نفائس الثمرات
الصَّبْرُ عَلَى الْمُلِمَّاتِ مِنْ حُسْنِ التَّوْفِيقِ وَإِمَارَاتِ السَّعَادَةِ
اعْلَمْ أَنَّ مِنْ حُسْنِ التَّوْفِيقِ وَإِمَارَاتِ السَّعَادَةِ الصَّبْرُ عَلَى الْمُلِمَّاتِ وَالرِّفْقِ عِنْدَ النَّوَازِلِ، وَبِهِ نَزَلَ الْكِتَابُ وَجَاءَتْ السُّنَّةُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. يَعْنِي اصْبِرُوا عَلَى مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، وَصَابِرُوا عَدُوَّكُمْ، وَرَابَطُوا فِيهِ تَأْوِيلاَنِ: أَحَدُهُمَا: عَلَى الْجِهَادِ. وَالثَّانِي: عَلَى انْتِظَارِ الصَّلَوَاتِ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “ألا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يُحْبِطُ اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: إسْبَاغُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الْخُطَى إلَى الْمَسْجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ”. فَنَزَلَ الْكِتَابُ بِتَأْكِيدِ الصَّبْرِ فِيمَا أَمَرَ بِهِ وَنَدَبَ إلَيْهِ، وَجَعَلَهُ مِنْ عَزَائِمِ التَّقْوَى فِيمَا افْتَرَضَهُ وَحَثَّ عَلَيْهِ.
أدب الدنيا والدين للماوردي
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته