خبر وتعليق زيارات وزير التجارة للأسواق وحركة المذبوح
الخبر:
أعلن وزير التجارة رضا الأحول يوم الجمعة 13 فيفري 2015 خلال زيارته لإحدى الأسواق في مدينة سوسة عن تركيز أول لجنة للتحكم في الأسعار في تراب الجمهورية التونسية.
وقال الوزير أنه تم الاتفاق مع والي سوسة على تركيز هذه اللجنة لمراقبة الأسعار ومحاولة التحكم فيها، لافتا النظر إلى أن عمل هذه اللجنة سيكون بالتعاون مع كل من منظمة الدفاع عن المستهلك ومنظمة اتحاد الفلاحين ومنظمة الأعراف. هذا وأشار الوزير إلى أنه في حال لم يتم الاتفاق بين الأطراف المعنية على التحكم في الأسعار سيتم التوجه نحو تحديد أسعار بعض المنتوجات التي شهدت ارتفاعاً كبيراً.
التعليق:
تتالت زيارات وزير التجارة السيد رضا الأحول لبعض الأسواق في بعض المناطق في البلاد ولكن في بلد اختلطت فيه التصورات حول مهام الحكّام وصلاحياتهم وخاصة حين يكون الرافدُ إعلاميا يُضخِّمُ الصورة… وحين يُستغلّ التوقيت مباشرة منذ تقلّد السيد الوزير لمنصبه ومن ثمّ يُسوّقُ الأمر وكأنه مزيّة ومنّة لم يسبقه لها وزير وكأنّ الأمر ليس من مهامه، بل الأصل أن يُطالبه النّاس لعرض مهامه ليُحاسب عليها إن قصّر أو خذل، وفي انتظار استمرارية هذا الفعل من جانب مسؤول في حكومة يتقاسم فيها الوزراء اللامسؤولية من حيث غياب التصوّر للحكم؛ فيُسلِّم للسياسات الموروثة ولا يتجاوزها فلا يخرج عن تصورٍ لغير النظام البرلماني، حيث تُسحب الثقة من حكومة أو تنال الثقة بالتوافق.. وينفرد الوزير بالاختصاص وخصوص النظر في التجارة فيُقال من منصبه إن فشل ويستمر الظلم وعدم رعاية شؤون الناس… وفي انتظار إنجازات الحكومة التي تحمل في طيّاتها الفشل وقد فُتحت في وجهها كلّ الملفات على مستوى الجهات وعلى مستوى القطاعات سيجد السيد الوزير نفسه في تناقض وجدلية وحركة مذبوح لن ينفكّ منها هو وغيره ما اعتمد نفس السياسة التي لا تُنتج حلولاً ولا ترعى شؤونًا، تُكبّلها إجراءات إدارية وفراغ تشريعي ومزيدٌ من الاستشارات عبر المنظمات الدولية ذات العلاقة، باعتبارها تُقدم المقاييس والمعايير وعبر المنظمات المحلية باعتبارها تُقدم خدمة تسويقية لمسار الحكومة في تكريس التشاركية والتوافق، فتتحمّل مع الحكومة التبعية في الفشل فتقنَع بالموجود وتُوظّفُ حسب الحاجة، ومن ثمّ لن يجد لنفسه مخرجا من تطبيق الإملاءات الدولية عبر المؤسسات المالية مبلورة في اتفاقات تُنظم التجارة الدولية عبر الجات وغيرها ولها انعكاساتها الداخلية… وبنظرة بسيطة للقانون الذي جيء بالسيد الوزير ليُطبقه وهو القانون عدد 64 لسنة 1991 الذي يُبيّن سياسة الأسعار القائم على مبدأ حرية الأسعار، غير أنه وباعتبار وضعية المنافسة وحساسية بعض المنتوجات استثنى القانون المذكور مبدأ حرية المنافسة واعتمد نظام تحديد الأسعار القائم على الأمر عدد 1996 لسنة 1991 المتعلق بالمواد والمنتوجات والخدمات المستثناة من نظام حرية الأسعار وطرق تأطيرها، والذي بدوره كقانون مرّ كغيره من القوانين بتنقيحات وتنقيحات لا تمضي سنتان إلا ويصدر تنقيح للأمر السابق، إضافة إلى هذه الاستثناءات أقر “المُشرّع التونسي” (الفصل الرابع من قانون المنافسة والأسعار الوارد في برنامج رئيس الحكومة المعروض على مجلس النواب!!) ونصه للوزير المكلف بالتجارة إمكانية اللجوء إلى تحديد أسعار المواد والخدمات المتمتعة بحرية الأسعار ولمدة لا تتجاوز ستة أشهر، وذلك لمقاومة الزيادات المشطّة في الأسعار.. وهذا أقصى ما عند هاته الحكومات من إنجازات وتصورات..
فعن أيّ مبدأ منافسة يتحدثون وقد شمله ما شمله من تنقيحات حتى أصبح شعارا بلا مضمون؟؟ وأين تحرير الأسعار والأسواق في مقابل إشراف الدولة والكفّ عن السياسة التدخليّة التي تنتهجها التي أضرت بالقطاع حسب قولهم؟؟ ألا تعتبر الاستثناءات والتنقيحات الواردة في القوانين المُنظمة دليل خواء وفراغ تشريعي؟؟ ألا تعتبر الاستثناءات والتنقيحات هي مزيداً من احتكار الدولة للسلع إنتاجا وتسويقا وتحكّما في الأسعار؛ ما يكشف سياسة ربحية تنتهجها الدولة تجاه شعبها، بل تمكينا لحيتان المال من مزيد الاستثراء؟؟ ألا يُمكن للسياسيين والخبراء تصوُر حلول إلّا تحت الجبّة الرأسمالية في النظرة للملكية والتوزيع؟؟ فهلّا التفت مريدو التغيير إلى تميّز وتفرّد الإسلام في نظرته للمشكلة الاقتصادية ومنها الأسعار؟؟ وهلّا التفت مريدو التغيير إلى عظمة الإسلام في أحكامه ومعالجاته؟؟
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد البسكري – تونس