خبر وتعليق سقوط الرأسمالية في جبال الألب
الخبر:
تعمَّد مساعد طيار تابع لشركة “جيرمان ونجز” يوم الثلاثاء 2015/03/24م إسقاط طائرة مدنية على متنها 150 راكبًا بعد أن تحايل على الطيار وأخرجه من حجرة القيادة، وأغلق الباب من الداخل، ووجه الطائرة نحو جبال الألب الفرنسية مما أدى إلى ارتطامها بالجبل وتفجرها وقتل كل من فيها. وقد أكدت التحقيقات أن الطيار المساعد كان يخضع للعلاج النفسي، حيث تم العثور في منزله على استمارة لإجازات مرضية ممزقة، ومن المفترض أن يكون مجازًا في يوم الحادث. [وكالات]
التعليق:
قد يقول البعض أن الأمراض النفسية ليست خاصة في الإنسان الغربي، وقد يقول آخرون ما شأن الرأسمالية بهذا الحادث المروع الذي يمكن أن يحدث مع أي إنسان تحت ظروف معينة قد يخضع لها بسبب الضغوط النفسية؟!
نعم إن هذا الحادث ممكن وقوعه في أي مكان في العالم، فقد أصبحت الرأسمالية هي المسير لجميع المصالح وتتحكم في كل البلاد والعباد، فهذه الطريقة من العيش أدت بما لا يدع مجالًا للشك إلى ازدياد حالات الأمراض النفسية بشكل مروع في كافة أنحاء العالم، وخاصةً الغربي منه.
أصبح المرء لا يأمن على نفسه من حالة اعتداء يقال في نهايتها إن المعتدي مريض نفسيًا، أو مختل عقليًا. وفي الغالب تكون هذه الحوادث مروعةً، كحوادث الاعتداء المسلح على المدارس والجامعات، وفي الباصات والأسواق، التي تنسب إلى معتوهين، أو مرضى نفسيين، يعيشون في حياة اجتماعية قلقة، أو حالة اقتصادية مزرية ينتقمون بتصرفاتهم من المجتمع ومن فيه لعجزهم عن الحصول على حاجاتهم الأساسية، وكردة فعل على ما يشاهدونه من هوة شاسعة بين الفقر والغنى، والدوافع لهذه الحوادث تكون عادة تافهةً ولا قيمة له، ومنها الانتقام، أو الحسد، أو مجرد الفراغ، وقد يكون للتسلية والترفيه أحيانًا.
لا شك أن هاتين الحالتين، العجز الاقتصادي، والقلق الاجتماعي، هما من أهم مسببات الأمراض النفسية التي تؤدي إلى عدم استقرار النفس وغياب الطمأنينة والأمن، ويترتب على هذه الحالات النفسية مساوئ طامةٌ في المجتمع، تؤدي إلى مثل هذه الكوارث الإنسانية، التي يروح ضحيتها أبرياء لا حول لهم ولا قوة.
الدولة تقف عاجزة عن حل هذه المشاكل، والنظام يحاول علاج الأعراض دون الخوض في علاج الأسباب، لأن حلها لا يمكن تحت ظروف الحياة التي فرضتها الرأسمالية على البشرية من طمع وجشع واستعلاء واستغلال وعبودية وغيرها.
إن حل مثل هذه القضايا لا يمكن إلا بالرجوع إلى حكم الله سبحانه وتعالى الذي يرتقي بالإنسان من هاوية الانحطاط الحيواني إلى السمو في رحاب الخالق المدبر، الذي بيده الرزق، وبيده الموت والحياة، وبرضاه تتحقق السعادة وتطمئن النفوس، فيعيش المجتمع في أمن وأمان، يحب المرء فيه لأخيه ما يحبه لنفسه، كما قال عليه الصلاة والسلام: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» ولا يرضى أهل عَرَصةٍ أن يبيتوا وفيهم جائع، كما أمرنا مبعوث الرحمة محمد عليه الصلاة والسلام: «أيما أهل عَرْصَة أصبح فيهم أمرؤ جائعاً فقد برئت منهم ذمة الله تبارك وتعالى» رواه أحمد، ويخشى المرء فيها عذاب الله ويطمع برضاه، ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ﴾ [السجدة] ولا يخضع لبشر يتحكمون في راتبه الشهري، ويمنون عليه بالتوظيف، فيخشى إن هو لم يطعهم أن يقف على قارعة الطريق متسولًا، فيعيش قلقًا لأنه يعلم أن الدولة لا يهمها أن توفر له أساسيات معيشته إن هو عجز عن ذلك، فلا يجد مخلّصًا له إلا الانتحار، لأنه لا يحسب حساب الآخرة.
إلى العيش بأمان تحت راية العدل والرحمة، ندعو الناس جميعًا في كافة أرجاء الأرض، ليحيوا حياةً كريمةً تحت راية “لا إله إلا الله، محمد رسول الله” في ظل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
يوسف سلامة – ألمانيا