلامية، فإننا نسلط على المستهزئين والكفار قول الضحوك القتّال في عتبة بن أبي لهب: “اللهم سلط عليه كلبًا من كلابك”
والقصة كما وردت في تفسير ابن كثير:
“كان أبو لهب وابنه عتبة قد تجهزا إلى الشام، فقال ابنه عتبة: والله لأنطلقن إلى محمد ولأوذينّه في ربه سبحانه وتعالى، فانطلق حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد (هو يكفر) بالذي دنى فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم سلط عليه كلبًا من كلابك”.
ثم انصرف عنه، فرجع إلى أبيه فقال: يا بني ما قلت له؟ فذكر له ما قاله، فقال: فما قال لك؟ قال: قال: “اللهم سلط عليه كلبًا من كلابك”. قال: يا بني، والله ما آمن عليك دعاءه!
فساروا حتى نزلوا بالشراة وهي أرضٌ كثيرة الأسد، فقال: أبو لهب إنكم قد عرفتم كبر سني وحقي، وإن هذا الرجل قد دعا على ابني دعوة والله ما آمنها عليه، فاجمعوا متاعكم إلى هذه الصومعة وافرشوا لابني عليها ثم افرشوا حولها، ففعلنا، فجاء الأسد فشمَّ وجوهنا فلما لم يجد ما يريد تقبض فوثب وثبة، فإذا هو فوق المتاع فشمَّ وجهه ثم هزمه هزمة ففسخ رأسه!! فقال أبو لهب: قد عرفت أنه لا يتفلت من دعوة محمد!!”
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
هشام الأندلسي – أوروبا