إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 70)
حكم المماطلة في تقسيم الإرث بلا عذر أو إذن من الورثة
الحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لِلنَّاسِ أحكَامَ الرَّشَاد, وَحَذَّرَهُم سُبُلَ الفَسَاد, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَيرِ هَاد, المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعِبَاد, الَّذِي جَاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ الجِهَادِ, وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الأَطهَارِ الأمجَاد, الَّذِينَ طبَّقُوا نِظَامَ الِإسلامِ فِي الحُكْمِ وَالاجتِمَاعِ وَالسِّيَاسَةِ وَالاقتِصَاد, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ يَومَ يَقُومُ الأَشْهَادُ يَومَ التَّنَاد, يَومَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العِبَادِ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا إِروَاءُ الصَّادِي مِنْ نَمِيرِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي, وَمَعَ الحَلْقَةِ السَّبعِينَ, وَمَوضُوعُنَا: “حُكْمُ المُمَاطَلَةِ فِي تَقسِيمِ الإِرثِ بِلا عُذْرٍ أو إِذْنٍ مِنَ الوَرَثَةِ”. نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَفحَةِ الخَامِسَةَ عَشرَةَ بَعدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي فِي الإِسلامِ لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:”وَقَد شُوهِدَ فِي الوَاقِعِ، أنَّ وَسِيلَةَ تَفتِيتِ الثَّروَةِ هَذِهِ طَبِيعِيًّا هِيَ المِيرَاثُ”.
ونَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: بَقِيَتْ مَسألَةٌ تَتَعَلَّقُ فِيمَن يَتَعَدَّى حُدُودَ اللهِ تَعَالَى, وَيَرفُضُ تَفتِيتَ الثَّروَةِ, ويُمَاطِلُ فِي تَوزِيعِ المِيرَاثِ عَلَى الوَرَثَةِ, وَيَحْرِمُ الإِنَاثَ مِنْ نَصِيبِهِنَّ فِي المِيرَاثِ؟ لِلإِجَابَةِ عَن هَذِهِ المَسأَلَةِ نَقُولُ وَبِاللهِ التَّوفِيقُ: إِنَّ المَالَ يَنتَقِلُ بَعدَ المَوتِ مِنْ مِلْك المُوَرِّثِ إِلى مِلْكِ وَرَثَتِهِ؛ لأنَّهُ يَنقَطِعُ عَنْ مِلْكِ المُوَرِّثِ بِالمَوتِ, وَالتَّرِكَةُ بَعدَ مَوتِ المُوَرِّثِ حَقٌّ لِعُمُومِ الوَرَثَةِ عَلَى المَشَاعِ- ذَكَرِهِمْ وَأنثَاهُمْ, صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ- فَيَستَحِقُّ كُلُّ وَارِثٍ نَصِيبَهُ مِنَ التَّرِكَةِ بَعدَ أنْ يُخصَمَ مِنهَا نَفَقَةُ تَجهِيزِ المَيِّتِ, وَبَعدَ قَضَاءِ الدُّيُونِ, وَإِنفَاذِ الوَصَايَا وَالكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ ونَحْوِ ذَلِكَ. وَلا يَجُوزُ لأيِّ أحَدٍ مِنَ الوَرَثَةِ الحَيلُولَةُ دُونَ حُصُولِ بَاقِي الوَرَثَةِ عَلَى أنصِبَتِهِمُ المٌقَدَّرَةِ لَهُمْ شَرعًا بِالحِرْمَانِ أو بِالتَّعطِيلِ. كَمَا لا يَجُوزُ استِئثَارُ أحَدِهِمْ بِالتَّصَرُّفِ فِي التَّرِكَةِ دُونَ بَاقِي الوَرَثَةِ, أو إِذنِهِمْ, فَمَنعُ القِسمَةِ أوِ التَّأخِيرُ فِيهَا بِلا عُذْرٍ أو إِذْنٍ مُحَرَّمٌ شَرعًا؛ لِلأدِلَّةِ الآتِيَةِ:
أولاً: قوله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ). (آلِ عِمرَانَ 133) فَفِي الآيَةِ أمرٌ بِالمُسَارَعَةِ إِلَى أسبَابِ المَغفِرَةِ وَدُخُولِ الجَنَّةِ, وَمِنْ أعظَمِ أسبَابِ دُخُولِ الجَنَّةِ وَنَيلِ رِضَا اللهِ أدَاءُ الحُقُوقِ مُطلَقًا, سَوَاءٌ أكَانَ حَقَّ اللهِ أو حَقَّ النَّاسِ أو حَتَّى حَقَّ النَّفسِ. وَيَدخُلُ فِي أدَاءِ حُقُوقِ النَّاسِ أدَاءُ الوَلِيِّ أوِ المَسؤُولِ عَنِ التَّرِكَةِ حُقُوقَ بَاقِي الوَرَثَةِ إِلَيهِمْ وَالمُسَارَعَةُ فِي ذَلِكَ, وَاتِّقَاءُ تَأخِيرِ مَوعِدِ استِحقَاقِهَا بِلا عُذْرٍ أو إِذْنٍ.
ثانيًا: مَا رَوَاهُ ابنُ مَاجَه فِي سُنَنِهِ عَنْ أنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ فَرَّ مِنْ مِيرَاثِ وَارِثِهِ, قَطَعَ اللهُ مِيرَاثَهُ مِنَ الجَنَّةِ يَومَ القِيَامَةِ». قَالَ العَلاَّمَةُ المَنَاوِيُّ فِي فَيضِ القَدِيرِ مُعَلِّقًا عَلَى الحَدِيثِ: “أفَادَ أنَّ حِرْمَانَ الوَارِثِ حَرَامٌ”. بَلْ قَضِيَّةُ هَذَا الوَعِيدِ أنَّهُ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ, وَبِهِ صَرَّحَ الذَّهَبِيُّ وَغَيرُهُ. وَالفِرَارُ وَالحِرْمَانُ يَصدُقَانِ عَلَى المُمَاطَلَةِ غَيرِ المُبَرَّرَةِ؛ لأنَّ فِيهَا نَوعَ فِرَارٍ وَحِرمَانٍ.
ثالثًا:مَا رَوَاهُ البَيهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ أبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَطَعَمِيرَاثًا فَرَضَهُ اللهُ, قَطَعَ اللهُ مِيرَاثَهُ مِنَ الجَنَّةِ». وَهَذَا الحَدِيثِ نَصٌّ فِي أنَّ قَطْعَ المِيرَاثِ عَنْ أحَدِ الوَرَثَةِ حَرَامٌ؛ لأنَّ الوَعِيدَ عَلَى الشَّيءِ دَلِيلٌ عَلَى حُرمَتِهِ. وَالقَطعُ الوَارِدُ فِي الحَدِيثِ يَدخُلُ فِيهِ المَنعُ مِنَ الإِرثِ مُطلَقًا, أو تَأخِيرُهُ عَنْ مِيعَادِ استِحقَاقِهِ دُونَ عُذْرٍ أو إِذْنٍ؛ لأنَّ القَطعَ فِي اللُّغَةِ يَأتِي بِمَعنَى الحَبْسِ, فَيُقَالُ: “انقَطَعَ الغَيثُ” أيِ “احتَبَسَ”. وَتَعَمُّدُ تَأخِيرِ تَسلِيمِ الشَّيءِ ضَرْبٌ مِنْ ضُرُوبِ حَبسِهِ.
رابعًا: مَا رَوَاهُ البَيهَقِيُّ وَالدَّارقُطنِيُّ عَنْ حِبَّانَ بِنِ أبِي جَبَلَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ أحَدٍ أحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أجْمَعِينَ». فَهَذَا الحَدِيثُ أصْلٌ فِي أنَّ لِلإِنسَانِ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِيمَا يَملِكُ. وَمِلْكُ الوَارِثِ لِمِيرَاثِهِ يَحصُلُ بِمُجَرَّدِ مَوتِ مَورُوثِهِ, وَلَمَّا ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى أنصِبَةَ الوَرَثَةِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ بَدَأهَا بِلامِ المِلْكِ فَقَالَ: (لِلذَّكَرِمِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ) (فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ) (فَلَهَاالنِّصْفُ) (فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) (فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ) (فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ) (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) (فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم) (فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ). (النساء) مِمَّا يُؤَكِّدُ أنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الوَرَثَةِ مَالِكٌ لِنَصِيبِهِ فِي التَّرِكَةِ مِلْكًا لا يَقبَلُ التَّشَارُكَ, وَلَهُ أحَقِّيةُ التَّصرُّفِ فِي نَصِيبِهِ دُونَ تَسَلُّطٍ مِنْ أحَدٍ عَلَيهِ فِي ذَلِكَ, وَالأصْلُ أنَّهُ لا يَجُوزُ لِلإِنسَانِ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ غَيرِهِ, وَمَنعُ التَّرِكَةِ عَنْ أحَدِ الوَرَثَةِ أو تَأخِيرُ القِسمَةِ بِلا إِذْنٍ مِنْ بَاقِي الوَرَثَةِ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الآخَرِينَ بِلا إِذْنٍ فَلا يَجُوزُ.
خامسًا: إِنَّ المَنعَ أو التَّأخِيرَ بِلا عُذْرٍ أو إِذْنٍ تَعَدٍّ عَلَى حُقُوقِ الآخَرِينَ وَهَضْمٌ لِحُقُوقِهِمْ, وَذَلِكَ ظُلمٌ, وَالظُّلمُ مِنَ الكَبَائِرِ المُتَوَعَّدِ عَلَيهَا, فَقَد رَوَى مُسلِمٌ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اتَّقُوا الظُّلمَ فَإِنَّ الظُّلمَ ظُلُمَاتٌ يَومَ القِيَامَةِ». وَرَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظلَمَةٌ لأخِيهِ مِنْ عِرضِهِ أو شَيءٍ, فَليَتَحَلَّلْهُ مِنهُ اليَومَ قَبلَ أنْ لا يَكُونَ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ, إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنهُ بِقَدْرِ مَظلَمَتِهِ, وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيهِ».
سادسًا: كَمَا أنَّ هَذَا المَنعَ أوِ التَّأخِيرَ فِيهِ أكْلٌ لأموَالِ النَّاسِ بِالبَاطِلِ وَقَد نَهَى اللهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ). (النساء29) وَرَوَى مُسلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ المُفلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأتِي يَومَ القِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ, وَيَأتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا, وَقَذَفَ هَذَا, وَأكَلَ مَالَ هَذَا, وَسَفَكَ دَمَ هَذَا, وَضَرَبَ هَذَا, فَيُعطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ, وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ, فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أنْ يَقضِيَ مَا عَلَيهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيهِ, ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ».
سابعًا: إِنَّ المَنعَ أو التَّأخِيرَ بِلا عُذْرٍ أو إِذْنٍ تَعَدٍّ عَلَى حُدُودِ اللهِ تَعَالَى, وَقَد بَشَّرَ اللهُ تَعَالَى مَنْ يُطِيعُهُ وَيُطِيعُ رَسُولَهُ بِالفَوزِ العَظِيمِ وَالخُلُودِ فِي الجَنَّةِ, وَتَوَعَّدَ مَنْ يَتَعَدَّى حُدُودَهُ بِالعَذَابِ الشَّدِيدِ وَالخُلُودِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ. قَالَ تَعَالَى عَقِبَ ذِكْرِ أنصِبَةِ الوَرَثَةِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ ذَاتِهَا: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِوَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُخَالِدِينَ فِيهَاوَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ).
