Take a fresh look at your lifestyle.

‏تَحْسَبُهُمْ‎ ‎جَمِيعًا‎ ‎وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ

 

\n

فضحت وكالات أنباء ألمانية تورط المخابرات الألمانية \”‏BND‏\” في مساعدة وكالة الأمن القومي ‏‏\”‏NSA‏\” الأمريكية في التجسس على الحكومة الفرنسية، بما في ذلك تعقب مراسلات لشخصيات بارزة ‏في وزارة الخارجية، والتنصت على القصر الرئاسي، وكذلك البرلمان الأوروبي في بروكسل لم يسلم ‏من التجسس. وجاء هذا الفضح بناءً على تحقيق داخلي وتقرير مرافق أعده فريق عمل من داخل ‏المخابرات الألمانية، ويشير التقرير في فقرة خاصة إلى \”التجسس الاقتصادي\” لمصلحة الولايات ‏المتحدة.‏

\n

وتتجه أصابع الاتهام إلى وزير الداخلية دو ميسير، وكذلك يطال الاتهام المستشارة ‏الألمانية ميركل. وقد أبدى رؤوس أحزاب المعارضة في ألمانيا عزمهم على التحقيق بعمق في هذه ‏القضية، وعن تشكيل لجنة محاسبة، وطلبوا أن يمثل أمامها كل من وزير الداخلية والمستشارة ‏الحالية، اللذين بدورهما نفيا أي علم لهما بالموضوع.‏

\n

والجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يُكشف فيها عن تورط الولايات المتحدة في عمليات ‏تجسس على حكومات أوروبا وعلى اقتصادها. وعن تورط أكثر من طرف أوروبي في ذلك، فقد كشفت ‏تقارير سابقة تورط إيطاليا وإسبانيا وبريطانيا في مثل هذه الأعمال. ولم تسلم هذه الدول نفسها من ‏عمليات مماثلة، بل تعدى الأمر أن تساعد بريطانيا أمريكا في التجسس على رعاياها في الداخل ‏والخارج.‏

\n

وفي أنظمة مفتوحة نسبيًا مثل ألمانيا وبريطانيا، حيث تتربص المعارضة بالحزب الحاكم، وتسعى ‏جاهدةً إلى إقصائه عن الحكم، فإن إمكانية الكشف عن هكذا أعمال متيسرة. أما في بلدان يغلب عليها ‏الانغلاق كدول اسكندينافيا، أو يغلب عليها طابع الفساد كإيطاليا وإسبانيا، فإن تقصي مثل هذه ‏الممارسات أمر صعب.‏
والحقيقة كما جاء على لسان القلة من المحللين السياسيين في ألمانيا، فإن \”الكل يتجسس على الكل\”. ‏وهذا أمر طبيعي في النظام الرأسمالي النفعي، الذي يقدم القيمة المادية والمنفعة على كل القيم.‏

\n

قال تعالى: ﴿بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ‎ ‎تَحْسَبُهُمْ‎ ‎جَمِيعًا‎ ‎وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ﴾. صدق قول الله تعالى فيهم، تحسبهم ‏في صورتهم مجتمعين على الألفة والمحبة، أما قلوبهم فهي شتى؛ لأن كل واحد منهم يسعى إلى تحقيق ‏مصالحه ويهتم بما ينفعه ولو على حساب \”صديقه\” أو حليفه، مما يجعل بينهم عداوةً داخليةً شديدةً، ‏وهذا كما قال المفسرون تشجيع للمؤمنين على التصدي لهم وعدم الخوف من تجمعهم، وإن بدا عظيمًا.‏

\n

إن دولة الخلافة على منهاج النبوة آتية لا محالة، ذلك أن الله تعالى لا يخلف وعده، وستقوم بإذن ‏الله في مثل هذه الأجواء، وستهدد مصالحهم مجتمعين، وسوف يقومون بعقد التحالفات والتكتلات ضدها، ‏ولكن هذه التحالفات والتكتلات لا بد أن تكون هشة، فعلى ساسة دولة الخلافة الواعين أن يستغلوا ‏الظرف، وألا يخشوا هذا التجمع، بل يعمدوا إلى تفريقه عن طريق اللعب بورقة المصالح الخاصة، ‏خصوصًا في ظل الأزمات الاقتصادية الرأسمالية المتلاحقة التي تضربهم يمنةً ويسرةً، والتي لا يجدون ‏لها حلًا سوى في نهب ثروات بلاد المسلمين وعن طريق أدواتهم فيها. وعسى الله أن يدبر لأمة الخير ‏من أمرها رشدًا.‏

\n

 

\n

 

\n


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد عقرباوي