مع الحديث الشريف
باب رفع العلم وظهور الجهل والفتن
نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي “بتصرف” باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان”.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن هشام بن عروة عن أبيه سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا”
أيها المستمعون الكرام:
لا زال هناك بقية من هؤلاء الذين تسموا بالعلماء، ولا زال هناك من يصدق أقوالهم، ولا زال هؤلاء يفتون فيضلون. وسيقبضهم الله عمّا قريب كما قبض الذين أفتوا وأضلوا من قبلهم.
تطالعنا الأخبار بين حين وآخر بفتوى جديدة مفصلة على قياس الحاكم المجرم الذي عين صاحبها ليقوم بهذا الدور القذر. ومن هذه الفتاوى التي ظهرت في عام ألفين وأربعة عشر للميلاد:
أولا: فتوى الشيخ ياسر العجلوني، حيث طلب هذا الشيخ في مقطع فيديو على “يوتيوب” تحويل النساء السوريات إلى جواري وإماء، فقد قال: “علاجا لمسألة التهجير الواقع على أهلنا في سوريا، بحيث أن النساء في سوريا المهجرات لا يجدن من يغطي نفقاتهن، ولا يجدن من يحرص على حفظهن وحفظ أمنهن، فيجوز لهن أن يطلبن الدخول في عقد زواج ملك اليمين بحيث يصير هذا الرجل سيدا لها، وتصير المرأة ملكا “. ليمينه”.
ثانيا: فتوى مفتي مصر السابق علي جمعة التي ذكرها في سياق التحدث عن “الإتيكيت” الإسلامي من خلال مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل (الاجتماعي)، طالب فيه الرجال بالصبر والتساهل مع زوجاتهم، قائلا: “إن الإتيكيت الإسلامي يطالبك بأن تتصل بزوجتك بالهاتف قبل المجيء إليها، اتصل بها يا أخي، افرض أن معها أحد .. اتركه يمشي”.
ثالثا: فتوى الشيخ صالح الفوزان الذي كان له نصيب الأسد من الفتاوى المثيرة للجدل حيث بث موقعه الإلكتروني فتوى ردا على أحد المستفتين بشأن مشروعية تقبيل رأس أحد الوالدين إذا كان يصلي أحيانا أو لا يصلي أبدا. قال الفوزان: كما أتى نصا في الموقع: “الجواب: لا يجوز هذا؛ لأن هذا من المحبة، تقبيله من المحبة، فلا يجوز تقبيله؛ ولكن لا يمنع هذا من الإحسان إليه، الإحسان الدنيوي، وأما مظاهر المحبة، كتقبيل الرأس ونحو ذلك، فهذا لا يجوز. نعم”.
كما أفتى الرجل ذاته- صالح الفوزان- بحرمة التصوير في الحرم المكي وذلك خلال إلقاء درسه بالمسجد الحرام، والذي قطعه حينها للتعبير عن غضبه من وجود تصوير داخل الحرم.
وهناك الكثير الكثير من الفتاوى ليس أقلها فتوى إباحة دماء المسلمين في مصر لأنهم طالبوا بتطبيق حكم الله.
أيها المسلمون:
هذه عيّنة بسيطة من هؤلاء العلماء الذين وردوا في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فهل هؤلاء الرؤوس الجهال أو حتى من يعتبرون أنفسهم علماء ومفكرين ومؤلفين لا يرون تفرق الأمة وتشرذمها؟ أم أنهم يرون أن حكامهم يحكمون بالقرآن والسنة؟ أم أنهم يقفون في صف أعداء الأمة؟
إن الحقيقة تقول: إن الذي تولى كبر هذه المصيبة هو الكافر المستعمر حيث عين على المسلمين حكاما نواطير له وأمدهم بالقوة المادية اللازمة لبقائهم، وهؤلاء الحكام النواطير عينوا رؤوسا جهالا يمدونهم بالقوة المعنوية اللازمة لبقائهم.
فهلا أفاقت هذه الرؤوس من جهلها؟ ووقفت في صف أمتها، وعملت مع العاملين لإعادة الخلافة الثانية الراشدة على منهاج النبوة تنفيذا لوعد ربها وتحقيقا لبشرى رسولها، أم ستموت على ضلالها؟
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم لهؤلاء العلماء الهداية قبل فوات الأوان.
اللهمَّ عاجلنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
مستمعينا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم