خبر وتعليق ليس بالمشاعر وحدها نردّ كيد الكافرين
الخبر:
ورد في صحيفة الرأي العام وفي أغلب الصحف الصادرة في الخرطوم صباح السبت 17 يناير 2015م الموافق 26 ربيع أول 1436هـ خبرٌ عن خروج مئات المصلين عقب صلاة الجمعة للتظاهر في الطرقات احتجاجاً على إعادة نشر الصحيفة الفرنسية سيئة الذكر (شارلي إيبدو) لرسومات مسيئة لرسول الأمة صلى الله عليه وسلم.
التعليق:
إن هذا الحدث الجلل الذي أغضب فوق المليار مسلمٍ حول العالم له ما قبله وله وما بعده؛ ولذلك كان لا بد من التعليق لتوضيح بعض الحقائق:
أولاً: إن ما فعلته صحيفة (شارلي إيبدو) أو (شر إيبدو) من تحدٍ سافرٍ لأكثر من مليار مسلم حول العالم لهو أمر طبيعي ينسجم مع نفسية الكافر المريضة، والمليئة حقداً وحسداً على الأمة، وهذا الأمر محسوم بنص القرآن الكريم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَاأَنْتُمْ أُولاَءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ [آل عمران: 118ـ122]. هذه هي الحقيقة القرآنية القطعية الدلالة، التي يتغافل عنها كثير من الناس، وهي أن الكافرين هم العدو أيها المسلمون، وتتنزل هذه العداوة في شكل شتائم ودسائس ومؤامرات، يظهرون منها القليل وما تخفي صدورهم أكبر.
ثانياً: إن تاريخ الحروب الصليبية خير شاهد على وحشية [الفرانسيس] ودمويتهم، وكذلك التاريخ القريب، فما حدث في الجزائر ومالي وأفريقيا الوسطى، وما يُلقى كل يوم وليلة من براميل متفجرة بمساندة ومباركة من [الفرانسيس] لبشار أسد في سوريا، كل هذا يكشف عن وحشية ودموية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً إلا في الغرب المتوحش…
ثالثاً: إن الصراع بين الإسلام والصليبية الرأسمالية هو صراع حضارات، فها هو الإسلام يتأهب لابتلاع القارة العجوز العاقر التي توقفت عن الإنجاب والإبداع، وهذا المد الإسلامي المتنامي والزاحف لمحاصرة أوروبا هو الذي جعل [الفرانسيس] يرتعبون ويرتجفون ويدخلون آخر خنادق الدفاع عن حضارتهم البالية؛ حضارة الرأسمالية والإرهاب، فيحاولون شيطنة الإسلام من خلال القيام بأعمال يائسة بائسة يظنون من خلالها تشويه ما يمكن تشويهه من صورة الإسلام والمسلمين حتى يسهل محاربتهم وتصفيتهم تحت عنوان محاربة الإرهاب، ونحن نعلم أن [الفرانسيس] هم أم الإرهاب وأبوه.
رابعاً: نتابع في بلاد المسلمين العديد من ردود الأفعال الغاضبة كلما أساء الكافرون لنبي الأمة أو أحد رموزها العقدية، فترى الطرقات تمتلئ بالمتظاهرين والغاضبين الذين ترتفع أصواتهم نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر طيب أن يغضب المسلمون لمثل هذه الشرور الصليبية الرأسمالية. ولكن أن تُبنى هذه الأعمال على المشاعر والانفعالات فحسب، أي على الرغبة والحماس، فهذا ما لا نرتضيه لأمة الفكر والوحي والوعي، فهذه التظاهرات عادة ما تنتهي بالخمود واليأس والجمود، وقابلة للاحتواء، كونها لم تمتلك رؤية فكرية واضحة للكيفية العملية للرد على شاتم الرسول من الفرنجة.
إن الرد على شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم يكون بالتقيد بشرعته ومنهاجه والعمل وفق طريقته في التغيير، وهذا التقيد يستوجب حمل الإسلام بالكفاح السياسي والنضال العقائدي والصراع الفكري والكشف والتبني؛ أي حمل الإسلام حملاً سياسياً من أجل غاية واضحة وهي وحدة الأمة، بإقامة الدولة والشوكة التي تحمل الإسلام وتقيم الدين، وتدافع عن الرسول الأمين، دولة يُعز فيها المسلمون ويُذل فيها [الفرانسيس] الكافرون، فقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خطورة التنكب عن صراط الله المتين، كونه يورث الذل، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أبو داود في مسنده عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ».
فالرسول صلى الله عليه وسلم يبين لنا بوضوح أسباب الذل الذي يعيشه المسلمون، فكل من هب ودب من الشواذ عقدياً والمنحرفين سلوكياً، يسعون لإذلال هذه الأمة شتماً لرسولها وسباً وتدنيساً لمقدساتها، ذلك أننا جعلنا الدنيا أكبر همنا وتعاملنا بالربا وتركنا الجهاد فلا مناص لنا ولا ملاذ لنا إذا أردنا العزة إلا بالرجوع، كما أخبر صلى الله عليه وسلم، إلى ساحات الجهاد وتحريك الجيوش والحكم بما أنزل الله في ظل دولة الإسلام؛ دولة الخلافة الراشدة على منهاجه عليه الصلاة والسلام، عندها فقط نستطيع أن نؤدب كل من يسيء، ليس لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فحسب، بل حتى من يسيء لطفل من أطفال الأمة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عصام الدين أحمد أتيم
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان