Take a fresh look at your lifestyle.

منطقة شمال أفريقيا قبلة أنظار الغرب ومسرح الصراع الدولي‎

 

يتسارع نسق الأحداث السياسية في منطقة شمال أفريقيا وبالتحديد في تونس وليبيا والجزائر، مما أنتج غموضًا وضبابيةً لدى المحللين السياسيين في حين كان البعض ينتظر حلولًا سياسيةً واستقرارًا أمنيًا ونجاحًا للتجربة الديمقراطية.

إلا أن الأحداث الأخيرة بمتحف باردو بتونس كانت ضغثًا على إبالة، فبعد المساعي الجدية لحل الأزمة الليبية سياسيًا بعدما فشلت مساعي الحل العسكري؛ كان أول اجتماع للفرقاء السياسيين ومستقلين في المغرب برعاية أممية وسفراء دول أوروبية تمهيدًا للاجتماع الذي تم بالجزائر في محاولةٍ لتقريب وجهات النظر بين الأحزاب المعارضة وحكومة عبد الله الثاني وعمر حاسي والتي أُجِّلت لوقت ومكان غير معلومين تخللها اجتماع لزعماء القبائل في مصر والتي تعمل جاهدةً لاستعادة دورها في مجال “مكافحة الإرهاب”. يتفجر الوضع من جديد وتتضاعف العمليات العسكرية للمليشيات المسلحة في ليبيا وتصعيد غير مسبوق من قبل قوات حفتر يقابله نفس الرد من قبل قوات فجر ليبيا، وإلى الساعة تبقى الأبواب موصدةً أمام الحل السياسي للمرحلة الانتقالية في ليبيا.

أما في الجزائر راعية الحوار الوطني التونسي والليبي والمالي فهي الأخرى تعيش أزمةً سياسيةً خانقةً داخليًا وضغوطات خارجية، أهمها أحداث غرداية البوصلة السياسية في الجزائر وأحداث عين صالح ومشكلة مشروع الغاز الصخري، والصراع القائم بين ابسلكو والأحزاب المعارضة وانهيار سعر النفط، إضافةً إلى صراع الأجنحة في أروقة قصر المرادية حول خليفة بوتفليقة…

أما خارجيًا فإن كبرى الدول الاستعمارية منها من تعمل على الحفاظ على نفوذها السياسي ومنها من تعمل لبسط نفوذها السياسي والعسكري، مما أرق السلطة الجزائرية التي تقوم بدور رجل المطافئ في ظل تسارع اشتعال النار في دول الجوار والتي وقفت عاجزةً أمام حل المشاكل الداخلية ابتداءً، وحل أزمة دول الجوار في ليبيا وتونس ومالي بوصفها الدولة الراعية لمنطقة شمال أفريقيا أمنيًا وعسكريًا، مما جعل بوتفليقة يصعد في لهجته يوم 20 آذار/مارس في رسالة موجهة للمعارضة ولوسائل الإعلام اللذين يعملان على زعزعة استقرار البلاد حسب تعبيره.

ومن حيث لا يحتسب أحد تأتي أحداث باردو بتونس لتبعثر كل أوراق السلطة الجزائرية بعدما تبجح الجميع بنجاح التجربة الديمقراطية في تونس واتخاذها نموذجًا يقتدى به في المرحلة الانتقالية لتعود المنطقة بمجملها لنقطة الصفر وإعادة صياغتها جيوسياسيًا.

والمدقق في تفاصيل الأحداث وارتباطها ببعضها يستشف من خلالها قوة الصراع القائم بين القوى الاستعمارية؛ بريطانيا من جهة وأميركا من جهة أخرى. فبريطانيا تعتبر منطقة شمال أفريقيا خطًا أحمر لكل من تسول له نفسه أو يفكر في بسط النفوذ، فإنها تناور لإحباط كل المخططات التي تحاك في كواليس السياسة لتنفرد بالمنطقة بمجملها وتبقى على الدوام صاحبة النفوذ. أما أمريكا فأدركت أنه آن لها الأوان ليكون لها موطئ قدم في منطقة شمال أفريقيا كمقدمة لفك مستعمرات أوروبا وإحكام السيطرة على العالم.

ولهذا لا يجب الفصل بين ما يجري من أحداث في ليبيا وتونس والجزائر والمغرب ومالي باعتبارها أولًا مسرحًا للصراع الدولي، وثانيًا لأنه نفس الفاعل والمفعول به في اختلاق الأزمة وزعزعة الاستقرار من جهة ولحلها دبلوماسيًا والعمل على استقرارها سياسيًا وأمنيًا وعسكريًا من جهة أخرى. هكذا هي على الدوام طبيعة النظام الرأسمالي المتوحش والقوى الاستعمارية الغاشمة، وهذا هو حال بلاد الإسلام ما دامت ممزقة لأكثر من خمسين مزقةً وتفتقد لخليفتها الذي يحمي شوكتها ويوحد حدودها في ظل دولة واحدة خلافة راشدة على منهاج النبوة يكون لها جنة يتقى به ويقاتل من ورائه. قال تعالى: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ﴾



كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سالم أبو عبيدة – تونس

 

 

2015_03_23_Art_North_Africa_Region_AR_OK.pdf