إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي السبب الرابع من أسباب التملك: إعطاء الدولة من أموالها للرعية (ح 80)
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي
السبب الرابع من أسباب التملك: إعطاء الدولة من أموالها للرعية (ح 80)
الحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لِلنَّاسِ أحكَامَ الرَّشَاد, وَحَذَّرَهُم سُبُلَ الفَسَاد, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَيرِ هَاد, المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعِبَاد, الَّذِي جَاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ الجِهَادِ, وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الأَطهَارِ الأمجَاد, الَّذِينَ طبَّقُوا نِظَامَ الِإسلامِ فِي الحُكْمِ وَالاجتِمَاعِ وَالسِّيَاسَةِ وَالاقتِصَاد, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ يَومَ يَقُومُ الأَشْهَادُ يَومَ التَّنَاد, يَومَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العِبَادِ.
\n
أيها المؤمنون:
\n
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا إِروَاءُ الصَّادِي مِنْ نَمِيرِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي, وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّمَانِينَ, وَعُنوَانُهَا: \”إِعطَاءُ الدَّولَةِ مِنْ أموَالِهَا لِلرَّعِيَّةِ\”. نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ بَعدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي فِي الإِسلامِ لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
\n
\”وَمِنْ أسبَابِ التَّمَلُّكِ إِعطَاءُ الدَّولَةِ مِنْ أموَالِ بَيتِ المَالِ لِلرَّعِيَّةِ، لِسَدِّ حَاجَتِهِمْ، أوِ لِلانتِفَاعِ بِمِلكِيَّتِهِمْ. أمَّا سَدًّ حَاجَتِهِمْ فَكَإِعطَائِهِمْ أموَالاً لِزِرَاعَةِ أرَاضِيهِمْ، أو لِسَدِّ دُيُونِهِمْ، فَقَد أعْطَى عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ مِنْ بَيتِ المَالِ، لِلفَلاحِينَ فِي العِرَاقِ أموَالاً أعَانَهُمْ بِهَا عَلَى زِرَاعَةِ أرَضِهِمْ، وَسَدَّ بِهَا حَاجَتَهُمْ دُونَ أنْ يَستَرِدَّهَا مِنهُمْ.
وَأمَّا حَاجَةُ الجَمَاعَةِ لِلانتِفَاعِ بِمِلْكِيَّةِ الفَردِ، فَتَكُونُ فِي تَملِيكِ الدَّولَةِ لأفرَادِ الأُمَّةِ مِنْ أملاكِهَا، وَأموَالِهَا المُعَطَّلَةِ المَنفَعَةِ، بِأَنْ تُقطِعَ الدَّولَةُ بَعضَ الأرْضِ، الَّتِي لا مَالِكَ لَهَا، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ المَدِينَةَ فَقَدْ أقْطَعَ أبَا بَكْرٍ وُعُمَرَ، كَمَا أقْطَعَ الزُّبَيرَ أرْضًا وَاسِعَةً، فَقَدْ أقْطَعَهُ رَكْضَ فَرَسِهِ فِي مَوَاتِ النَّقِيعِ، وَأقطَعَهُ أرْضًا فِيهَا شَجَرٌ وَنَخْلٌ، وَكَمَا أقْطَعَ الخُلَفَاءَ الرَّاشِدُونَ مِنْ بَعدِهِ أرْضًا لِلمُسلِمِينَ. فَهَذَا الَّذِي تُقطِعُهُ الدَّولَةُ لِلفَردِ يُصبِحُ مِلْكًا لَهُ بِهَذَا الإِقطَاعِ، لأنَّ الجَمَاعَةَ فِي حَاجَةٍ إِلَى هَذِهِ المِلكِيَّةِ لِلانتَفَاعِ بِهَا، وَلِتَسخِيرِ الفَردِ لِهَذَا الانتِفَاعِ، وَاستِخدَامِ نَشَاطِهِ الذِّهْنِي، أوِ الجِسْمِيِّ لِلجَمَاعَةِ، بِسَبَبِ هَذِهِ المِلكِيَّةِ. وَاستِعمَالُ لَفظِ \”الإِقطَاعِ\” هُنَا استِعمَالٌ لُغَوِيٌّ وَفِقْهِيٌّ، وَلا عَلاقَةَ لَهُ بِالنِّظَامِ الإِقطَاعِيِّ الخَاصِّ الَّذِي لَمْ يَعرِفْهُ الإِسلامُ. وَيَلْحَقُ بِمَا تُعطِيهِ الدَّولَةُ لِلأفَرَادِ، مَا تُوَزِّعُهُ عَلَى المُحَارِبِينَ مِنَ الغَنَائِمِ. وَمَا يَأذَنُ بِهِ الإِمَامُ بِالاستِيلاءِ عَلَيهِ مِنَ الأسلابِ\”.
\n
ونَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: إِعطَاءُ الدَّولَةِ مِنْ أمْوَالِهَا لِلرَّعِيَّةِ عَمَلٌ مَشرُوعٌ, وَهُوَ مِنَ السُّنَّةِ الفِعلِيَّةِ, فَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِوَصفِةِ نَبِيًّا وَرَسُولاً, وَبِوَصْفِهِ حَاكِمًا وَرَئِيسًا لِلدَّولَةِ, وَدَلِيلُهُ مِنَ السُّنَّةِ مَا رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ فِي سُنَنِهِ قَالَ: «قُلْتُ لِقُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ قَيْسٍ الْمَأْرِبِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثُمَأمة بْنِ شَرَاحِيلَ عَنْ سُمَيِّ بْنِ قَيْسٍ عَنْ سُمَيْرٍ عَنْ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ أَنَّهُ وَفَدَ إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَقْطَعَهُ الْمِلْحَ فَقَطَعَ لَهُ, فَلَمَّا أَنْ وَلَّى قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمَجْلِسِ: أَتَدْرِي مَا قَطَعْتَ لَهُ؟ إِنَّمَا قَطَعْتَ لَهُ الْمَاءَ الْعِدَّ. قَالَ: فَانْتَزَعَهُ مِنْهُ. فَأَقَرَّ بِهِ وَقَالَ: نَعَمْ».
\n
وَشَرْحُ الحَدِيثِ وَتَفسِيرُ مَعَانِيهِ كَالآتِي: قَوْلُهُ: (الْمَأْرِبِيُّ) مَنْسُوبٌ إلى مَأْرِبَ بِفَتْحِ الْمِيمِ, وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ, وَكَسْرِ الرَّاءِ, وَقِيلَ: بِفَتْحِهَا (الْمَأْرَبِيُّ) مَوْضِعٌ بِالْيَمِينِ. وَقَوْلُهُ: (وَفَدَ): أي قَدِمَ. وَقَوْلُهُ: (اِسْتَقْطَعَهُ): أي سَأَلَهُ أَنْ يُقْطِعَ إِيَّاهُ. وَقَوْلُهُ: (الْمِلْحَ): أي مَعْدِنَ الْمِلْحِ. وَقَوْلُهُ: (فَقَطَعَ لَهُ): لِظَنِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُخْرِجَ مِنْهُ الْمِلْحَ بِعَمَلٍ وَكَدٍّ. وَقَوْلُهُ: (فَلَمَّا أَنْ وَلَّى): أي أَدْبَرَ. وَقَوْلُهُ: (قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمَجْلِسِ): هُوَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَقِيلَ إِنَّهُ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ. وَقَوْلُهُ: (الْمَاءَ الْعِدَّ): بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، أي الدَّائِمُ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ. وَقَوْلُهُ: الْعِدُّ أيِ الْمُهَيَّأُ. قَوْلُهُ: (فَأَقَرَّ بِهِ وَقَالَ: نَعَمْ). أي فَأَقَرَّ بِهِ قُتَيْبَةُ، وَقَالَ: نَعَمْ.
\n
فِي هَذَا الحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ إِعطَاءِ الدَّولَةِ مِنْ أمْوَالِهَا لِلرَّعِيَّةِ, فَأبيَضُ بْنُ حَمَّالٍ قَدْ طَلَبَ مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أنْ يُقطِعَهُ أرْضًا مِنْ أمْلاكِ الدَّولَةِ فَأعطَاهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الأَرضَ, وَلَولا أنَّ الأَرْضَ كَانَتْ تَحوِي المِلْحَ بِكَمَّيَّاتٍ كَبِيرَةٍ غَيرِ مُنقَطِعَةٍ لَمَا تَرَاجَعَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَطَائِهِ, فَالمَعدِنُ غَيرُ المُنقَطِعِ لا يَصِحُّ أنْ يُمَلَّكَ مِلْكِيَّةً فَردِيَّةً, بَلْ تَكُونُ مِلْكِيَّتُهُ مِلْكِيَّةً عَامَّةً؛ لِذَا فَإِنَّ الرَسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ امتَنَعَ عَنْ إِقطَاعِ أرْضِ المِلْحِ؛ لأنَّهَا مِلْكِيَّةٌ عَامَّةٌ. أمَّا حِينَ كَانَتِ الأرْضُ لِلدَّولَةِ, فَقَدْ أقْطَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ المَدِينَةَ أبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَمَا أقْطَعَ الزُّبَيرَ أرْضًا وَاسِعَةً.
