خبر وتعليق قطعتا قماش تؤرقان مضاجعهم!
الخبر:
أصدرت المحكمة الدستورية الألمانية اليوم قرارًا بإلغاء حظر الحجاب للمعلمات في المدارس الألمانية، الأمر الذي يعتبر تصحيحًا دستوريًا لقرار المنع الذي صدر عام 2013 في معظم الولايات الألمانية، وكما ذكرت صحيفة التاجسشبيغل فإن الحجاب يعتبر جزءًا من ألمانيا.
التعليق:
عندما ذكر الرئيس الألماني المُقال كريستيان وولف في خطاب ذكرى الوحدة الألمانية في 2003/10/3 أن الإسلام جزء من المجتمع الألماني، قامت الدنيا ولم تقعد، حتى خرجت المستشارة أنجيلا ميركل تفند هذا التصريح وتسقطه من الاعتبار قائلةً: “إن المجتمع الألماني لن يكون إلا مسيحيًا ويهوديًا، وأن الإسلام ليس جزءًا منه كما ذكر الرئيس”، واعتبرت أن تصريحه “لا قيمة له”. وقبل شهور إثر أحداث شارلي إيبدو في باريس خرجت المستشارة نفسها لتعلن أن على المسلمين الانصهار في المجتمع الأوروبي، وأن الإسلام يعتبر جزءًا لا يمكن التغافل عنه في تركيبة المجتمع الألماني، كما وصفه الرئيس وولف!
بعد أقل من نصف عام على ما قاله الرئيس وولف وتحديدًا في الأول من شهر أبريل/نيسان لعام 2004 صدر أول قرار في ولاية بادن فورتنبرغ بحظر الحجاب في المدارس الألمانية، وتبعتها ولايات أخرى حتى أصبح الحديث عن الحجاب وحظره شغل الساسة والكُتّاب.
واليوم يصدر التراجع عن قرار المنع، بوصفه قرارًا لا ينسجم مع الدستور القاضي بالحرية الشخصية، باعتبار أن الحجاب يعبر عن انتماء للإسلام وليس التطرف.
بعد أحداث إيبدو تغيرت النظرة لدى الساسة، وأدركوا أنه لا بد من وضع حد للمبالغة الإعلامية في الإساءة للإسلام، وأن هذا يؤدي إلى انفلات الأمور وتكريس تمرد الشباب المسلم على المجتمع الذي لم ينصفهم، ولم يعطهم فرصة الحفاظ على شخصياتهم، فأصبحوا مطاردين لمجرد حملهم فكرًا غير الذي يروق لساسة الغرب، مما أدى إلى انخراط كثير من الشباب في طريق لا يأمن الغرب عواقبها، وخاصة بعدما أدرك الكثير من الشباب المسلمين، معنى الإسلام السياسي، وضرورة وقوف الإسلام في طريق التحدي للفكر الغربي والرأسمالية.
لهذا لجأ الغرب إلى محاولة التفاف على أبناء الجالية الإسلامية بتمييزهم والطلب منهم استنكار قتل من أساء لرسول الله، وهذا ما يؤدي إلى “أوْربة” المسلمين، و”أمركتهم”، بفصلهم في عيشهم عن أصولهم الإسلامية ومجتمعاتهم التي انتشروا منها إلى أوروبا.
هذا التناقض في المواقف يدل على ضعف المبدأ وانعدام الفكر الذي يمكن أن يواجه الإسلام به، فبدلا من المواجهة الفكرية تتم مواجهته بالسلاح تارةً وبالقضاء تارةً أخرى.
القماشة الثانية التي تؤرقهم هي راية العقاب، حيث أوجد الكفار ذريعةً في أفعال الإرهاب المصطنعة التي حدثت في أوروبا بعلم استخبارات الغرب وسياسييه لمنعها في كل مكان. ففي قرار وزاري من الداخلية الألمانية صدر على لسان وزيرها ديمزيير منع فيه إظهار أو رفع الراية السوداء المكتوب عليها بالأبيض.
وهذا ما يؤكد مرة أخرى عجز الغرب عن مواجهة الفكر الإسلامي مباشرةً، ولم يعد يحسن الظن بعملائه لينوبوا عنه في حربه ضد ما يسمى بالإرهاب.
قال الله تعالى: ﴿وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ﴾ [البقرة: 217]
نسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يُهيئ للإسلام أمر رشد، يعز في الإسلام وأهله، ويذل في الكفر وأهله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
يوسف سلامة – ألمانيا