إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 38)
سياسة الاقتصاد في الإسلام
الحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لِلنَّاسِ أحكَامَ الرَّشَاد, وَحَذَّرَهُم سُبُلَ الفَسَاد, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَيرِ هَاد, المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعِبَاد, الَّذِي جَاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ الجِهَادِ, وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الأَطهَارِ الأمجَاد, الَّذِينَ طبَّقُوا نِظَامَ الِإسلامِ فِي الحُكْمِ وَالاجتِمَاعِ وَالسِّيَاسَةِ وَالاقتِصَاد, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ يَومَ يَقُومُ الأَشْهَادُ يَومَ التَّنَاد, يَومَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العِبَادِ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا إِروَاءُ الصَّادِي مِنْ نَمِيرِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي, وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّلاثِينَ, وَعُنوَانُهَا:”سِيَاسَةُ الاقتِصَادِ فِي الإِسلامِ”. نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي كِتَابِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي فِي الإِسلامِ (صَفحَة 60) لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ.يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
”سِيَاسَةُ الاقتِصَادِ هِيَ الهَدَفُ الَّذِي تَرمِي إِلَيهِ الأحكَامُ الَّتِي تُعَالِجُ تَدبِيرَ أُمُورِ الإِنسَانِ. وَسِيَاسَةُ الاقتِصَادِ فِي الإِسلامِ هِيَ ضَمَانُ تَحقِيقِ الإِشبَاعِ لِجَمِيعِ الحَاجَاتِ الأسَاسِيَّةِ لِكُلِّ فَردٍ إِشبَاعًا كُلِّيًا، وَتَمكِينِهِ مِنْ إِشبَاعِ الحَاجَاتِ الكَمَالِيَّةِ بِقَدْرِ مَا يَستَطِيعُ، بِاعتِبَارِهِ يَعِيشُ فِي مُجتَمَعٍ مُعَيَّنٍ، لَهُ طِرَازٌ خَاصٌّ مِنَ العَيشِ، فَهُوَ يَنظُرُ إِلَى كُلِّ فَردٍ بِعَينِهِ، لا إِلَى مَجمُوعِ الأَفرَادِ الَّذِينَ يَعِيشُونَ فِي البِلادِ. وَيَنظُرُ إِلَيهِ بِاعتِبَارِهِ إِنسَانًا أوَّلاً لا بُدَّ مِنْ إِشبَاعِ جَمِيعِ حَاجَاتِهِ الأَسَاسِيَّةِ إِشبَاعًا كُلِّيًا، ثُمَّ بِاعتِبَارِ فَردِيَّتِهِ المُشَخَّصَةِ ثَانِيًا بِتَمكِينِهِ مِنْ إِشبَاعِ حَاجَاتِهِ الكَمَالِيَّةِ بِقَدْرِ مَا يَستَطِيعُ. وَيَنظُرُ إِلَيهِ فِي نَفْسِ الوَقْتِ بِاعتِبَارِهِ مُرتَبِطًا مَعَ غَيرِهِ بِعَلاقَاتٍ مُعَيَّنَةٍ، تُسَيَّرُ تَسيِيرًا مُعَيَّنًا حَسْبَ طِرَازٍ خَاصٍّ.
وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ سِيَاسَةَ الاقتِصَادِ فِي الإِسلامِ لَيسَتْ لِرَفعِ مُستَوَى المَعِيشَةِ فِي البِلادِ فَحَسْبُ، دُونَ النَّظَرِ إِلَى ضَمَانِ انتِفَاعِ كُلِّ فَردٍ مِنْ هَذَا العَيشِ، وَلا هِيَ لِجَلْبِ الرَّفَاهِيَّةِ لِلنَّاسِ وَتَركِهِمْ أحرَارًا فِي الأخْذِ مِنهَا بِقَدْرِ مَا يَتَمَكَّنُونَ، دُونَ النَّظَرِ إِلَى ضَمَانِ حَقِّ العَيشِ لِكُلِّ فَردٍ مِنهُمْ أيًّا كَانَ، وَإِنَّمَا هِيَ مُعَالَجَةُ المَشَاكِلِ الأَسَاسِيَّةِ لِكُلِّ فَردٍ بِاعتِبَارِهِ إِنسَانًا يَعِيشُ طِبقَ عَلاقَاتٍ مُعَيَّنَةٍ، وَتَمكِينُهُ مِنْ رَفْعِ مُستَوَى عَيشِهِ، وَتَحقِيقِ الرَّفَاهِيَّةِ لِنَفسِهِ فِي طِرَازٍ خَاصٍّ مِنَ العَيشِ. وَبِهَذَا تَختَلِفُ عَنْ غَيرِهَا مِنَ السِّيَاسَاتِ الاقتِصَادِيَّةِ.
فَالإِسلامُ فِي الوَقْتِ الَّذِي يُشرِّعُ أحْكَامَ الاقتِصَادِ لِلإِنسَانِ يَجعَلُ التَّشرِيعَ مُوَجَّهًا لِلفَردِ. وَفِي الوَقْتِالَّذِي يَعمَلُ لِضَمَانِ حَقِّ العَيشِ، وَالتَّمكِينِ مِنَ الرَّفَاهِيَّةِ، يَجعَلُ ذَلِكَ يَتَحَقَّقُ فِي مُجتَمَعٍ مُعَيَّنٍ، لَهُ طِرَازٌ خَاصٌّ مِنَ العَيشِ. فَهُوَ يَنظُرُ إِلَى مَا يَجِبُ أنْ يَكُونَ عَلَيهِ المُجتَمَعُ، فِي الوَقْتِ الَّذِي يَنظُرُ فِيهِ إِلَى ضَمَانِ العَيشِ وَالتَّمكِينِ مِنَ الرَّفَاهِيَّةِ، وَيَجعَلُ نَظرَتَهُ إِلَى مَا يَجِبُ أنْ يَكُونَ عَلَيهِ المُجتَمَعُ أسَاسًا فِي نَظرَتِهِ إِلَى العَيشِ وَالرَّفَاهِيَّةِ. وَلِذَلِكَ تَجِدُ الأحكَامَ الشَّرعِيَّةَ قَدْ ضَمِنَتْ تَوفِيرَ إِشبَاعِ جَمِيعِ الحَاجَاتِ الأسَاسِيَّةِ إِشبَاعًا كُلِّيًا لِكُلِّ فَردٍ مِنْ أفرَادِ رَعِيَّةِ الدَّولَةِ الإِسلامِيَّةِ، مِنْ مَأكَلٍ وَمَلبَسٍ وَمَسكَنٍ، وَذَلِكَ بِفَرْضِ العَمَلِ عَلَى الرَّجُلِ القَادِرِ، حَتَّى يُوَفِّرَ لِنَفسِهِ الحَاجَاتِ الأسَاسِيَّةَ لَهُ وَلِمَنْ تَجِبُعَلَيهِ نَفَقَتُهُمْ. وَفَرَضَهَا عَلَى المَولُودِ لَهُ، وَعَلَى الوَارِثِ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى العَمَلِ. أو عَلَى بَيتِ المَالِ إِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ تَجِبُ عَلَيهِمْ نَفَقَتُهُ.
وَبِهَذَا ضَمِنَ الإِسلامُ لِكُلِّ فَردٍ بِعَينِهِ أنْ يُشبِعَ الحَاجَاتِ الَّتِي لا بُدَّ لِلإِنسَانِ مِنْ حَيثُ هُوَ إِنسَانٌمِنْأنْ يُشبِعَهَا، وَهِيَ المَأكَلُ وَالمَلبَسُ وَالمَسكَنُ. ثُمَّ حَثَّ هَذَا الفَردَ عَلَى التَّمَتُّعِ بِالطَّيبَاتِ، وَالأخْذِ مِنْ زِينَةِ الحَيَاةِ الدُّنيَا مَا يَستَطِيعُ.
