خبر وتعليق قادة العراق يرضون شعبهم بألسنتهم ويوافقون الكافرين بقلوبهم
الخبر:
نقلت جريدة الصباح العراقية في عددها الصادر في 18 كانون الثاني 2015 خبرا تحت عنوان “الأوساط السياسية تستنكر الإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم”، التي تناولتها إحدى الصحف الفرنسية تحت عنوان «حرية التعبير»، اشتمل على أربعة تصريحات لرئيس الوزراء (العبادي) ورئيس البرلمان (الجبوري) ونائب الوزراء (الأعرجي) ورئيس كتلة ائتلاف دولة القانون النيابية (الأديب) جمع بينها مفهوم مشترك مفاده: أن هذه الإساءة لا تمت بصلة إلى حرية التعبير لكون الحرية لا تعني الإساءة إلى الاخرين ومعتقداتهم، ومنضبطة بقواعد تنظمها وهي ليست مطلقة إلى الدرجة التي تتجاوز فيها على القوانين والخصوصيات، وأن الأمر مبرمج يراد منه خلق الفرقة بين الأديان، وأن استخدام الحرية بهذا الشكل هو بالضد تماما من مرتكزات الغرب السياسية.
التعليق:
للتعليق على هذا الخبر لا بد من ثلاثة محاور فيما يلي تفصيلها:
الأول: أن هؤلاء الساسة – وأمثالهم كثير في العالم الإسلامي – قد شربوا ثقافة الغرب الكافر، وحضارته الرأسمالية، وتطبعوا بطباع أهلها وصاروا يفكرون بنفس طريقتهم.. وباتوا لا تهزهم عنجهية الكافرين واستعلاؤهم ولو أصابت أقدس شيء عند المسلمين: عقيدتهم الإسلامية، أو كتاب ربهم عز وجل، أو رسوله عليه الصلاة والسلام، بل لقد غادرتهم حرارة الإيمان وانطفأت جذوتها منذ زمن بعيد، وأصابهم شرر ذنوبهم، وحل بهم سيّئ عواقبها فنسوا قول الله تعالى: ﴿وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾. والناظر في تصريحاتهم يدرك برودتها وجفافها، وكأن أحدهم يقرر كلاما في محاضرة لا يمس بشاشة قلبه.. ولولا عِلمُ الكافر المستعمر بدواخل نفوسهم ما نصبهم على رقاب المسلمين يطوعونها خدمة لأسيادهم.
الثاني: أن حكام المسلمين عموما وهؤلاء خصوصا قد أعلنوا الكفر صريحا بتبنيهم لعقيدة الغرب الباطلة وطبقوا عمليا أحكام الكفر التي انبثقت عنها، وغلبوا جانب المصلحة المزعومة في علاقاتهم مع دول الكفر كأمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا ولو تعارضت مع أحكام دينهم، وحاربوا أولياء الله سبحانه، وقصروا شريعة الإسلام التامة المُحكمة – بعقيدتها الناصعة وأحكامها ومعالجاتها الربانية لكل شؤون الحياة والدولة والمجتمع – قصروها على دائرة العبادات الفردية الضيقة وشيء من أحكام الأسرة، وتنكروا لما سواها من تشريعات الحكم والسياسة والاقتصاد والقضاء والعلاقات الدولية… بل وعَدُّوا مَن يدعو ويعمل لتطبيقها في واقع الحياة متشددا وأصوليا وآتياً ببدع من الأمر.. ثم رمَوهُ – كما عُلموا – بالإرهاب وخلعوا عليه من الأوصاف والتُهَم ما الله به عليم، وصدق فيهم قوله الحكيم: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا * قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾.
الثالث: أن التعرض بالسب والانتقاص لشخصية عالية كرسول الله صلى الله عليه وسلم يعد جريمة نكراء لا يغسلها إلا قتل فاعلها ولا يستتاب؛ مسلما كان أم ذمياً، وقد نقل أهل العلم الإجماع عليه من الصحابة فمن بعدهم والأئمة الأربعة على تفصيل بينهم… وقد دلت عليه حوادث عدة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، أهدر فيها دم من تلبس بها. ولو كان في قلوب حكامنا حبة خردل من إيمان لما خنعوا هذا الخنوع، ولا لبسهم العار والذل، ولأقاموا الدنيا ولم يرضوا بغير الضرب لأعناق المجرمين، ولجهزوا لذلك الجيوش إحقاقا للحق وإعلاء لكلمات الله عز وجل… وإن فرج الله لقريب، ورحمته واسعة، وسيؤيد عباده العاملين المخلصين لإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ويومها سيُقتص من كل مَن آذانا وظلمنا وحرمنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو زيد
المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية العراق