فلتُطبِقْ شفرات سيوف الطغاة على معصم أمتنا.. دمنا لله رخيص
ها هي شفرات سيوف الطغاة تُطبِق على معصم الأمة الإسلامية فتسيل الدماء أنهارًا وترتوي الأرض بالدماء الزكية، دماء أشرف أمة عرفها التاريخ، أمة محمد الهادي. نعم دَعي شفرات سيوف الطغاة تطبق منك على المعصم أيتها الأمة الكريمة، أتعرفين لماذا تطبق شفراتهم على معصمك؟
أوتعرفين لماذا توجه بيادقهم نحوك؟ نعم لأنك أمة الدعوة الإسلامية الغرّاء، صاحبة العقيدة الإسلامية النافذة إلى القلوب والعقول، صاحبة الكتاب العظيم، كتاب الهدى والنور والفلاح، إنك أمة قادها منذ بدأ رسالتها أشرف رجل مشى على ظهر البسيطة، أمة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم. فهنيئًا لكِ أيتها الأمة الكريمة تضحياتك، وزكي طاهر هو دمك الذي يُراق من أجل هذا الدين وهذا الكتاب العظيم وهذا النبي الكريم، وأقول إنك مهما تبذلين من تضحيات يا أمتنا الكريمة فهي تضحيات في سبيل رب العزة ودينه ونبيه وكتابه الكريم. والمزيد المزيد من التضحيات يا أمتنا، فكل غالٍ يرخَصُ من أجل هذا الدين.
بهذه المقدمة أتوجه إلى إخوتنا الذين يعانون في سوريا وفي العراق وفي سجون الظالمين عربا وعجما، في سجون أوزبكستان، والصين وروسيا وأمريكا، أتوجه بهذه الكلمات إلى إخوتنا الأعاجم الذين يُحرَقون أحياءً ويُذبَحون كما تذبح النِّعاج في أفريقيا وميانمار. لعل هذه الكلمات في مقدمتي تشعرهم بعظم تضحياتهم وبأن دماءهم لم ولن تذهب سدىً، وبأن قبورهم ورفاتهم ما هي إلاّ ألوية تنير الطريق للأجيال القادمة لنصرة هذا الدين العظيم. فقل لي بربك أيّها القارئ الكريم، متى ذهب دم الشهداء سدىً ومتى ذهبت تضحياتهم دون نتائج؟ فالله الله في قاتليكم وَلَوَدَدْنا أن ننال بعض ثوابكم ولَوَددنا أن ننال شرف لقائكم في جنان الرحمن الرحيم، اللهم آمين.
ولكن هل يستمر الظلم والظالمون أبد الدهر؟ أيظن الظالمون أن الله لا ينصر عبده ودينه وأنصاره المؤمنين؟ قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ﴾ ساء ما يحكمون، خاب فألهم وعَظُمَ ذنبهم وكَبُرَ جرمهم وآتٍ عقابهم لا محالةَ بإذن الله القاهر فوق عباده. وقال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا…﴾، فلا يظنَّن ظانٌّ بأن أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين وحكام المسلمين سيستمر ظلمهم لأمتنا أبد الدهر، فالله غالب على أمره، وهو مقلب الأزمان والملوك والحكام والدول والكيانات، وإذا حان أمر الله ساد العباد المؤمنون من جديد، وسادت رسالتهم وساد دينهم من جديد فوق كل القوانين والشرائع الوضعية الزائلة، فالصبر الصبر، ولا يفقدن أحدنا الأمل في الله ونصره ﴿إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾.
ولكن نقول: الحمد لله على البلاء الذي أصاب أمتنا، والشكر لله على أن أمتنا لم ترتدّ عن دينها وقت البلاء ولكن مضت تُضَحِّي في سبيل الله بيقينٍ ثابت وإيمان راسخ، وعزيمةٍ شامخة، وإرادة جبّارة وراسخة كثبات الجبال. الحمد لله أن أمتنا باتت تتلقى الرصاص في صدرها وهي فرحة مستبشرة بجنان الرحمن ورضوانه. وبذلك هي أثبتت أنها أمة جديرة بهذا الدين، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله إيمان اليقين؛ لذا فهي تضحي وهي مستبشرة بالجنان الحسان. وصدق الله القائل: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ﴾.
فالحمد لله الذي رزق أمتنا التأسي برسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، والسير على خُطا الصحابة الكرام العظام، الذين قضوا في معارك الإسلام الأولى مستبشرين مقبلين على جنان الرحمن ورضوانه، فرحين بتضحياتهم، وباذلين الغالي والرخيص من أجل رفعة كلمة الإسلام في الدنيا خفاقةً عاليةً في ربوع المعمورة. ولذا يستبشر المرء خيرًا وفرحًا بقرب الفرج والنصر للأمة الإسلامية، كيف لا وهي تمضي على الطريق نفسها التي شقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام بدمائهم الزكية وتضحياتهم الجسام. اللهم فتقبل تضحيات أمتنا الكريمة كما تقبلت من قبل تضحيات المهاجرين والأنصار، اللهم آمين.
أيتها الأمة الباسلة، يا أهلنا في الشام وفي باقي أرجاء المعمورة، بات الهدف واضحًا؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وبات الطريق إليها واضح المعالم، طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في استلام الحكم للحكم بما أنزل الله. فحذارِ أن يفتنكم الكافر عن دينكم، وها هو حزبكم حزب التحرير يرشدكم إلى هذه الطريق ويدعوكم لها منذ أن نشأ في منتصف خمسينات القرن الماضي، لم يغير ولم يبدل بفضل الله على أمته، فحذار أن يفتنكم أعداء الأمة عن دينكم بعمق جراحكم وبعملائه الذين دسهم بينكم. واعلموا أن الله بالغٌ بنا أو بدوننا أمرَه. فالصبر الصبر والثبات الثبات على الحق. قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور فرج أبو مالك