يمننا بعد شامنا… إلى أين؟؟
إن الناظر لما آلت إليه الأحداث في اليمن يرى أن الوحش الأمريكي بدأ يتحكم في سير الأحداث في اليمن من خلال أدواته الداخلية، وهي الحوثيون والحراك الجنوبي، ومن خلال أدواته الخارجية وهي مبعوث الأمم المتحدة وإيران وأخيرا السعودية، بعد وصول ملكها الجديد “سلمان بن عبد العزيز” للحكم وسيطرته هو وطاقمه على مفاصل الدولة السعودية. وكانت أمريكا قبل ذلك قد بدأت بمحاولة تصفية النفوذ الإنجليزي الممثل بأدواته الداخلية في اليمن، وهي ما يسمى بالشرعية، وعلى رأسها عميل الإنجليز “منصور هادي” وبعض القبائل التي لا زالت تحمل الولاء للإنجليز، بالإضافة إلى “علي عبد الله صالح” وأتباعه من ألوية وكتائب عسكرية، والتي دفعت به بريطانيا بدهائها السياسي إلى التحالف مع الحوثيين؛ ليكون له نصيب معهم في حالة فشل ما يسمى بـ”الشرعية” وسيطرة الحوثيين.
وقد قام عملاء الإنجليز باستخدام الاصطفاف الطائفي السني – إن جاز هذا التعبير – لتعبئة من يقال عنهم الطائفة السنية ضد الحوثيين المدعومين من إيران تلك الدولة الطائفية بامتياز، والتي كانت ولا زالت مخلب الوحش الأمريكي. وبعد ترتيب البيت السعودي أمريكيًا أعطت أمريكا الضوء الأخضر للسعودية لقيادة تحالف بدعوى أنه ضد الحوثيين و”علي عبد الله صالح” وقواته. وقد رافقه حملة إعلامية طائفية مستغلة ما كان يستغله عملاء الإنجليز من اصطفاف طائفي، أمريكا هي صانعته الأولى، وذلك لحشد رأي عام مؤيد للسعودية وتحالفها باعتبارها تدافع عن السنة. هذا بالإضافة إلى رأي عام دولي باعتبارها تدافع عما يسمى بـ”الشرعية” وقد قبل ذلك، وفي عهد الملك السابق عميل الإنجليز ترى تمدد الحوثيين وحليفهم تضليلًا “علي عبد الله صالح”، وسيطرتهم على مفاصل الدولة اليمنية، ولم تحرك ساكنًا، فقد كانت حينها تعتمد على ما تعتمد عليه بريطانيا بدهائها مع خوف الإنجليز على السعودية من التورط في الشأن اليمني، ولكن بعد مجيء الملك الجديد عميل أمريكا، رأت أمريكا أن تدفع بالسعودية للعب دور القائد لتحالف عسكري يضم بعض عملاء أمريكا مثل: مصر والسودان، وما تبقى من عملاء الإنجليز من دول الخليج، وبتنسيق مع عملاء أمريكا في تركيا وباكستان، ومخلب الوحش الأمريكي إيران، وبمباركة أمريكية.
وقد ظهر واضحًا أن أول أهداف هذا التحالف هو القضاء على قوى الجيش اليمني المؤيدة “لعلي عبد الله صالح” عميل الإنجليز، وذلك باستهداف الكتائب والألوية، والمعسكرات التابعة له، والتي ضمنت له المبادرة الخليجية بقاءه وبقاء قواته، والتي قام الإنجليز وعملاؤهم بصياغة بنودها للإبقاء على نفوذهم في اليمن. ومع تركز الهجمات السعودية على ألوية صالح وكتائبه، ليتم إقصاؤه عسكريا وسياسيا عن المشهد في اليمن، وبذلك يتم سقوط أحد أهم أدوات الإنجليز في اليمن في صراعهم مع النفوذ الأمريكي للدفاع عن أحد أهم معاقلهم، وهو اليمن، فلا تجد بقية دول الخليج بُدّاً من الانصياع لأمريكا، وهي تمضي في تصفية النفوذ البريطاني في المنطقة، مستغلةً تفجير الصراعات الطائفية والمذهبية، وما أسمته: “الفوضى الخلاقة” لإعادة صياغة المنطقة صياغة تضمن فيها تحقيق أهم أهدافها وهي:
1. الحيلولة دون قيام دولة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة.
