خبر وتعليق الفوضى الخلّاقة في اليمن: استراتيجية أمريكية أم تخبط؟
الخبر:
قال البيت الأبيض، اليوم الجمعة، أن الولايات المتحدة تريد مواصلة تعاونها الوثيق مع اليمن في مكافحة الإرهاب، وأنها تعتبر سيطرة المتمردين على حكومة البلاد ليست علامة على أن إيران أو القاعدة لها سيطرة هناك. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض (جوش إيرنست) أن لا علم له بأي تغييرات تشمل الضربات الأمريكية بالطائرات بدون طيار التي استهدفت القاعدة في اليمن ونفذتها واشنطن بدعم من الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي. وقال أيضاً أن الولايات المتحدة قلقة بشأن الاستقرار السياسي في اليمن، لكنها تعتبر فرع تنظيم القاعدة في البلاد هو الأخطر في العالم، وأضاف أنه لا يوجد تغيير في السياسة الأمريكية بشأن اليمن في هذه المرحلة، وأنه لا تزال لإدارة أوباما شراكة قوية مع البنية التحتية للأمن الوطني في اليمن. وقال كذلك أنه “ليس واضحاً” إن كان لدى إيران سيطرة أو نفوذ على المتمردين، وأشار إلى أن الحوثيين والقاعدة “أعداء”. ]واشنطن – رويترز[.
التعليق:
إن تصريحات البيت الأبيض التي جاءت على لسان إيرنست هي بمثابة إعلان انتصار لأمريكا، واعتراف منها بآخر فصول الانقلاب الذي قام به الحوثيون أذيال عملائها في إيران على حطام عملاء أوروبا العجوز، وهو تأكيد على أن الحوثيين سلطة شرعية، وستتعامل أمريكا معهم على هذا النحو، بل و”ستتحالف” معهم في قتال كل منافسيهم، وهم من استعاض عنهم إيرنست بوصفهم بالإرهاب أو القاعدة.
منذ اندلاع الثورة اليمنية الشعبية في كانون الثاني 2011م للإطاحة بالنظام الحاكم برئاسة عميل الإنجليز (علي عبد الله صالح)، الذي جثم على صدر الناس لنحو ثلاثة عقود عجاف، منذ ذلك تكالبت القوى الدولية الغربية (أمريكا من جانب وأوروبا العجوز بقيادة بريطانيا من جانب آخر)، لاحتواء الثورة، حتى لا ينفلت عقال اليمن من تبعيتها للغرب وتنعتق منه إلى التحرر والاستقلال. وقد كان تخوف الغرب (أوروبا وأمريكا) هو أن تؤول اليمن إلى دولة إسلامية مستقلة عنه؛ من أجل ذلك وضعت أوروبا بقيادة بريطانيا كل ثقلها للحفاظ على عملائها في الوسط السياسي اليمني، ونشطت أمريكا في اليمن في شراء ذمم السياسيين والعسكريين وزعماء القبائل، وكان عميلها جمال بن عمر والسفير الأمريكي في اليمن هما من يقوم بهذا العمل الدنيء. وفي نهاية المطاف، وبعد مرور اليمن بتجاذبات سياسية اشتركت فيها دول المنطقة العميلة للغرب، وخصوصا دول تعاون الخليج، يبدو أن المطاف قد انتهى باليمن إلى شواطئ ”بلاد العم سام”، من خلال تدرج أمريكا بالحوثيين وإيران (عملائها في المنطقة)، وبتواطؤ من العملاء السياسيين والعسكريين وزعماء القبائل من الذين اشترى جمال بن عمر والسفير الأمريكي ذممهم.
إن رخص ذمم كثير من السياسيين والعسكريين وزعماء القبائل في اليمن يجعل من السهل على أي ثري شراءها للزج بالبلاد في فوضى عارمة، وما قامت به أمريكا من شراء الذمم، وبالتالي التمكين لأذيال عملائها في اليمن، ليس عملا جبارا أو بدعا من العمل السياسي، بل هو عمل ينسجم مع سياسة المحافظين الجدد في إدارة جورج بوش (بقيادة رامسفلد، وشيني)، سياسة “الفوضى الخلاقة”، فالإدارة الأمريكية السابقة والحالية لا يوجد لديها خطة محكمة مدروسة تريد تنفيذها في اليمن وفي كثير من المناطق، لذلك تقوم بإشعال الحرائق هنا وهناك لتتمكن من إيجاد الاستقرار لعملائها الجدد في اليمن، لكن تعدد الأطراف السياسية واختلاف ولائها يحول دون إيجاد الاستقرار، وخصوصا مع دخول لاعب جديد على الساحة، وهو الأمة المخلصة، التي تعمل وتتوق إلى الانعتاق من ربقة الغرب وعملائه.
وختاما أدعو الله أن يقي يمن الحكمة شرور المؤامرات الغربية، وأن تنفض عن ثوبها دنس الصليبيين وعملائهم، وأن يهدي الله المخلصين في الجيش اليمني والمخلصين من رجال القبائل إلى إعطاء النصرة للمخلصين من هذه الأمة، أصحاب مشروع الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، ففي ذلك عز لليمن والأمة جمعاء، وخزي للكافرين وعملائهم.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ بلال المهاجر- باكستان