إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 62)
الأساس الذي يقوم عليه تقدير الأجرة
الحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لِلنَّاسِ أحكَامَ الرَّشَاد, وَحَذَّرَهُم سُبُلَ الفَسَاد, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَيرِ هَاد, المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعِبَاد, الَّذِي جَاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ الجِهَادِ, وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الأَطهَارِ الأمجَاد, الَّذِينَ طبَّقُوا نِظَامَ الِإسلامِ فِي الحُكْمِ وَالاجتِمَاعِ وَالسِّيَاسَةِ وَالاقتِصَاد, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ يَومَ يَقُومُ الأَشْهَادُ يَومَ التَّنَاد, يَومَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العِبَادِ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا إِروَاءُ الصَّادِي مِنْ نَمِيرِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي, وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّالِثَةِ وَالسِّتِينَ, وَعُنوَانُهَا: “تَقدِيرُ أُجْرَةِ الأجير”. نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَفحَةِ الثَّالِثَةِ بَعدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي فِي الإِسلامِ لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
”يَندَفِعُ الإِنسَانُ طَبِيعِيًّا إِلَى بَذلِ مَجْهُودٍ لإِنتَاجِ المَالِ الَّذِي يَسُدُّ بِهِ حَاجَاتَهُ. وَحَاجَاتِ الإِنسَانِ تَتَعَدَّدُ، وَلا يَستَطِيعُ سَدَّهَا فِي عُزلَةٍ عَنْ غَيرِهِ. لِذَلِكَ كَانَ عَيشُ الإِنسَانِ فِي مُجتَمَعٍ يَتَبَادَلُ فِيهِ مَعَ غَيرِهِ نَتَائِجَ مَجهُودَاتِهِمْ، أمرًا حَتْميًّا. وَلِهَذَا فَإِنَّ الإِنسَانَ الَّذِي يَعِيشُ فِي مُجتَمَعٍ يَبذُلُ مَجهُودَهُ لإِنتَاجِ المَالِ لاستِهلاكِهِ المُبَاشَرِ وَلِلتَّبَادُلِ، وَلا يَبذُلُ مَجهُودَهُ لِلاستِهلاكِ المُبَاشَرِ فَقَط؛ لأنَّ حَاجَاتِهِ مُتَعَدِّدَةٌ، فَهُوَ فِي حَاجَةٍ إِلَى أموَالٍ لا تُوجَدُ عِندَهُ، وَفِي حَاجَةٍ إِلَى أنْ يَستَفِيدَ مِنْ جُهْدِ غَيرِهِ مُبَاشَرَةً، كَالتَّعلِيمِ وَالطِّبِّ؛ لِذَلِكَ كَانَتْ الأنوَاعُ الَّتِي يُنتِجُهَا، مَهْمَا تَنَوَّعَتْ وَتَعَدَّدَتْ، غَيرَ كَافِيَةٍ لإِشبَاعِ جَمِيعِ حَاجَاتِهِ؛ لأنَّهُ لا يَستَطِيعُ أنْ يُنتِجَ مَا يُشبِعُ جَمِيعَ حَاجَاتِهِ بِمَجهُودِهِ الخَاصِّ، بَلْ لا بُدَّ مِنْ أنْ يَعتَمِدَ عَلَى مَجهُودَاتِ الآخَرِينَ، فَهُوَ فِي حَاجَةٍ إِلَى مُبَادَلَةِ مَجهُودَاتِ الآخَرِينَ الَّلازِمَةِ لَهُ، إِمَّا بِجُهْدٍ مِنهُ، وَإِمَّا بِمَالٍ. وَمِنْ هُنَا كَانَ لا بُدَّ مِنْ وُجُودِ التَّبَادُلِ فِي جُهْدِ النَّاسِ. وَبِمَا أنَّ هَذَا الجُهْدَ قَد يُوضَعُ بَدَلَهُ جُهْدٌ آخَرُ أو مَالٌ، صَارَ لا بُدَّ مِنْ مِقيَاسٍ يُحَدِّدُ قِيَمَ المَجهُودَاتِ المَبذُولَةِ بِالنِّسبَةِ لِبَعضِهَا، كَي يُمكِنُ مُبَادَلَتُهَا، وَيُحَدِّدُ قِيَمَ الأموَالِ المُرَادِ الحُصُولُ عَلَيهَا لِلإِشبَاعِ، لِيُمكِنَ مُبَادَلَتُهَا بِبَعضِهَا، أو بِجُهْدٍ؛ وَلِذَلِكَ كَانَ لا بُدَّ مِنْ أنْ يَكُونَ المِقيَاسُ الَّذِي يُحَدِّدُ قِيَمَ المَجهُودَاتِ وَقِيَمَ الأموَالِ وَاحِدًا حَتَّى يُمكِنَ مُبَادَلَةُ الأموَالِ بِبَعضِهَا وَمُبَادَلَةُ الأموَالِ بِمَجْهُودَاتٍ، وَالمَجهُوَداتُ بِمَجْهُودَاتٍ. وَلِذَلِكَ اصطَلَحُوا عَلَى الجِزَاءِ النَّقدِيِّ، الَّذِي يُخَوِّلُ الإِنسَانَ الحُصُولَ عَلَى المَالِ الَّلازِمِ لِلإِشبَاعِ، وَالحُصُولَ عَلَى المَجهُودَاتِ الَّلازِمَةِ لِلإِشبَاعِ. وَهُوَ بِالنِّسبَةِ لِلسِّلْعَةِ يَكُونُ ثَمَنًا، وَبِالنِّسبَةِ لِلجُهْدِ يَكُونُ أجْرًا؛ لأنَّهُ فِي تَبَادُلِ السِّلَعِ مُقَابِلٌ لِعَينِ السِّلْعَةِ، وَفِي تَبَادُلِ المَجهُودَاتِ مُقَابِلٌ لِمَنفَعَةِ الجُهْدِ المَبذُولِ مِنَ الإِنسَانِ؛ وَلِذَلِكَ كَانَ لا غِنىً لِلإِنسَانِ عَنْ مُعَامَلاتِ البَيعِ، كَمَا لا غِنَى لَهُ عَنْ مُعَامَلاتِ الإِجَارَةِ. إلاَّ أنَّهُ لا يُوجَدُ ارتِبَاطٌ بَينَ البَيعِ وَالإِجَارَةِ إِلاَّ بِكَونِهِمَا مُعَامَلَةً بَينَ فَردٍ وَفَردٍ مِنْ بَنِي الإِنسَانِ، وَلا تَتَوَقَّفُ الإِجَارَةُ عَلَى البَيعِ، وَلا الأُجرَةُ عَلَى الثَّمَنِ. وَلِذَلِكَ كَانَ تَقدِيرُ الأُجرَةِ غَيرُ تَقدِيرِ الثَّمَنِ، وَلا عَلاقَةَ لأحَدِهِمَا بِالآخَرِ. وَذَلِكَ لأنَّ الثَّمَنَ هُوَ بَدَلُ المَالِ، فَهُوَ حَتْمًا مَالٌ مُقَابِلَ مَالٍ، سَوَاءً قُدِّرَ المَالُ بِالقِيمَةِ أو بِالثَّمَنِ. أمَّا الأُجرَةُ فَهِيَ بَدَلُ جُهْدٍ، وَلا ضَرُورَةَ لأنْ يُنتِجَ هَذَا الجُهْدُ مَالاً، بَلْ قَد يُنتِجُ مَالاً، وَقَد لا يُنتِجُ مَالاً، إِذْ إِنَّ مَنفَعَةَ الجُهْدِ غَيرُ مُقتَصِرَةٍ عَلَى إِنتَاجِ المَالِ، بَلْ هُنَاكَ مَنَافِعُ أُخرَى غَيرُ المَالِ. فَالجُهْدُ اَّلذِي يُبذَلُ فِي الزِّرَاعَةِ أو التِّجَارَةِ أو الصِّنَاعَةِ، مَهْمَا كَانَ نَوعُهَا، وَمَهْمَا قَلَّ أو كَثُرَ مِقْدَارُهَا، يُنتِجُ مَالاً، وَتَزِيدُ ثَرْوَاتُ البِلادِ بِهِ مُبَاشَرَةً. أمَّا الخِدْمَاتُ الَّتِي يُقَدِّمُهَا الطَّبِيبُ وَالمُهَنْدِسُ وَالمُحَامِي وَالمُعَلِّمُ وَمَا شَابَهَهَا، فَإِنَّها مَجُهُودَاتٌ لا تُنتِجُ مَالاً، وَلا تَزِيدُ ثَروَةَ الأمَّةِ مُبَاشَرَةً. فَإِذَا كَانَ الصَّانِعُ أخَذَ أجْرًا، فَقَدْ أخَذَهُ مُقَابِلَ مَالٍ أنتَجَهُ، وَلَكِنَّ المُهَندِسَ إِذَا أخَذَ أجْرًا، لَمْ يَأخُذْهُ مُقَابِلَ مَالٍ، لأنَّهُ لَمْ يُنتِجْ أيَّ مَالٍ. وَلِذَلِكَ كَانَ تَقدِيرُ الثَّمَنِ مُقَابِلَ مَالٍ حَتْمًا، بِخِلافِ تَقدِيرِ مَنفَعَةِ الجُهْدِ، فَهُوَ لَيسَ مُقَابِلَ مَالٍ، بِلْ مُقَابِلَ مَنفَعَةٍ قَد تَكُونُ مَالاً، وَقَد تَكُونُ غَيرَ مَالٍ”.
وَقَبلَ أَنْ نُوَدِّعَكُمْ مُستَمِعِينَا الكِرَامَ نُذَكِّرُكُمْ بِأَبرَزِ الأفكَارِ التِي تَنَاوَلهَا مَوضُوعُنَا لِهَذَا اليَومِ:
1. يَندَفِعُ الإِنسَانُ طَبِيعِيًّا إِلَى بَذلِ مَجْهُودٍ لإِنتَاجِ المَالِ الَّذِي يَسُدُّ بِهِ حَاجَاتَهُ.
2. عَيشُ الإِنسَانِ فِي مُجتَمَعٍ يَتَبَادَلُ فِيهِ مَعَ غَيرِهِ نَتَائِجَ مَجهُودَاتِهِمْ، أمرٌ حَتْميٌّ. فَالإِنسَانُ هُوَ “كَائِنٌ اجتِمَاعِيٌّ بِطَبعِهِ”, كَمَا قَالَ ابنُ خَلدُونَ فِي مُقَدِّمَتِهِ.
3. الأنوَاعُ الَّتِي يُنتِجُهَا الإِنسَانُ مَهْمَا تَنَوَّعَتْ وَتَعَدَّدَتْ غَيرَ كَافِيَةٍ لإِشبَاعِ جَمِيعِ حَاجَاتِهِ. لِذَلِكَ لا يَستَطِيعُ الإِنسَانُ أنْ يُنتِجَ مَا يُشبِعُ جَمِيعَ حَاجَاتِهِ بِمَجهُودِهِ الخَاصِّ.
4. حَاجَاتُ الإِنسَانِ مُتَعَدِّدَةٌ, وَمُتَجَدِّدَةٌ, وَلا يَستَطِيعُ سَدَّهَا فِي عُزلَةٍ عَنْ غَيرِهِ فَهُوَ فِي حَاجَةٍ إلى.
1) أموَالٍ لا تُوجَدُ عِندَهُ.
2) أنْ يَستَفِيدَ مِنْ جُهْدِ غَيرِهِ مُبَاشَرَةً كَالتَّعلِيمِ وَالطِّبِّ.
3) مُبَادَلَةِ مَجهُودَاتِ الآخَرِينَ الَّلازِمَةِ لَهُ، إِمَّا بِجُهْدٍ مِنهُ، وَإِمَّا بِمَالٍ.
5. لِذَلِكَ كُلِّهِ لا بُدَّ مِنْ وُجُودِ التَّبَادُلِ فِي جُهْدِ النَّاسِ, فَالجُهْدُ قَد يُوضَعُ بَدَلَهُ جُهْدٌ آخَرُ أو مَالٌ.
6. لا بُدَّ مِنْ مِقيَاسٍ ضِمْنَ المُوَاصَفَاتِ الآتِيَةِ:
1) يُحَدِّدُ قِيَمَ المَجهُودَاتِ المَبذُولَةِ بِالنِّسبَةِ لِبَعضِهَا كَي يُمكِنُ مُبَادَلَتُهَا.
2) وَيُحَدِّدُ قِيَمَ الأموَالِ المُرَادِ الحُصُولُ عَلَيهَا لِلإِشبَاعِ، لِيُمكِنَ مُبَادَلَتُهَا بِبَعضِهَا أو بِجُهْدٍ.
7. لا بُدَّ مِنْ أنْ يَكُونَ المِقيَاسُ الَّذِي يُحَدِّدُ قِيَمَ المَجهُودَاتِ، وَقِيَمَ الأموَالِ وَاحِدًا حَتَّى يُمكِنَ:
1) مُبَادَلَةُ الأموَالِ بِبَعضِهَا.
2) وَمُبَادَلَةُ الأموَالِ بِمَجْهُودَاتٍ.
3) وَمُبَادَلَةُ المَجهُوَداتُ بِمَجْهُودَاتٍ.
8. اصطَلَحَ النَّاسُ عَلَى “الجِزَاءِ النَّقدِيِّ” لِلأسبَابِ الأرْبَعَةِ الآتِيَةِ:
1) لأنَّهُ يُخَوِّلُ الإِنسَانَ الحُصُولَ عَلَى المَالِ وَالمَجهُودَاتِ الَّلازِمَةِ لِلإِشبَاعِ.