وَمَنَعَ الدَّولَةَ أنْ تَأخُذَ مِنْ مَالِهِ ضَرَائِبَ، مِمَّا هُوَ فَرضٌ عَلَى جَمِيعِ المُسلِمِينَ، إِلاَّ مِمَّا يَزِيدُ عَلَى كِفَايَةِ حَاجَاتِهِ، الَّتِي يُشبِعُهَا فِعْلاً فِي حَيَاتِهِ العَادِيَّةِ، وَلَو كَانَتْ حَاجَاتٍ كَمَالِيَّةً. وَبِذَلِكَ ضَمِنَ تَوفِيرَ حَقِّ العَيشِ لِكُلِّ فَردٍ بِعَينِهِ، وَأتَاحَ لَهُ الرَّفَاهِيَّةَ فِي الحَيَاةِ. وَهُوَ فِي نَفْسِ الوَقْتِ حَدَّدَ كَسْبَالمَالِ لِهَذَا الفَردِ فِي إِشبَاعِ حَاجَاتِهِ الأَسَاسِيَّةِ وَالكَمَالِيَّةِ فِي حُدُودٍ مُعَيَّنَةٍ.
وَجَعَلَ عَلاقَاتِهِ عَلَى طِرَازٍ خَاصٍّ. فَحَرَّمَ إِنتَاجَ الخَمْرِ وَاستِهلاكَهَا عَلَى كُلِّ مُسلِمٍ، وَلَمْ يَعتَبِرْهَا بِالنِّسبَةِ لَهُ مَادَّةً اقتِصَادِيَّةً. وَحَرَّمَ أكْلَ الرِّبَا وَالتَّعَامُلَ بِهِ عَلَى كُلِّ مَنْ يَحْمِلُونَ التَّابِعِيَّةَ الإِسلامِيَّةَ، وَلَمْ يَعتَبِرْهَا بِالنِّسبَةِ لَهُمْ مَادَّةً اقتِصَادِيَّةً، سَوَاءٌ أكَانُوا مُسلِمِينَ أمْ غَيرَ مُسلِمِينَ، فَجَعَلَ الوَضْعَ الَّذِي يَجِبُ أنْ يَكُونَ عَلَيهِ المُجتَمَعُ حِينَ الانتِفَاعِ بِالمَالِ أمْرًا أسَاسِيًا عِندَ الانتِفَاعِ بِالمَادَّةِ الاقتِصَادِيَّةِ.
وَقَبلَ أَنْ نُوَدِّعَكُمْمُستَمِعِينَا الكِرَامَ نُذَكِّرُكُمْ بِأَبرَزِ الأفكَارِ التِي تَنَاوَلهَا مَوضُوعُنَا لِهَذَا اليَومِ:
1. سِيَاسَةُ الاقتِصَادِ: هِيَ الهَدَفُ الَّذِي تَرمِي إِلَيهِ الأحكَامُ الَّتِي تُعَالِجُ تَدبِيرَ أُمُورِ الإِنسَانِ.
2. سِيَاسَةُ الاقتِصَادِ فِي الإِسلامِتَهدِفُ إِلَى هَدَفَينِ اثنَينِ:
أ- ضَمَانُ تَحقِيقِ الإِشبَاعِ لِجَمِيعِ الحَاجَاتِ الأسَاسِيَّةِ لِكُلِّ فَردٍ إِشبَاعًا كُلِّيًا.
ب- تَمكِينُ الفَردِ مِنْ إِشبَاعِ الحَاجَاتِ الكَمَالِيَّةِ بِقَدْرِ مَا يَستَطِيعُ بِاعتِبَارِهِ يَعِيشُ فِي مُجتَمَعٍ مُعَيَّنٍ.
3. ضَمِنَ الإِسلامُ لِكُلِّ فَردٍ بِعَينِهِ أنْ يُشبِعَ الحَاجَاتِ الَّتِي لا بُدَّ لِلإِنسَانِ مِنْ حَيثُ هُوَ إِنسَانٌمِنْأنْ يُشبِعَهَا، وَهِيَ المَأكَلُ وَالمَلبَسُ وَالمَسكَنُ.
4. ثُمَّ حَثَّ الإِسلامُ الفَردَ عَلَى التَّمَتُّعِ بِالطَّيبَاتِ، وَالأخْذِ مِنْ زِينَةِ الحَيَاةِ الدُّنيَا مَا يَستَطِيعُ.
5. تَبرُزُ نَظرَةُ الاقتِصَادِ الإِسلامِيِّ إِلَىالفَردِ مِنْ خِلالِ النِّقَاطِ الأربَعَةِ الآتِيَةِ:
أ- يَنظُرُالاقتِصَادُ الإِسلامِيُّ إِلَى كُلِّ فَردٍ بِعَينِهِ، لا إِلَى مَجمُوعِ الأَفرَادِ الَّذِينَ يَعِيشُونَ فِي البِلادِ.
ب- وَيَنظُرُ إِلَيهِ بِاعتِبَارِهِ إِنسَانًا لا بُدَّ مِنْ إِشبَاعِ جَمِيعِ حَاجَاتِهِ الأَسَاسِيَّةِ إِشبَاعًا كُلِّيًا.
ت- وَيَنظُرُ إِلَيهِ بِاعتِبَارِ فَردِيَّتِهِ المُشَخَّصَةِ بِتَمكِينِهِ مِنْ إِشبَاعِ حَاجَاتِهِ الكَمَالِيَّةِ بِقَدْرِ مَا يَستَطِيعُ.
ث- وَيَنظُرُ إِلَيهِ فِي الوَقْتِ نَفْسِهِ بِاعتِبَارِهِ مُرتَبِطًا مَعَ غَيرِهِ بِعَلاقَاتٍ مُعَيَّنَةٍ، تُسَيَّرُ تَسيِيرًا مُعَيَّنًا.
6. سِيَاسَةُ الاقتِصَادِ فِي الإِسلامِ تَختَلِفُ عَنْ غَيرِهَا مِنَ السِّيَاسَاتِ الاقتِصَادِيَّةِ بِأنَّهَا:
أ- لَيسَتْ لِرَفعِ مُستَوَى المَعِيشَةِ فِي البِلادِ فَحَسْبُ، بَلْلِضَمَانِ انتِفَاعِ كُلِّ فَردٍ مِنْ هَذَا العَيشِ.
ب- لَيسَتْ لِجَلْبِ الرَّفَاهِيَّةِ لِلنَّاسِ وَتَركِهِمْ أحرَارًا فِي الأخْذِ مِنهَا بِقَدْرِ مَا يَتَمَكَّنُونَ، بَلْلِضَمَانِ حَقِّ العَيشِ لِكُلِّ فَردٍ مِنهُمْ أيًّا كَانَ.
ت- بَلْ هِيَ لِمُعَالَجَةُ المَشَاكِلِ الأَسَاسِيَّةِ لِكُلِّ فَردٍ بِاعتِبَارِهِ إِنسَانًا يَعِيشُ طِبقَ عَلاقَاتٍ مُعَيَّنَةٍ، وَتَمكِينُهُ مِنْ رَفْعِ مُستَوَى عَيشِهِ، وَتَحقِيقِ الرَّفَاهِيَّةِ لِنَفسِهِ فِي طِرَازٍ خَاصٍّ مِنَ العَيشِ.
7. فِي الوَقْتِ الَّذِي يُشرِّعُ فِيهِالإِسلامُ أحْكَامَ الاقتِصَادِ لِلإِنسَانِ يَجعَلُ التَّشرِيعَ مُوَجَّهًا لِلفَردِ.
8. وَفِي الوَقْتِ الَّذِي يَعمَلُ لِضَمَانِ حَقِّ العَيشِ، وَالتَّمكِينِ مِنَ الرَّفَاهِيَّةِ، يَجعَلُ ذَلِكَ يَتَحَقَّقُ فِي مُجتَمَعٍ مُعَيَّنٍ، لَهُ طِرَازٌ خَاصٌّ مِنَ العَيشِ.
9. وَفِي الوَقْتِ الَّذِي يَنظُرُ فِيهِ إِلَى ضَمَانِ العَيشِ وَالتَّمكِينِ مِنَ الرَّفَاهِيَّةِ، يَجعَلُ نَظرَتَهُ إِلَى مَا يَجِبُ أنْ يَكُونَ عَلَيهِ المُجتَمَعُ أسَاسًا فِي نَظرَتِهِ إِلَى العَيشِ وَالرَّفَاهِيَّةِ.
10. ضَمِنَتْ الأحكَامُ الشَّرعِيَّةُ تَوفِيرَ إِشبَاعِ جَمِيعِ الحَاجَاتِ الأسَاسِيَّةِ إِشبَاعًا كُلِّيًا لِكُلِّ فَردٍ مِنْ أفرَادِ رَعِيَّةِ الدَّولَةِ الإِسلامِيَّةِ، مِنْ مَأكَلٍ وَمَلبَسٍ وَمَسكَنٍوَذَلِكَ بِالطُّرُقِ الثَّلاثِ الآتِيَةِ:
أ- بِفَرْضِ العَمَلِ عَلَى الرَّجُلِ القَادِرِ حَتَّى يُوَفِّرَ لِنَفسِهِ الحَاجَاتِ الأسَاسِيَّةَ لَهُ وَلِمَنْ تَجِبُ عَلَيهِ نَفَقَتُهُمْ.
ب- بِفَرَضَ النَّفَقَةَ عَلَى المَولُودِ لَهُ، وَعَلَى الوَارِثِ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى العَمَلِ. أو عَلَى بَيتِ المَالِ إِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ تَجِبُ عَلَيهِمْ نَفَقَتُهُ.
ت- بِمَنْعِ الدَّولَةِ أنْ تَأخُذَ مِنْ مَالِ الفَردِ ضَرَائِبَ، مِمَّا هُوَ فَرضٌ عَلَى جَمِيعِ المُسلِمِينَ، إِلاَّ مِمَّا يَزِيدُ عَلَى كِفَايَةِ حَاجَاتِهِ، وَلَو كَانَتْ حَاجَاتٍ كَمَالِيَّةً.
11. حَدَّدَالإِسلامُ لِلفَردِ فِي إِشبَاعِ حَاجَاتِهِ الأَسَاسِيَّةِ وَالكَمَالِيَّةِكَسْبَالمَالِ فِي حُدُودٍ مُعَيَّنَةٍ.
12. جَعَلَالإِسلامُ عَلاقَاتِهِالاقتٍصَادِيَّةَعَلَى طِرَازٍ خَاصٍّ فَاتَّخَذَ عِدَّةَ إِجرَاءَاتٍ مِنهَا أنَّهُ:
أ- حَرَّمَ إِنتَاجَ الخَمْرِ وَاستِهلاكَهَا عَلَى كُلِّ مُسلِمٍ، وَلَمْ يَعتَبِرْهَا بِالنِّسبَةِ لَهُ مَادَّةً اقتِصَادِيَّةً.
ب- وَحَرَّمَ أكْلَ الرِّبَا وَالتَّعَامُلَ بِهِ عَلَى كُلِّ مَنْ يَحْمِلُونَ التَّابِعِيَّةَ الإِسلامِيَّةَ، وَلَمْ يَعتَبِرْهَا بِالنِّسبَةِ لَهُمْ مَادَّةً اقتِصَادِيَّةً، سَوَاءٌ أكَانُوا مُسلِمِينَ أمْ غَيرَ مُسلِمِينَ.
ت- وَجَعَلَ الوَضْعَ الَّذِي يَجِبُ أنْ يَكُونَ عَلَيهِ المُجتَمَعُ حِينَ الانتِفَاعِ بِالمَالِ أمْرًا أسَاسِيًا عِندَ الانتِفَاعِ بِالمَادَّةِ الاقتِصَادِيَّةِ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الَمولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الراشدة على منهاج النبوة في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.