وَعَلَيهِ فَمُمَاطَلَةُ أحَدِ الوَرَثَةِ أو تَأجِيلُهُ قِسمَةَ الإرْثِ أو عَدَمُ تَمكِينِ بَاقِي الوَرَثَةِ مِنْ نَصِيبِهِمْ بِلا عُذرٍ أو إِذْنٍ مِنَ الوَرَثَةِ مُحَرَّمٌ شَرْعًا, وَصَاحِبُهُ آثِمٌ مَأزُورٌ, وَعَلَيهِ التَّوبَةُ وَالاستِغفَارُ مِمَّا اقتَرَفَهُ, وَيَجِبُ عَلَيهِ رَدُّ المَظَالِمِ إِلَى أهلِهَا بِتَمكِينِ الوَرَثَةِ مِنْ نَصِيبِهِمْ, وَعَدَمِ الحَيلُولَةِ بَينَهُمْ وَبَينَ مَا تَمَلَّكُوهُ إِرثًا. وَاللهُ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أعْلَى وَأعلَمُ!
وَقَبلَ أَنْ نُوَدِّعَكُمْ نُذَكِّرُكُمْ بِأَبرَزِ الأفكَارِ التِي تَنَاوَلهَا مَوضُوعُنَا لِهَذَا اليَومِ:
1. أمَرَ اللهُ سُبحَانَهُ بِالمُسَارَعَةِ إِلَى أسبَابِ المَغفِرَةِ وَدُخُولِ الجَنَّةِ.
2. مِنْ أعظَمِ أسبَابِ دُخُولِ الجَنَّةِ وَنَيلِ رِضَا اللهِ أدَاءُ الحُقُوقِ مُطلَقًا.
3. يَدخُلُ فِي أدَاءِ حُقُوقِ النَّاسِ أدَاءُ الوَلِيِّ أوِ المَسؤُولِ عَنِ التَّرِكَةِ حُقُوقَ بَاقِي الوَرَثَةِ إِلَيهِمْ.
4. تَوَعَّدَ النَّبِيُّ كُلَّ مَنْ يَقطَعُ المِيرَاثَ بِقَطعِ مِيرَاثِهِ مِنَ الجنَّةِ, وَالوَعِيدَ عَلَى الشَّيءِ دَلِيلٌ عَلَى حُرمَتِهِ.
5. يَرَى الذَّهَبِيُّ أنَّ حِرْمَانَ الوَارِثِ أو قَطْعَ المِيرَاثِ عَنْ أحَدِ الوَرَثَةِ حَرَامٌ وَهُوَ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ.
6. لِلإِنسَانِ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِيمَا يَملِكُ. وَمِلْكُ الوَارِثِ لِمِيرَاثِهِ يَحصُلُ بِمُجَرَّدِ مَوتِ مَورُوثِهِ.
7. لا يَجُوزُ لِلإِنسَانِ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ غَيرِهِفَيَمَنعُ التَّرِكَةِ أو يُؤَخِّرُ قِسمَتَهَا بِلا إِذنٍ مِنَ الوَرَثَةِ.
8. مَنعُ أو تَأخِيرُ تَقسِيمِ المِيرَاثِ بِلا عُذْرٍ أو إِذْنٍ فِيهِ تَعَدٍّ عَلَى حُدُودِ اللهِ تَعَالَى وَقَد تَوَعَّدَ اللهُ فَاعِلَهُ.
9. مَنعُ أو تَأخِيرُ تَقسِيمِ المِيرَاثِ بِلا عُذْرٍ أو إِذْنٍ فِيهِ أكْلٌ لأموَالِ النَّاسِ بِالبَاطِلِ وَقَد نَهَى اللهُ عَنهُ.
10. مَنعُ أو تَأخِيرُ تَقسِيمِ المِيرَاثِ بِلا عُذْرٍ أو إِذْنٍ تَعَدٍّ عَلَى حُقُوقِ الآخَرِينَ وَهَضْمٌ لِحُقُوقِهِمْ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ المَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الراشدة على منهاج النبوة في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.