مقالة يا ثوار الشام، عليكم بالمحجة البيضاء
روى ابن ماجه عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله عليه الصلاة والسلام موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقلنا يا رسول الله: إن هذه لموعظةُ مودِّع فماذا تعهد إلينا؟ قال: «قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا، فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد»
ومن سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام التي عرفناها ووعيناها أنه عليه الصلاة والسلام كان له راية وكان له لواء، وأن رايته كانت سوداء، ولواؤه أبيض، ومن الأدلة على ذلك:
روى ابن ماجه من طريق جابر رضي الله عنه: «أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل مكة يوم الفتح ولواؤه أبيض».
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ينعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس قبل أن يأتي الجند بالخبر: «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ» أخرجه البخاري.
ورد في سيرة ابن هشام عند الحديث عن غزوة بدر الكبرى أن اللواء والراية كانتا موجودتين في المعركة. فقد ورد في السيرة “قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَدَفَعَ اللّوَاءَ إلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدّارِ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ أَبْيَضَ… وقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ أَمَامَ رَسُولِ اللّهِ عليه الصلاة والسلام رَايَتَانِ سَوْدَاوَانِ: عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، يُقَالُ لَهَا الْعُقَابُ، وَالأُخْرَى مَعَ بَعْضِ الأَنْصَارِ”.
أما سنة الخلفاء الراشدين المهديين التي عرفناها ووعيناها أيضا أنهم رضي الله عنهم كانت راياتهم سوداء وألويتهم بيضاء، والأحاديث السابقة تكفي كأدلة بأن يكون الخلفاء الراشدون قد اقتدوا برسول الله عليه الصلاة والسلام بالراية واللواء، فهم كانوا لا يتركون أمراً أعلنه الرسول عليه الصلاة والسلام بينهم إلا ويفعلونه، وأنهم لا يتركون أمراً مشهوداً فعله رسول الله عليه الصلاة والسلام كالراية واللواء.
أما عن الكتابة عليهما فقد أخرج الطبراني في الأوسط قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رِشْدِينَ قَالَ: نا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ أَبُو صَالِحٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: نا حَيَّانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: نا أَبُو مِجْلَزٍ لَاحِقُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَتْ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام سَوْدَاءَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضُ، مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ».
هذه هي راية رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهي سنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين رضوان الله عليهم من بعده، التي ترمز إلى دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وليس راية الاستعمار الفرنسي المسماة كذبا براية الاستقلال، التي ترمز إلى الدولة العلمانية اللائكية الكافرة، والتي تفصل الإسلام عن واقع الحياة والدولة والمجتمع.
هذه هي المحجة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ولا يتنكبها إلا ضال.
نعم لراية رسول الله… ولا وألف لا لراية الاستقلال
نعم لراية رسول الله… ولا وألف لا لراية الاستعمار
نعم لراية رسول الله… ولا وألف لا لراية التبعية والإذلال
كتبها لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد عبد الملك