تلخيص كتاب سرعة البديهة- الحلْقةُ الثانية
الذكاء وسرعة البديهة
الذكاء وإن احتاج إلى تعريف، ولكنه مثل كلمة سرعة البديهة، فإنه قد يكون من النوع الذي يحتاج إلى تعريف، وقد يكون من النوع الآلي. وجعله كله من النوع الآلي أفضل، وإن كان يستحسن تعريفه لأنه قد يكون مفيداً. لهذا فإننا ولو عرفنا الذكاء، ولكننا نبقى عند حد كونه آلياً، وأكثر الناس يميزون الذكي من غير الذكي.
والذكاء هو سرعة الإحساس وسرعة الربط. فالعقل هو نقل الواقع إلى الدماغ بواسطة الحس، ومعلومات سابقة تفسر هذا الواقع. فسرعة الحس تعني سرعة نقل الواقع إلى الدماغ، والمعلومات السابقة تعني الربط، وعلى هذا فالذكاء هو سرعة البديهة. لهذا فلا حاجة لعلاج بالغي الذكاء. فيبقى العلاج لباقي الناس أي لعامة الناس وأكثر الناس، وهؤلاء لديهم الذكاء الكافي لسرعة البديهة، والأمر معهم يحتاج إلى علاج، وعلاج سرعة البديهة يعالج سرعة الإحساس وسرعة الربط، فوجود الذكاء من حيث هو ضروري لإيجاد سرعة البديهة، وانعدام الذكاء ينعدم معه العمل لإيجاد سرعة البديهة.
والذين يطلب إليهم في العلاج أن يكونوا سريعي البديهة، والذين يدربون على سرعة البديهة بالأسئلة، كل منهم لديه ذكاء، فيستعمل هذا الذكاء في العلاج، إما باستعمال الشخص نفسه لذكائه، أو بجعل الأسئلة التي تلقى على الشخص من النوع الذي يمس الذكاء. والحقيقة أنه في كلا الحالين يكون الشخص نفسه استعمل ذكاءه، إلا أنه قد يستعمل هذا الذكاء دون مؤشر أو مؤثر، وقد يستعمله بمؤشر أو مؤثر. واستعمال الذكاء هو الأساس في سرعة البديهة.
كيف يمكن استعمال الذكاء؟ الجواب عليه هو لما كان الذكاء هو سرعة الإحساس وسرعة الربط، فالخطوة الأولى نحو استعمال الذكاء، ألا وهو الإحساس، وسرعة هذا الإحساس إنما تأتي من الانتباه إلى الشيء المحس. أما سرعة الربط، آتية من استعمالك لمعلوماتك السابقة، فسرعة الإحساس التي جاءت من الانتباه هي السبب في إيجاد الربط، وبالتالي سرعة الربط.
قد يقال أن الخطر هو الذي يسرّع بالربط، والجواب على ذلك هو أن الخطر يدفع للإجراء الذي ينبغي أن تتخذه وليس دافعاً لسرعة الربط، فالإسراع في الربط سببه أن الواقع الذي أمامك يحملك على الربط، وهذا هو الذي أوجد الإسراع. ولذلك يقال أن سرعة البديهة هي استعمال الذكاء أو هي نتيجة لاستعمال الذكاء.
إن المفاجآت لا بد من اتخاذ إجراء تجاهها، وهذا الإجراء يتوقف نفعه أو ضرره، أو مجيئه في وقته ومحله، أو تأخيره عن وقته ومحله، على واقعه، فلأجل تصحيح هذا الإجراء وجعله إجراء سليماً كان لا بد من إيجاد سرعة البديهة.
سرعة البديهة لدى الناس تختلف باختلاف ما لديهم من ذكاء قوة وضعفاً، بل يختلف إيجاد سرعة البديهة لديهم باختلاف ما يتمتعون به من ذكاء، فالذكاء هو الأصل، ولكن نفس الإجراء وإن كان الدافع إليه هو سرعة البديهة، أو استعمال الذكاء، فإنه بحاجة ماسة إلى الذكاء، فكما أنه ضروري في سرعة البديهة (وضروري في استعمال الذكاء) فكذلك هو ضروري في اتخاذ الإجراء.