مؤتمر أوباما حول “مواجهة التطرف العنيف” ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾
إن من نافلة القول أن الصحوة الإسلامية التي دبت في الأمة والتي أنتجت هاته الثورات التي أربكت دول الكفر والاستعمار، وأيقظت في الأمّة الإسلامية تطلعها نحو إعادة عِزّها ومجدها من جديد في دولة ربّانية تقود العالم بالهدي والنور قد زلزل الكفار وأقضّ مضاجعهم وتسارعوا نحو عقد مؤتمراتهم المعلنة والسّرية والكيد لهذا الخير أيّما كيد ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ [إبراهيم: 46]
فحرّكوا كل عميل لهم حكّام وسياسيّين وجماعات مأجورة، للحيلولة دون استيقاظ هذا المارد ففشلوا وباؤوا بالخيبة والخسران، وواصلت الأمة سيرها نحو الخلاص، فافتعلوا كل الأفاعيل من قتلٍ وذبحٍ وتحريق وألبسوها لباس الإسلام تشويها له ومحاولة لإيجاد سندٍ شعبيٍّ من الأمة لتحقيق أهدافهم الدنيئة.
فكانت لهم الفئة الواعية المخلصة بالضّد، وأماطت اللّثام عن مقنَّعيهم، وكشفت للأمة مكرهم؛ مما أفشل أعمالهم ومزّق حبالهم حتى لم يعد لهم من الحيلة ما ينتجون ولعقولهم الشيطانية ما يمكرون، فخرجوا ليصرّحوا عن حقيقة حقدهم ألا وهو محاربة مبدأ الإسلام والحيلولة دون عودة دولته.
ولطالما أراد الغرب الكافر أن يغلف حربه على مبدأ الإسلام ومحاولة صبغ الأمة بمبدئه الرأسمالي العفن بشعارات ظاهرها الرحمة وباطنها من قبله العذاب (حرية… ديمقراطية… حقوق الإنسان… ومحاربة الإرهاب… حقوق المرأة وغيرها) ليوهم الأمة أنه يريد بها خير إصلاح؛ إمعانا في التضليل والخداع، فكشف أمره وقطعت حبال مكره، فحاصرها في عقر دارها بجيوشه وعتاده مستغلا خيانة الحكام والسياسيين المأجورين، وبيعاً للدين من قبل أشباه العلماء والمفتين الذين شرعوا من قبلُ للحكام كفرَهم وتركهم لتحكيم كتاب الله، أوجد حالة من التضليل والتشويش في الأجواء… ولكن هيهات له أن ينجح في مسعاه وفي الأمة فئة عاهدوا الله أن يكونوا للإسلام حراسا وللأمة روادا ألجأوه ليعلن عما في نفسه وينادي أن حربه على أفكار الإسلام ومعتقداته، وها هي أمريكا تحشد دول الظلم في مؤتمر سمته “مكافحة التطرف العنيف” بعدما حشدتهم في حلفها الصليبي على الشام عقر دار الإسلام، فنادى سياسيوها ومنظروها أن الخطر الحقيقي ليس في (الإرهاب) بل في من يدعون للخلافة وتحكيم الشريعة وحمل الإسلام رحمة للعالم عن طريق الدعوة والجهاد، كما نقلت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية عن مسؤولين أمريكيين أن مصطلح “الحرب على الإرهاب” المستخدم منذ أربعة أعوام سيُسْتبدل به مصطلح الكفاح ضد التطرف العنيف، ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية قوله: بما أن المعركة تتطور فإن المصطلحات ستتطور أيضا، وكانت صحيفة الفاينانشيال تايمز قد ذكرت في وقت سابق أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تعمل على مراجعة مصطلح “الحرب على الإرهاب” في اتجاه اتخاذ مصطلح يحمل مقاربة أكثر تعددية، واعتبرت الصحيفة أن الأمريكيين والأوروبيين سيعملون على اختراق ما سمته “المسلمين المتطرفين” والوصول إلى المجموعات المعتدلة. واستنادا إلى ما نشرته صحيفة النيويورك تايمز فقد استخدم وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد وعدد من كبار القادة العسكريين في الجيش الأمريكي في تصريحات أدلوا بها مؤخرا، استخدموا مصطلح “الكفاح العالمي ضد التطرف العنيف” عوضاً عن “الحرب على الإرهاب”، وذكرت الصحيفة أن مسؤولين في الإدارة الأمريكية اعتبروا أن مصطلح “الحرب على الإرهاب” يُوحي بأن التركيز قائم على الجانب العسكري البحت، ونشرت الصحيفة ما صرح به رئيس هيئة الأركان المشتركة ريتشارد مايرز بشأن ضرورة اعتبار أن التهديد الحقيقي يتمثل في التطرف العنيف وما الإرهاب سوى الوسيلة التي يستخدمها هذا النوع من التطرف على حد تعبيره.
أما مؤتمرهم “مواجهة التطرف العنيف” فهذه بعض المعلومات المهمة عنه لندرك مدى مكرهم وما يحوكونه للأمة:
افتتح نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن قمة دولية في العاصمة واشنطن تُعنى ببحث سبل مواجهة ظاهرة التطرف العنيف، ويذكر أن هذه القمة انعقدت بمشاركة ما يزيد عن 97 ما بين دولة ومنظمة برعاية الرئيس باراك أوباما وكانت قيد الإعداد لعدة شهور، ولكنها اكتسبت أهمية مضافة عقب الهجمات التي شهدتها مدينتا باريس وكوبنهاجن إضافة إلى إعدام الطيار الأردني ومقتل 21 مصريا في ليبيا بتاريخ 15 شباط/فبراير 2015.
