Take a fresh look at your lifestyle.

تداعيات الصراع في اليمن على دول الخليج

 

تتسارع الأحداث في اليمن إلى منحدر خطير منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في أيلول/سبتمبر 2014. ففي كانون الثاني/يناير 2015 استقال الرئيس عبد ربه منصور هادي، وفي 6 شباط/فبراير 2015 أعلن الحوثيون حل البرلمان وإقامة مجلس رئاسي من خمسة أعضاء في “إعلان دستوري” صدر من القصر الرئاسي وتضمن تشكيل مجلس وطني من 551 عضوا سيحل مكان البرلمان. ومن بعدها أعلنت دول عدة من بينها الولايات المتحدة والسعودية تعليق عمل سفاراتها وإجلاء دبلوماسييها متذرعة بتدهور الوضع الأمني.

وفي 14 شباط/فبراير 2015 بالعاصمة السعودية عقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الست اجتماعا طارئا طالبوا فيه الأمم المتحدة ومجلس الأمن بإجازة قرار دولي يسمح باستخدام القوة في اليمن ردّا على الانقلاب الحوثي، وجدد الوزراء الخليجيون في ختام اجتماعهم بالرياض رفضهم للإعلان الدستوري الذي فرضه الحوثيون على إثر الانقلاب، مجمعين على الدعوة إلى قرار دولي في اليمن يندرج تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

إن ما يحدث في اليمن ما هو إلا فصل جديد من فصول إثارة الحرب الطائفية بين المسلمين الشيعة والسنة ويقوم بهذه الفتنة من الجانبين عملاء تابعون لأمريكا ينفذون إرادتها. فإيران تدعم الحوثيين بالمال والسلاح وتحركهم للحرب ضد السنة، وقد نشر موقع “شفاف” الإيراني تقريرا عن الأحداث في اليمن بعد سيطرة الحوثيين على السلطة فوصف عبد الملك الحوثي بأنه سيد حسن نصر الله اليمن، وأن سياسة الحوثي وخطابه وبناءه يشابه تماماً زعيم حزب الله في لبنان.

وإيران عميلة لأمريكا وتخدم مصالحها منذ أن قامت الثورة الإيرانية في 1979، وقد قال رئيس إيران السابق رفسنجاني لولا إيران لما سقطت كابول وبغداد. فقد كانت إيران هي التي تشن الحرب بالوكالة ضد المقاومة السنية بالعراق، وهي من تسلح حزب الله في لبنان وهي من تساند الشيعة في البحرين وفي المنطقة الشرقية بالسعودية، وإيران من ساندت الحوثيين في حربهم ضد الحكومة اليمنية عام 2010/2009 في حرب امتدت إلى داخل الأراضي السعودية فلقي الآلاف من أبناء المسلمين في اليمن والسعودية مصرعهم. فأصبحت إيران فزاعة تستخدمها أمريكا منذ حرب الخليج الأولى ضد بلاد الخليج.

فالسعودية في عهد سلمان عادت لحضن أمريكا وهي تؤجج السنة وتدعمهم بالمال في اليمن والعراق ولبنان وتساند النظام القمعي في البحرين للفتك بالمسلمين الشيعة هناك.

إن لأمريكا أهدافاً عدة من إشعال الفتنة الطائفية ومن بينها خلق ذريعة لتواجد جيوشها وقواعدها العسكرية لـ”وقف المد الإيراني في المنطقة”؛ فبهذا التواجد تستطيع الهيمنة على ثروات ومقدرات بلاد المسلمين، وبالنسبة لليمن نشر تقرير يشير إلى أنها تقع على ثروة نفطية وغازية هائلة فقد كشفت “سكاي نيوز” محطة التلفزيون البريطانية، أن أكبر منبع نفط في العالم يصل إلى مخزون نفطي تحت الأرض هو في اليمن، ويمتد قسم منه إلى السعودية بجزء بسيط على عمق 1800 متر، إلا أن المخزون الكبير هو تحت أرض اليمن… (موقع اليمن السعيد 2013/01/08).

وأيضا فإن خلق الفتن في المنطقة سيجعلها دائما في حالة حروب وتقسيم فلا تتوحد ضدها خاصة أن أمريكا أصبحت ترى خطر المد الإسلامي، وأصبحت متوقعة عودة الخلافة الإسلامية الراشدة على منهاج النبوة فتسعى لتقسيم المنطقة أملا في تأخير عودتها.

ودول الخليج، ومن بينها السعودية، تعلم خطة أمريكا لإشعال الفتنة وأن هذا سيحرق المنطقة ولكنها دول عميلة تنفذ أوامر أسيادها فنراهم في قضية اليمن يهرعون إلى الأمم المتحدة مطالبين بإجازة قرار دولي يسمح باستخدام القوة في اليمن رغم علمهم أن هذا سيؤدي إلى حرب طائفية سيروح ضحيتها الآلاف من أبناء المسلمين وسيعمق الكره والبغضاء والتقسيم بينهم وتستمر هيمنة أمريكا في المنطقة.

إن أحداث اليمن يراد لها أن تزيد النار في بلاد الخليج؛ فلذلك وجب على المسلمين عدم الانجرار إلى الفتنة الطائفية التي تؤججها أمريكا وأن يسعوا للتخلص من الأنظمة العميلة التابعة سواء في إيران أو الخليج، والتخلص من رأس الأفعى أمريكا بطرد جيوشها وقواعدها العسكرية وسفاراتها.

كما أنه لا يجوز للمسلمين التحاكم للأمم المتحدة فهذا تحاكم للطاغوت وفتح الباب لاستمرار هيمنة الكفار على بلادنا، كما لا يجوز لهم الاقتتال فيما بينهم؛ إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ» متفق عليه.

 

إن مما لا شك فيه أن الحكومات اليمنية المتتالية قد ظلمت الحوثيين فأفقرتهم وأساءت رعايتهم ولكن هذا لم يصب الحوثيين فقط بل أصاب جميع المسلمين في اليمن، وفي كل الأحوال فإن هذا لا يسمح لهم بأن يكونوا مطية لأمريكا فيرفعوا السلاح ضد المسلمين، بل الأصل أن يرجعوا إلى دينهم وأن يطالبوا بتطبيق الإسلام لنشر العدل بين الجميع.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد بن إبراهيم – بلاد الحرمين الشريفين

 

 

2015_02_18_Art_The_implications_of_the_conflict_in_Yemen_on_Gulf_states_AR.pdf