2) لأنَّهُ بِالنِّسبَةِ لِلسِّلْعَةِ يَكُونُ ثَمَنًا، وَبِالنِّسبَةِ لِلجُهْدِ يَكُونُ أجْرًا.
3) لأنَّهُ فِي تَبَادُلِ السِّلَعِ مُقَابِلٌ لِعَينِ السِّلْعَةِ.
4) لأنَّهُ فِي تَبَادُلِ المَجهُودَاتِ مُقَابِلٌ لِمَنفَعَةِ الجُهْدِ المَبذُولِ مِنَ الإِنسَانِ.
9. لا غِنىً لِلإِنسَانِ عَنْ مُعَامَلاتِ البَيعِ، كَمَا لا غِنَى لَهُ عَنْ مُعَامَلاتِ الإِجَارَةِ.
10. تَقدِيرُ الأُجرَةِ غَيرُ تَقدِيرِ الثَّمَنِ لِلسَّبَبَينِ الآتِيَينِ:
1) لأنَّهُ لا يُوجَدُ ارتِبَاطٌ بَينَ البَيعِ وَالإِجَارَةِ إِلاَّ بِكَونِهِمَا مُعَامَلَةً بَينَ فَردٍ وَفَردٍ مِنْ بَنِي الإِنسَانِ.
2) وَلأنَّهُ لا تَتَوَقَّفُ الإِجَارَةُ عَلَى البَيعِ، وَلا الأُجرَةُ عَلَى الثَّمَنِ.
11. لا عَلاقَةَ لِلثَّمَنِ بِالأُجْرَةِ؛ لأنَّ الثَّمَنَ هُوَ بَدَلُ المَالِ، فَهُوَ حَتْمًا مَالٌ مُقَابِلَ مَالٍ، سَوَاءً قُدِّرَ المَالُ بِالقِيمَةِ أو بِالثَّمَنِ.
12. الأُجرَةُ هِيَ بَدَلُ جُهْدٍ، وَلا ضَرُورَةَ لأنْ يُنتِجَ هَذَا الجُهْدُ مَالاً، بَلْ قَد يُنتِجُ مَالاً، وَقَد لا يُنتِجُ.
13. مَنفَعَةُ الجُهْدِ غَيرُ مُقتَصِرَةٍ عَلَى إِنتَاجِ المَالِ، هُنَاكَ مَنَافِعُ أُخرَى غَيرُ المَالِ وَتَوضِيحُ ذَلِكَ بِالآتِي:
1) الجُهْدُ اَّلذِي يُبذَلُ فِي الزِّرَاعَةِ أو التِّجَارَةِ أو الصِّنَاعَةِ يُنتِجُ مَالاً, وَتَزِيدُ ثَرْوَاتُ البِلادِ بِهِ مُبَاشَرَةً.
2) الخِدْمَاتُ الَّتِي يُقَدِّمُهَا الطَّبِيبُ وَالمُهَنْدِسُ وَالمُحَامِي وَالمُعَلِّمُ وَمَا شَابَهَهَا، فَإِنَّها مَجُهُودَاتٌ لا تُنتِجُ مَالاً، وَلا تَزِيدُ ثَروَةَ الأمَّةِ مُبَاشَرَةً.
3) إِذَا كَانَ الصَّانِعُ أخَذَ أجْرًا، فَقَدْ أخَذَهُ مُقَابِلَ مَالٍ أنتَجَهُ.
4) إِذَا كَانَ المُهَندِسُ أخَذَ أجْرًا، لَمْ يَأخُذْهُ مُقَابِلَ مَالٍ، لأنَّهُ لَمْ يُنتِجْ أيَّ مَالٍ.
14. تَقدِيرُ الثَّمَنِ بِخِلافِ تَقدِيرِ مَنفَعَةِ الجُهْدِ:
1) تَقدِيرُ الثَّمَنِ: يَكُونُ مُقَابِلَ مَالٍ حَتْمًا.
2) تَقدِيرُ مَنفَعَةِ الجُهْدِ: لَيسَ مُقَابِلَ مَالٍ، بِلْ مُقَابِلَ مَنفَعَةٍ قَد تَكُونُ مَالاً، وَقَد تَكُونُ غَيرَ مَالٍ. كَمَنْ يَبنِي لَكَ جِدَارًا وَلا يَأخُذُ مَالاً مُقَابِلَ جُهدِهِ, بَلْ يَأخُذُ مِنْ جُهْدِكَ فِي تَعلِيمِهِ القِرَاءَةَ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الَمولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الراشدة على منهاج النبوة في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.