1- دعت الولايات المتحدة لعقد قمة تحت عنوان “مواجهة التطرف العنيف” بواشنطن في الفترة من 17 إلى 19 شباط/فبراير 2015. ويشارك في القمة ممثلون حكوميون من 97 دولة ومنظمة دولية وممثلو المجتمع المدني والقطاع الخاص، علاوة على الرموز الدينية والشباب. وتأتي القمة استكمالا لدعوة الرئيس الأمريكي لبذل المزيد من الجهود لمواجهة “التطرف العنيف” أثناء كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر الماضي. كما تستند فعاليات القمة إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2178 والذي يطالب باتخاذ خطوات ملموسة لمواجهة ظاهرة المقاتلين الأجانب من “الإرهابيين”، وتسلط فعاليات القمة بالأساس الضوء على دور المجتمع المدني في هذا الصدد.
2- تستهدف القمة تطوير خطة عمل متعددة الأبعاد لمواجهة “ظاهرة التطرف العنيف”. وستعمل القمة على مراجعة الخطوات ذات الصلة التي تم اتخاذها منذ أيلول/سبتمبر الماضي في ضوء قرار مجلس الأمن سالف الذّكر، واستشراف وتنسيق الخطوات المقبلة لمواجهة “ظاهرة التطرف العنيف”. ومن المقرر أن يطرح المشاركون خلال القمة رؤى أو برامج رائدة في مجال مواجهة “الإرهاب” و”التطرف العنيف” واستعراض الدروس المستفادة في هذا الشأن.
3- تمثل القمة وفقاً لتصور الجانب الأمريكي بداية لعملية ممتدة حتى انعقاد أعمال الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر المقبل وما بعد ذلك، وتدعو واشنطن إلى أن تقوم الدول المهتمة في مرحلة ما بعد القمة باستضافة اجتماعات وفعاليات إقليمية ذات صلة تناقش موضوعات محددة متعلقة بالإقليم، كما تدعو إلى صياغة كل دولة لسياسات وطنية لمواجهة “التطرف العنيف”، وبحيث يتم بلورة استخلاصات النقاشات الإقليمية والسياسات الوطنية خلال قمة تُعقد على مستوى القادة على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنهاية العام الجاري.
4- استضاف البيت الأبيض يوم 17 شباط/فبراير الجاري منتدى أمنياً لمواجهة “التطرف العنيف” تشارك فيه وزارة الأمن الداخلي ووزارة العدل ومجلس الأمن القومي ومكتب التحقيقات الفيدرالية ومنظمات المجتمع المدني الأمريكية من عدد من الولايات، ويستهدف المنتدى التوصل لأفضل الممارسات والدروس المستفادة من منع تجنيد وتطرف الشباب الأمريكي في إطار مواجهة ظاهرة المقاتلين “الإرهابيين” من الأجانب.
5- استضاف البيت الأبيض في 18 شباط/فبراير الجاري اجتماعا لمنظمات وممثلي المجتمع المدني من دول متعددة لمناقشة جهود مواجهة “الفكر المتطرف”، ويشارك في الاجتماع متخصصون في علم الاجتماع والصحة والتعليم. وسيتسنى لممثل المجتمع المدني في وفود الدول المشاركة متابعة فعاليات هذا الاجتماع عبر شاشات من مقر وزارة الخارجية الأمريكية.
6- تستضيف عدد من مراكز الفكر والرأي في واشنطن مجموعة من الفعاليات خلال يوم 20 شباط/فبراير تناقش أبعاد مختلفة لمواجهة “الإرهاب” و”التطرف العنيف” لتقديم مساهمات فكرية للجهود الدولية في هذا الموضوع.
7- تنظم وزارة الأمن الداخلي والخارجية الأمريكية اجتماعاً للمنتدى الدولي لمواجهة “الإرهاب” في 23 و24 شباط/فبراير الجاري، ويتركز النقاش في المنتدى على ظاهرة المقاتلين الأجانب من “الإرهابيين”، ويشارك في الاجتماع الدول أعضاء المنتدى الدولي علاوة على دول أخرى يتم دعوتها للحضور.
والسؤال: هل للغرب ومبدئهم الرأسمالي قدرة على مصارعة الإسلام وأفكاره؟!!. والجواب على ذلك أنه وبكل تأكيد لا. لقد بان لكل ذي بصيرة أن الغرب الكافر أفلس فكريا ولم يعد له من القدرة على معالجة مشاكل شعوبه وأزماته السياسية المتراكمة إلا ترقيع وتلميع، فكيف له بمصارعة الإسلام وهو وحي الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟ إذًا حربهم ستكون إمعاناً في الكذب والتشويه والافتراء على الإسلام وحَمَلته، وبخاصة فكرة الخلافة والجهاد، لينفَضَّ الناس من حول حملَةِ الدعوة والمنادين بالعيش تحت ظل راية لا إله إلا الله محمد رسول الله. فهم لا يملكون من سلاح سوى الكذب والزيف.
أيها المسلمون في العالم وفي العالم الإسلامي خاصة، إن عدوّكم الغرب الكافر وأدواته قد كشّروا عن أنيابهم العفنة وبرزوا لكم يريدون صرفكم عن دينكم وعن عقيدتكم فلا تمكنوهم من ذلك، وفيكم حزب التحرير يدعوكم جيوشا وسياسيين ومفكرين وعلماء وعامة المسلمين أن تعملوا معه على ردّ كيد الكافرين إلى نحورهم وإبطال باطلهم وأن أقيموا خلافتكم، فهي عزّ الدنيا والآخرة وبها تردّون الكفّار المستعمرين والعابثين بدينكم، فهل أنتم مستجيبون؟
﴿هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ﴾ [إبراهيم: 52]
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فوزي الشيحي – تونس
2015_02_24_Art_Obamas_conference_to_counter_extremism_AR_OK.pdf