Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق الجنسية من أجل ضمان الحقوق


الخبر:

أجرت وكالة أخبار المرأة تحقيقا عن معاناة اللبنانيات المتزوجات من أجانب عن عدم تمتعهن بحق منح أطفالهن الجنسية اللبنانية، وذلك عبر شهادات نساء متزوجات من أجانب وإحدى المناضلات في سبيل نيل المرأة اللبنانية هذا الحق ووقع هذا القانون على حياتهن وحياة أولادهن. وقد خلص التحقيق أنه بالرغم من نص الدستور اللبناني على مساواة المواطنين اللبنانيين أمام القانون وعلى تمتعهم بالحقوق المدنية والسياسية نفسها. إلا أن المساواة بين المرأة والرجل في لبنان تبقى في الواقع أمراً نظرياً بالمطلق..


التعليق:

إن لبنان بلد الـ 18 طائفة والقائم على أساس نظام جمهوري برلماني ديمقراطي يختلف عن بقية الدول العربية من ناحية الوجود الفعّال للنصارى في الحياة السياسية والعامة. إنه يعتمد على نظام توزيع السلطات على الطوائف فمثلاً رئاسة الجمهورية تعود للموارنة ورئاسة الوزراء تعود للسنة أما رئاسة مجلس النواب فهي للشيعة.

وعلى صعيد مجلس النواب فيقسم أعضاؤه بالتساوي بين النصارى والمسلمين وذلك بعد اتفاق الطائف عام 1989م. أما في الحكومة فيقوم رئيس الوزراء بتعيين الوزراء متَّبعاً عرف التوزيع الطائفي. حتى الأحزاب السياسية العلمانية فمعظمها يخضع للنظام الطائفي.

إن هذه التركيبة الطائفية المعقدة لأسس النظام السياسي في لبنان جعله عرضة لاستغلال القوى الأجنبية وبعض القوى المحلية من أجل تحقيق مصالح سياسية واقتصادية، وقد بلغ هذا الاستغلال ذروته خلال الحرب الأهلية بين عام 1975م إلى عام 1990م. إذ لم يستطع لبنان منذ نشأته أن يستقل سياسيا واقتصاديا من الناحية العملية وذلك بحكم اختلاف التوجهات السياسية لشتى طوائفه وأحزابه.

ويعود التأثير الديموغرافي للسكان إلى عام 1920م عندما قامت فرنسا بتنظيم عملية تهجير للموارنة السوريين إلى لبنان بغية جعل إقليم لبنان ذا أكثرية نصرانية على المسلمين، ولكن هذا المخطط لم يكتمل وسرعان ما تعدّلت التركيبة السكانية وفاق عدد المسلمين عددَ النصارى حتى بلغ أكثر من الضعف وذلك بسبب هجرة الكثير من النصارى وحصولهم على الجنسية في بلاد الاغتراب مقابل ارتفاع في نسبة المواليد عند المسلمين في لبنان.

كل هذه المعطيات الحديثة عن عدد السكان في لبنان وعن تقسيمهم الديموغرافي تستند إلى التقديرات وهي ليست دقيقة؛ فمنذ عام 1932م لم تنشر المؤسسات اللبنانية أي إحصاء رسمي للتوزيع السكاني للشعب اللبناني.

وبعد هذه النبذة السريعة لواقع لبنان السياسي والديموغرافي نستعرض قانون الجنسية العائد إلى تلك الحقبة والمتأثر بذلك الواقع، إذ يشكل هذا القانون جزءاً من نظام سياسي واجتماعي يسعى الزعماء إلى الحفاظ على وهم الأغلبية النصرانية البسيطة، وذلك لأن النظام الحالي والذي لم يتغير عن شكله الطائفي الذي تأسس عليه، لا يستطيع، بل ليس من مصلحته تغيير هذا القانون وهو منع المرأة اللبنانية منح جنسيتها لأطفالها من والد أجنبي غير لبناني. لأن هذا التغيير سيؤدي إلى ارتفاع نسبة المواليد عند المسلمين وبالتالي سيؤدي إلى خلل بالتوازن الديموغرافي للسكان أكثر مما هو حاصل..

إن إجحاف هذا القانون بحق المرأة اللبنانية وبحق أولادها أيضاً لا علاقة له بمدى تحقيق المساواة بين المرأة والرجل بقدر ما له علاقة بشكل النظام الطائفي السائد في لبنان، وكل ما يتم تشريعه أو إقراره يخضع لذلك النظام العفن الذي ما جلب لأهله إلا الظلم والويلات والحروب الأهلية.

نظام في بلد تم فرضه من قبل الدول الاستعمارية لذلك نجد علاقة الحكام بالشعب علاقة مصلحية ضاعت حقوقه بين سياساتهم وتنفيذهم لأجندات خارجية. نظام فتح الباب على مصراعيه للدول الاستعمارية الطامعة في بلاد المسلمين الناهبة لثرواتهم لتصول وتجول في البلاد فتغذي النزعات الحزبية وتثير الفتن الطائفية والمذهبية حتى أصبح القاتل لا يدري فيمَ قتل ولا المقتول فيما قُتل.

أنظمة غير قادرة على رعاية شؤون الناس وتأمين احتياجاتهم على نحو يضمن لهم حقوقهم، فمن الغريب أن نسمع أصواتاً تنادي بالحصول على جنسية لبلد غاب العدل فيه وأصبح منطق الصراع بين الزعماء هو سيد الموقف!!

إن الأمة الإسلامية واحدة بمبدئها ودينها، كما أن وحدة المسلمين السياسية هي نتاج طبيعي لوحدتهم العقائدية، ولقد قرر الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الوحدة منذ اللحظة الأولى لبناء الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، فتوحد المسلمون على أساس الإسلام وفق منهاج رباني حدد هوية الأمة والدولة معا.

والكيان السياسي الذي سيجمع الأمة ويوحد المسلمين هو دولة الخلافة على منهاج النبوة، وإقامتها فرض عظيم لأنه بإقامتها يتحقق فيها قوله سبحانه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾. وهذا يعني أنه يجب العمل على إيجاد ولي الأمر، وولي الأمر هو الخليفة وليس الملك أو رئيس الجمهورية لقوله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾. والحكم بما أنزل الله لا يتحقق إلا بالخلافة التي وعدنا بها الرسول الكريم في الحديث الشريف: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت»

 



كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رنا مصطفى (أم عبد الله)