2. ضمان السيطرة على منابع النفط.
وسيبقى الصراع قائمًا في اليمن، وقد يهدأ تارةً، ويتصاعد تارةً أخرى إلى أن يسيطر أحد طرفي الصراع في اليمن. والواضح أن أمريكا تسعى لتكون هي الفائزة في هذا الصراع؛ لتستغله في السيطرة على بقية دول الخليج من عملاء الإنجليز بعد أن تكون قد تورطت في الصراع في اليمن، فتكون اليمن هي البوابة للسيطرة عليهم. أو أن تقوم دولة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة، فتقضي على نفوذ أمريكا وبريطانيا وعملائهما، وما ذلك على الله بعزيز.
والملاحظ أن أمريكا غالبًا ما تلجأ إلى إذكاء الصراعات أو استغلال الصراعات القائمة، ولا تعمل على تهدئتها؛ وذلك كي تستنفد طاقات المنطقة وقواها في القتال الداخلي بين أهل المنطقة وبأيديهم هم، وذلك لإضعاف المنطقة بشكل عام، بحيث لا تعود صالحةً لإقامة كيان قوي للأمة ألا وهو “دولة الخلافة” بعد أن رأت هي والعالم معها قرب قيامها.
ولا شك أن الصراع في اليمن ليس للمسلمين فيه أي مصلحة، وهم يتصارعون خدمةً لأعدائهم. وإن لم يتنبه المسلمون لذلك، ويعودوا لربهم، ويعملوا مع العاملين المخلصين عن وعي وبصيرة لإقامة دولتهم دولة الخلافة، فسيكون الثمن الذي سيدفعونه غاليًا من دمائهم وأموالهم ومقدرات بلادهم، وستجري دماؤهم أنهارًا، شأنهم شأن العراق والشام، هذا إن لم تقسم بلادهم أيضًا، وسيقع الخليج معهم بعد تورطهم في اليمن، وستستنزف ثروات الخليج، وما تم شراؤه وتكديسه من أسلحة، وخصوصًا في السعودية، وستفتح أبواب شراء الأسلحة والعتاد، والتي هي من ثروات الأمة النفطية المسلوبة منها لصالح الدول الكبرى، وعملائها من الحكام وأجهزتهم، وستستخدم هذه الأسلحة لتدمير البلاد، وقتل العباد، وسيبقى الشحن الطائفي والمذهبي السياسي مستمرًا لإثارة الحروب والصراعات، والذي هو للأسف الشديد يلقى رواجًا وتأييدًا من قبل الكثير من أبناء المسلمين في المنطقة، وستمتد ناره إلى بقية المنطقة، ولن تكون السعودية نفسها بعيدةً عن هذه الصراعات، وحتى عن التقسيم.
وفي الختام نقول: إن نداءنا إلى أهل الخليج والمسلمين عامةً، وإلى أهل اليمن خاصة أن يتقوا الله في أنفسهم، وفي دينهم، وفي بلادهم، وأن يتخلوا عن هذه القيادات العميلة سواء القيادات الحوثية وقيادات الحراك الجنوبي العميلة لأمريكا، أو “منصور هادي” و”علي عبد الله صالح” عميلا الإنجليز. وأن يتخلوا أيضا عن قيادة هذا التحالف الذي يقوده عميل أمريكا في السعودية، وأن يعملوا بكل طاقاتهم لوقف هذا النزيف للدم الحرام، وأن يتجهوا للعمل مع شباب حزب التحرير المخلصين، الواعين على مشروع الأمة لإقامة الخلافة على منهاج النبوة، فيتخلصوا مما هم فيه، ويكونوا هم نواة دولة الخلافة، ونقطة ارتكازها، فيفوزوا بالثواب العظيم، وينالوا الشرف الكبير، وهم أهل لذلك لو أرادوا، وإلا فإن العواقب والله وخيمة، وهم يرونها رأي العين في العراق والشام وغيرها.
ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ إسماعيل عمير “أبو البراء” – الأردن