مع الحديث الشريف
لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد
نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي “بتصرف” في “باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد”.
حدثني عمرو الناقد وزهير بن حرب جميعا عن ابن عيينة قال عمرو حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة، يبلغ به النبي- صلى الله عليه وسلم- “لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، مسجدي هذا، ومسجد الحرام، ومسجد الأقصى”.
قوله صلى الله عليه وسلم: والمسجد الحرام والمسجد الأقصى، هو من باب إضافة الموصوف إلى صفته، وقد أجازه النحويون الكوفيون، وتأوله البصريون على أن فيه محذوفا تقديره: مسجد المكان الحرام، والمكان الأقصى، ومنه قوله تعالى: وما كنت بجانب الغربي أي المكان الغربي ونظائره.
أيها المستمعون الكرام:
لعل جملة “المسجد الأقصى في خطر” لم تعد تجدي بعد أن تناولها الإعلاميون من أفواه المسلمين في فلسطين وهم يستغيثون النصرة للمسجد الأقصى.
ولعل من المشاهد التي أصبحت مألوفة اليوم مشهد هؤلاء النكرة، أرذل خلق الله شذاذ الآفاق يهود، أو قطعان المستوطنين إن شئت أن تسميهم، ومعهم حفنة من الجنود وهم يدنسون المسجد الأقصى باقتحاماتهم له بعد أداء صلاة الجمعة، ليمطروا المصلين بقنابل الغاز المسيل للدموع وبالرصاص الحي والمطاطي المغلف، فيفسدون على المسلمين صلاتهم. ويرتقي شهيد أو شهيدان أو أكثر إلى بارئهم. ويدخل عشرات المصابين بسيارات الإسعاف، ويدخل الأقصى والمدينة المقدسة بحالة من الحزن. ويبدأ العزاء، ويستعد الناس لشهيد جديد وحزن جديد.
هذا هو أقصاكم يا مسلمون، هذا هو أولى القبلتين وثالث الحرمين، هذا هو أقصاكم بعد أن غاب الأسد عن عرينه، عاثت فيه الثعالب والذئاب، أصبح حزينا يدعو المسلمين في كل أصقاع المعمورة أن هبوا، أن هبوا من غفلتكم وكفاكم صمتا كصمت القبور، لسان حاله يقول: أأدنس وعيش المسلمين إذن يطيب؟
هذا هو المشهد الأول- أيها المسلمون- أما المشهد المبكي حقا أيضا، أن نرى نساء الأقصى حرائر بيت المقدس وهنَّ يدافعن عن الأقصى بكل ما يملكن من قوة، يقفن ويصرخن في وجه الجلاد القاهر، في وجه الجنود المدججين بأنواع الأسلحة، في وجه قطعان المستوطنين، أن اخرجوا من أقصانا، فتكون النتيجة شتم وضرب واعتقال وإبعاد عن مهجة القلب ونور العين. يضرب أحقر خلق الله حرائر المسلمين على عتبات الأقصى والمسلمون يتفرجون، وكأن الأقصى ليس لهم.
وكأن الأقصى ليس قطعة من عقيدتهم. أين الرجال الرجال؟ أين أنت يا عمر أين أنت يا خالد،… أين الرجال الأفذاذ الأبطال الذين يذودون عن أعراض المسلمات؟
أتسبى المسلمات بكل ثغر وعيش المسلمين إذا يطيب؟
أما لله والإسلام حقّ يدافع عنه شبان وشيب؟
فقل لذوي البصائر حيث كانوا أجيبوا الله ويحكم أجيبوا
اللهمَّ عاجلنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
مستمعينا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم