خبر وتعليق ثورة الأمة تصفع مؤتمر القمة
الخبر:
تحرير مدينة إدلب
التعليق:
انطلقت الثورة في إدلب بسرعة مستجيبة لنداء الله أكبر الذي انطلق في جنوب سوريا من دمشق إلى حوران قافزةً إلى حمص معقل الأبطال، ولم تقف مدينة إدلب متفرجةً على فلذات أكبادها ينهشهم كلاب النظام بل انضمت إلى قافلة التغيير وأعلنتها منذ البداية إسلاميةً خالصةً لوجه الله تعالى. ومهما نسينا فلا ننسى تظاهرات إدلب المتميزة، وخاصة تلك التي تحلّقت حول ميدان الساعة الشهير والذي امتلأ عن بكرة أبيه بالرجال والنساء وأبدعوا بهتافاتهم وكان لهم الفضل في إطلاق تلك الأهازيج التي يفصل بينها نداء يحبه الله ورسوله وأحببناه ونردده كل يوم “لبيك لبيك لبيك يا الله”.
كان النظام يعوّل كثيرًا على ولاء إدلب مدينةً ومحافظةً وريفًا، وكان يظنها معقلًا وقلعةً منيعةً له، ذلك أن الأنظمة الغبية تقع غالبًا ليس فقط في شر أعمالها بل في أوهامٍ سطرها قادة أمنيون للمناطق في تقاريرهم ورفعوها لمن هو أغبى منهم ليظن ذلك الأحمق القابع في برجه العاجي المبني من جماجم الأبطال والمحاط بشهواته وملذاته، أن الناس يحبونه وسيدافعون عنه بأرواحهم. بل إن صيحات شبيحته “بالروح بالدم نفديك يا بشار” أصبحت بالنسبة له حقيقةً لا وهمًا سرعان ما بددها الثوار المخلصون فطارت كالرماد في يوم عاصف.
اشتعلت إدلب قبل شقيقتها حلب بفترة طويلة وقدمت القوافل من الشهداء ومن المفقودين بل ومن المشردين وكانت صفتهم جميعًا واحدةً: الثبات والإباء والمضي في طريق الصبر حتى النصر، وأي نصر؟ إنك إن تأملت في طبيعة أهل إدلب مدينةً وريفًا تعلمت الكثير منهم قبل أن تسألهم عما أعياك عنهم. إنهم من أعرف الناس بظلم النظام وطغيانه؛ فقد غاصوا فيه وتقلبوا في أجهزته من الجيش للشرطة للأمن للمخابرات، لذا كانت نسبة الانشقاقات بينهم من أعلى النسب بين الانشقاقات أثناء الثورة فأصابت النظام بمقتل وأذهلته. ورغم زرعه لعملاء وخونة له هنا وهناك فيها إلا أنه سرعان ما انتفض الأدالبة “كما انتفض العصفور بلّله القطرُ” فعرفوهم – شبيحة النظام – وقضوا عليهم فنظفوا الأرض حولهم من شرورهم. وتميزت إدلب وريفها أيضًا بأن معظم النزوح فيها كان إليها ففتحت بلداتها وقراها أذرعها لهم ولكل أهلهم في سوريا، وها هي “أطمة” – كمثال – التي كانت يومًا ذات بضع مئات من الساكنين أصبحت اليوم الأولى بعدد المخيمات في سوريا، فزخرت بالمخيمات التي زاد عدد قاطنيها عن النصف مليون، وهب أهلها في ليالي البرد والثلوج وعلى رأسهم شباب حزب التحرير فيها لنجدة المتضررين والمحتاجين بكل ما استطاعوا وبإمكانات متواضعة لنجدتهم بل ولضمهم لبيوتهم الضيقة التي وسعها الله عليهم. ووسع سبحانه قرية أطمة بفضل أخلاق وكرم أهلها فأصبحت مدينة تضم نواة دولة عظيمة تعيش مخاضها العسير وتتطلع لمنزلة عالية اختارها الله تعالى لها. كيف لا وهي من عقر دار الإسلام.
لم يتمكن ثوار الشام من فتح إدلب عندما كانوا متناحرين لأنه صدق فيهم قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾، لذلك لاقت النداءات التي أطلقها حزب التحرير بتوحيد الكلمة ورص الصفوف امتثالًا لأمر الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ استجابةً من الذين استجابوا لله وللرسول إذا دعاهم لما يحييهم، وعندما توحدت الكلمة والقيادة انطلقت جحافل الثوار والله معهم فأيدهم بجنود من عنده، ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ﴾، فمنها جنود رأيناها ومنها ما لم نره، ومما رأيناه من جنود رب العالمين الغيوم التي أحاطت بهم فشلّت سلاح الطيران تمامًا وانهمرت الأمطار حتى غرق أعداء الله فيها واستبشر الأبطال بما أرسله تعالى من خير.
﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ﴾ ها هي البشائر تنطلق من قلب إدلب متجهةً لدمشق: ها نحن قد اعتصمنا بحبل الله فمن ذا الذي يحول بيننا وبين الوصول إلى وسط دمشق والقضاء على رأس الكفر! ﴿فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾. ومن عجائب صنع رب العالمين أن يأتي هذا الفتح متزامنًا مع مؤتمر العار والخيانة في شرم الشيخ وكأنه يقول لهم، ها نحن في الشام نصنع تاريخنا بأيدينا لأننا تمسكنا بحبل الله المتين، أما أنتم يا حكام العار والخيانة فقد دخلتم بأياديكم الظالمة إلى مهملة التاريخ.
﴿وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس هشام البابا
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير