خبر وتعليق أستراليا إذ تدخل في مصاف الدول القمعية
الخبر:
وضع تقرير جديد للأمم المتحدة أستراليا في مصاف الدول القمعية في الشرق الأوسط والصين وكوبا وغيرها من حيث انتهاكات حقوق الإنسان بسبب قوانين مكافحة الإرهاب الجديدة وسياسة أستراليا تجاه اللاجئين.
وقد وصف التقرير قوانين مكافحة الإرهاب التي تم سنّها مؤخراً على عجل من قبل حكومة رئيس الوزراء توني أبوت بأنها غامضة ومفرطة من حيث التطبيق.
التعليق:
من بين القوانين الجديدة هذه، تم توسيع تعريف الإرهاب ليشمل كل من “يحرّض” أو “يشجع” أو “يؤيد” أو “يناصر” الإرهاب، ولا يقتصر على الذين يقومون بأعمال مادية كما هو الحال في كل دول العالم، لتكون أستراليا أوَّل دولة غربية تقدم على هذا التعريف الفضفاض للإرهاب، ليفتح المجال أمام الحكومة لتُجرّم كل من يقول رأياً قد يحمل في طيّاته تحريضاً أو تأييداً أو فرحاً أو مناصرة للإرهاب، كجهاد الدفع في العراق وأفغانستان وفلسطين، أو بمجرد تلاوة وتفسير بعض آيات القرآن الكريم كما قال بعض الحقوقيين الذين أبدوا مخاوفهم من ذلك القانون.
طبعاً لا يدخل في تعريف تشجيع الإرهاب من يناصر ما تقوم به الحكومات الغربية من سياسة خارجية مبنية على الإرهاب، ولا من يدعم قتل دولة يهود للمدنيين في غزة، ولا من يؤيد مجازر بشار الأسد والسيسي الذي هنأه أبوت نفسه على سياساته القمعية!
كما وتحتوي القوانين الجديدة على صلاحيات واسعة وغير مسبوقة للاستخبارات الأسترالية بما في ذلك احتجاز المتهمين في مكان سرّي وبدون أي تهمة لأشهر قابلة للتمديد، بالإضافة إلى السماح بالتنصت على كل أجهزة الاتصالات لأي شخص، وفوق كل ذلك السماح للمخابرات بزرع أجهزة تجسس بل وكاميرات سرية في بيوت المواطنين لمراقبتهم داخل منازلهم!
كما وتتعدى القوانين الجديدة على حرية التنقل والسفر، فيصبح سفر المواطن إلى دول بعينها – سمّتها الدولة “مناطق مشبوهة” – تهمة بحد ذاتها حتى يثبت العكس! بحيث يصبح سفر المرء إلى بلاد مثل العراق ولبنان وسوريا (والحبل على الجرار – حيث يمكن للحكومة ضم مناطق مشبوهة أخرى لهذه القائمة) كافياً لتوجيه تهمة للشخص حتى يثبت أن سفره لا يشكل تهديداً لأمن أستراليا!
لم يُخطئ الكثير من الأكاديميين والخبراء في أستراليا حين وصفوا تلك القوانين بأنها وحشّية وبأن استراليا قد تجازوت دولاً كبرى مثل بريطانيا وأمريكا وكندا من حيث أثر هذه القوانين على ما تدعيه من حرية تعبير والحريات الأخرى، حتى بلغ الأمر بأن وصف أحدهم أستراليا بأنها لا تتشابه إلا مع (إسرائيل) من حيث شدة القوانين.
إن دل هذا على شيء، فإنمّا يدل على أن القوم لا يختلفون كثيراً عن كفار قريش الذين كانوا يصنعون لأنفسهم آلهة من عجوة، فإن جاعوا أكلوها. كما يدل ذلك على تخبط الدولة وهي ترى إقبال الشباب المسلم في هذا البلد الذين وُلدلوا وترعرعوا فيها على الإسلام وعلى دروس العلم، والإعراض عن الحضارة والثقافة الغربية. فقد بات هؤلاء الشباب والشابات كمثل موسى عليه السلام الذي ترعرع في كنف فرعون وقصره. فبعد أن فشل الغرب في استمالة جيل الشباب الذين ترعروا في عقر داره، يعاقبهم على اختيارهم هذا والذي أصلاً لا يشكل خطرا عليهم.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أنس الوحواح
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في أستراليا