خبر وتعليق في الذكرى الثالثة لمحاولة اغتيال الإمام عابد قاري نزاروف
الخبر:
في 20 شباط جرى اعتصام بعد صلاة الجمعة في ستوكهولم، السويد، أمام البرلمان، في الذكرى الثالثة لمحاولة اغتيال الإمام عابد قاري نزاروف. وقد شارك في الاعتصام أتباع الإمام والصحفيون واللاجئون السياسيون وجميع المهتمين بعالم الدين المعروف. المشاركون في الاعتصام طالبوا بمعرفة نتائج التحقيق، والعثور على المجرمين وتقديمهم إلى العدالة.
التعليق:
اسمحوا لي أن أذكركم بأنه في يوم 22 شباط عام 2012، أمام بلدية سترم سوند بالسويد جرت محاولة اعتداء من قبل “شخص مجهول” على حياة إمام المسجد المحلي عابد قاري نزاروف. حيث أطلق الجاني النار من الخلف على رأس الإمام، ما أدى إلى إصابته إصابة خطرة دخل على إثرها في حالة غيبوبة، وقد أفاق الإمام الآن من حالة الغيبوبة وبدأ بالفعل بالتحدث مع زواره.
عابد قاري نزاروف عالم دين معروف من أوزبكستان، عمل إماما لمسجد “توختاباي” في طشقند. وبسبب نشاطه الديني المتزايد، اعتبرته السلطات في طشقند تهديدا لمصالحها، ونتيجة لذلك اضطهد وأجبر على مغادرة بلده. وقد انتقل الإمام أولا إلى كازاخستان، ومن ثم اضطر لطلب اللجوء السياسي لدى مفوضية اللاجئين لدى الأمم المتحدة، وتم منحه اللجوء والإقامة الدائمة في السويد..
وقد واصل عابد قاري نزاروف في السويد نشاطه الدعوي. ففتح مسجدا في المدينة التي عاش فيها، وبدأ بتدريس القرآن الكريم، حيث أصبح العديد من الأطفال من حفظة القرآن الكريم، وفي الصيف خلال عطلات الأطفال رتب مخيمات للأطفال لتعليمهم أصول الدين. هذا الواقع لم يعجب أنصار الإسلاموفوبيا المحليين، فقد تعرض المسجد مرارا وتكرارا للاعتداء بأساليب مختلفة كالحرق والسلب والنهب. فبدأ أفراد الجالية المسلمة في المدينة يشعرون بجو من الخوف من الإسلام.
وقد تلقى الإمام تهديدات من السلطات في أوزبكستان، فأبلغ السلطات الأمنية المحلية بذلك، لكنها لم تتصرف، وبعد ذلك كانت محاولة اغتياله.
يبدو أن ما حدث مع الإمام وجماعته في الدولة الاسكندنافية البعيدة “التي لم تشارك في أي حرب وبعيدة عن السياسة العالمية”، ليس بعيدا عن النظام القمعي لكريموف! ويوضح ما يمكن أن يحدث، ومع ذلك، لم يتحمل أحد المسؤولية.
في نيسان عام 2012، نشر التلفزيون السويدي تقريرا مفصلا حول حقيقة أن شركة الاتصالات السويدية تيلياسونيرا تعمل بشكل وثيق مع الحكام المستبدين في آسيا الوسطى: أوزبكستان وكازاخستان وطاجيكستان. وفي خريف عام 2012 تفجرت في السويد فضيحة الرشوة، حيث إنه في عام 2007 قدمت جولنارا كريموفا، ابنة الديكتاتور إسلام كريموف، مبلغاً قدره 2.2 بليون دولار لشركة تيلياسونيرا للحصول على رخصة الجيل الثالث (G-3) في أوزبكستان. وهذا يعني أن الرأسماليين السويديين لا يهمهم مصير ملايين المسلمين في آسيا الوسطى، بل إنهم يهتمون في المال فقط.
وفي العام نفسه 2012، اندلعت فضيحة أخرى في السويد أيضا تتضمن بيع الأسلحة السويدية للنظام الدكتاتوري في المملكة العربية السعودية وعقد لبناء مصنع لإنتاج الأسلحة. والجدير بالذكر أنه في عام 2005 تم توقيع اتفاق بين السويد والمملكة العربية السعودية، وفي عام 2007 تمت معاهدة سرية. الاتفاق مع المملكة العربية السعودية أثر سلبا على مصداقية الائتلاف الحاكم في السلطة، إلا أن المملكة العربية السعودية حذرت أنه إذا رفضت السويد بناء مصنع عسكري في المملكة العربية السعودية، فإن الرياض سوف لا تشتري من ستوكهولم محطة رادار قيمتها 7 مليارات دولار. وقد جاء إلى السلطة بعد ذلك مجموعة جديدة لم ترفض هذا العقد، بل واصلت التعاون مع ديكتاتور آخر في مواجهة المملكة العربية السعودية.
وفقا للتلفزيون السويدي فإنه في عام 2014 حدث أكثر من 20 هجوما على المساجد في البلاد على شكل أعمال الحرق والشغب، ورسومات الصليب المعقوف على الأبواب والجدران وتهديد بمغادرة البلاد. على مدى السنوات العشر الماضية حوكم فقط شخصان للمسؤولية عن الهجمات على المسجد. الإسلاموفوبيا تكتسب زخما ليس فقط في السويد، وإنما هذا هو واقع كل البلاد الأوروبية.
الدول الغربية تصرخ وتتغنى بالديمقراطية وحرية التعبير، وبالتالي تدين الحكم الديكتاتوري من حكامنا. ولكن في الوقت نفسه، هي نفسها، تحافظ سرا على إقامة علاقات اقتصادية متبادلة وثيقة مع أولئك الحكام المستبدين. حتى إنها لا تتردد في انتهاك اتفاق اللجوء سامحةً بمحاولة الاعتداء على حياة رجل يعيش تحت جناحها، وهم يسمحون بإهانة وإذلال شرفنا وكرامتنا برسم الرسوم المسيئة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، بينما الشرطة مع مدافعها الرشاشة ترابط عند أبواب المعابد اليهودية، وهم يسمحون بإضرام النار في المسجد الذي نصلي فيه، وكسر النوافذ وطلاء الأبواب وجدران المساجد بشعار الصليب المعقوف. قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ ﴾ [البقرة: 120]
إن أخلاق الدول الغربية تظهر فقط من أجل المنافع المادية. وهي بعيدة كليا عن مفهوم الروحانية والإنسانية، ويستبدلون القيمة المادية بكل هذه القيم. وحيث إنها أخذت على عاتقها حماية الحياة البشرية التي هي قيمة إنسانية، فإن أداء هذا الواجب يعني الالتزام بالقيم الأخلاقية، وبعدها يمكننا أن نرى كيف أنها قد استبدلت هذه القيم بالمنفعة المادية، متناسية الشرف والكرامة.
من غير الخليفة الراشد الذي يحكم دولة الخلافة الراشدة يمكنه حماية كل المسلمين؟! ومن غير الخليفة الراشد الذي سيحكم على أساس الوحي الإلهي من القرآن والسنة، يمكن أن يخلص العالم من حكام الغرب؟! ثم من غير الخليفة الراشد الذي ينشر نور الإسلام إلى العالم ويخلص العالم من شرور الكفر؟!
يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به»
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إلدر خمزين
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير