خبر وتعليق الناس سواسية في ظل نظام الخلافة على منهاج النبوة
الخبر:
لندن: «الشرق الأوسط» أظهرت دراسة حكومية بريطانية فجوة عمرها 20 عاما تقريبا في السنوات المتوقعة «للصحة الجيدة» بالنسبة للأغنياء والفقراء في البلاد.
وذكر مكتب الإحصاء الوطني أن النساء اللاتي يعشن في أفضل مناطق بريطانيا يمكن أن يتوقعن 3.71 عام من الصحة الجيدة نسبيا مقارنة بـ2.52 عام بالنسبة للنساء اللاتي يعشن في أكثر المناطق المحرومة من الخدمات الصحية والبيئة الصحية. وبالنسبة للرجال فإن الذين يعيشون في المناطق المحرومة من الخدمات الصحية والبيئة الصحية يمكن أن يتوقعوا 2.52 عام من الصحة الجيدة في حين من المحتمل أن يتمتع الرجال في أفضل المناطق بـ5.70 عام من الصحة الجيدة.
التعليق:
في كتاب مقدمة الدستور أو الأسباب الموجبة له ج2، هذا الدستور الذي يتضمن 191 مادة، والذي أعده حزب التحرير ليطبَّق عمليا في دولة الخلافة على منهاج النبوة القائمة قريبا بإذن الله سبحانه وتعالى، نصت المادة 125 منه على: “يجب أن يضمن إشباع جميع الحاجات الأساسية لجميع الأفراد فرداً فرداً إشباعاً كلياً، وأن يضمن تمكين كل فرد منهم من إشباع الحاجات الكمالية على أرفع مستوى مستطاع”.
وقد جاء في معرض شرح هذه المادة: “أما الصحة والتطبيب فإنهما من الواجبات على الدولة بأن توفرهما للرعية، حيث إن العيادات والمستشفيات، مرافق يرتفق بها المسلمون في الاستشفاء والتداوي. فصار الطب من حيث هو من المصالح والمرافق. والمصالح والمرافق يجب على الدولة أن تقوم بها لأنها مما يجب عليها رعايته عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «الإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمر. وهذا نص عام على مسؤولية الدولة عن الصحة والتطبيب لدخولهما في الرعاية الواجبة على الدولة. وهناك أدلة خاصة على الصحة والتطبيب: أخرج مسلم من طريق جابر قال: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ طَبِيبًا فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقًا ثُمَّ كَوَاهُ عَلَيْهِ». وأخرج الحاكم في المستدرك عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: «مَرِضْتُ فِي زَمَانِ عُمَرَ بِنَ الْخَطَّابِ مَرَضاً شَدِيداً فَدَعَا لِي عُمَرُ طَبِيباً فَحَمَانِي حَتَّى كُنْتُ أَمُصُّ النَّوَاةَ مِنْ شِدَّةِ الْحِمْيَةِ». فالرسول صلى الله عليه وسلم بوصفه حاكماً بعث طبيباً إلى أبيّ، وعمر رضي الله عنه الخليفة الراشد الثاني دعا بطبيب إلى أسلم ليداويه، وهما دليلان على أن الصحة والتطبيب من الحاجات الأساسية للرعية التي يجب على الدولة توفيرها مجاناً لمن يحتاجها من الرعية.”
وجاء أيضا في كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام وهو من منشورات حزب التحرير في موضوع ”الإجارة على العبادات والمنافع العامة”، ما نصه: “ويدخل في المصالح التي يجب على الدولة استئجار الأجراء لها للناس جميعاً التعليم والتطبيب. أما التعليم فلإجماع الصحابة على إعطاء رزق المعلمين قدراً معيناً من بيت المال أجراً لهم، ولأن الرسول جعل فداء الأسير من الكفّار تعليم عشرة من أبناء المسلمين، وبدل فدائه من الغنائم، وهي ملك لجميع المسلمين. وأما الطب فلأن الرسول صلى الله عليه وسلم أُهدِيَ إليه طبيبٌ فجعله للمسلمين. فكون الرسول جاءته الهدية، ولم يتصرف بها، ولم يأخذها، بل جعلها للمسلمين، دليل على أن هذه الهدية مما هو لعامة المسلمين، وليست له. فالرسول إذا جاءه شيء هدية، ووضعه للمسلمين عامة، يكون هذا الشيء مما هو لعامة المسلمين. وعلى ذلك فإن رزق الأطباء والمعلمين في بيت المال، وإن كان يجوز للفرد أن يستأجر طبيباً، وأن يستأجر معلماً. إلاّ أنه يجب على الدولة أن توفر الطب والتعليم للرعية جميعهم، لا فرق بين مسلم وذمي، ولا بين غني وفقير، لأنّ هذا كالأذان والقضاء، فهو من الأمور التي يتعدى نفعها، ويحتاج النّاس إليها، فهي من المصالح العامة، ومن الأمور التي يجب أن توفر للرعية، وأن يضمنها بيت المال.”
وهكذا فإنه في نظام الخلافة على منهاج النبوة، النظام الذي شرعه الخبير البصير سبحانه وتعالى من فوق سبع سموات، وعلى النقيض تماما من نظام المبدأ الرأسمالي الذي خرقته عقول بعض البشر وفق أهوائهم ومصالحهم الخاصة، على النقيض تماما من هذا النظام الفاسد فإنك لن تجد فروقات في الخدمات الصحية والبيئة الصحية بين جميع أصقاع دولة الخلافة، كما أنك لن تجد محرومين من الرعاية الصحية الكاملة.
فالمناطق جميعها سواسية في ظل نظام الخلافة لا فرق بين مركز الخلافة وأطرافها، ولا فرق بين مدينة أو قرية أو بادية، كما أن الناس جميعا سواسية في ظل نظام الخلافة؛ لا فرق بين الرجال والنساء ولا فرق بين الأغنياء والفقراء؛ ذلك أن نظام الخلافة هو نظام شرعه رب البشر ليعالج كافة مشاكل البشر.
﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد عبد الملك