\n
إِنَّ إِعطَاءَ الدَّولَةِ مِنْ أمْوَالِهَا لِلرَّعِيَّةِ سَوَاءٌ أكَانَ المَالُ نَقْدًا أو أرضًا أو سِلَعًا أو أيَّ شَكْلٍ آخَرَ مِنْ أشكَالِ المَالِ هُوَ مُبَاحٌ بِدَلالَةِ هَذَا الحَدِيثِ, وَهَذَا العَطَاءُ هُوَ سَبَبٌ مِنْ أسْبَابِ التَّمَلُّكِ الشَّرعِيَّةِ لِلمَالِ. فَلِلخَلِيفَةِ أوْ مَنْ يَنُوبُ عَنهُ مِنْ مُعَاوِنِينَ أو وُلاةٍ أو عُمَّالٍ، أنْ يُعطُوا مِنْ أمْوَالِ الدَّولَةِ لأفرَادِ الرَّعِيَّةِ لِسَدِّ حَاجَاتِهِمْ أو لِلانتِفَاعِ بِمِلكِيَّتِهِمْ. وَمِنَ الأمثِلَةِ عَلَى سَدَّ الحَاجَاتِ: أنْ تُعطِيَ الدَّولَةُ لِلأفرَادِ أمْوَالاً لِسَدِّ دُيُونِهِمْ … أو تُعطِي المُزَارِعِينَ أمْوَالا لِزِرَاعَةِ أرَاضِيهِمْ. أمَّا الأمثِلَةُ عَلَى الانتِفَاعِ بِمِلْكيتهم فَأَنْ تُمَلِّكَ الدَّولَةُ أفْرَادًا مِنَ الأُمَّةِ مِنْ أمْلاكِهَا وَأموَالِهَا المُعَطَّلَةِ المَنفَعَةِ كَأنْ تُقطِعَهُمْ بَعْضَ الأرْضِ لِيَعْمَلُوا فِيهَا فَيَكْسِبُونَ المَالَ الحَلالَ وَيُفِيدُونَ المُجتَمَعِ بِإِنتَاجِهِمْ, فَهَذَا الَّذِي تُقطِعُهُ الدَّولَةُ لِلفَردِ يُصبِحُ مِلْكًا لَهُ بِهَذَا الإِقطَاعِ.
\n
\n
\n
\n
أمَّا نَتَائِجُ إِعطَاءِ الدَّولَةِ مِنْ أمْوَالِهَا لِلرَّعِيَّةِ فَإِنَّهُ تَنشِيطُ الحَرَكَةِ الاقتِصَادِيَّةِ, وَتَوفِيرُ المَوَادِّ الزِّرَاعِيَّةِ وَالصِّنَاعِيَّةِ الَّلازِمَةِ لِلمُجتَمَعِ, فَالأرضُ المُقْطَعَةُ تَكُونُ مُعَطَّلَةً لا فَائِدَةَ مِنهَا, لَكِنْ حِينَ تُعْطَى لأحَدِهِمْ فَإِنَّهُ سَيَعمَلُ فِيهَا, وَيُحَوِّلُهَا إِلَى أرْضٍ مُنتِجَةٍ صَالِحَةٍ, فَيَخدِمَ نَفسَهُ بِأنْ يَجِدَ مَصْدَرًا لِلْكَسْبِ وَيَخدِمَ الْمُجتَمَعَ بِإِنتَاجِ بَعْضِ مَا يَحتَاجُهُ مِنَ السِّلَعِ أوِ الطَّعَامِ, وَهِيَ مِنْ طُرُقِ القَضَاءِ عَلَى البَطَالَةِ, وَاستِثْمَارِ الأَرْضِ, وَاستِصْلاحِهَا, وَفَوقَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُقَوِّي العَلاقَةَ بَينَ الدَّولَةِ وَالرَّعِيَّةِ؛ إِذْ يُظْهِرُ مُتَابَعَةَ الدَّولَةِ لِرَعَايَاهَا, وَحِرْصَهَا عَلَى مَصَالِحِهِمْ, وَتَوفِيرَهَا لاحتِيَاجَاتِهِمْ مِمَّا يَعُودُ بِالفَائِدَةِ وَالمَصلَحَةِ عَلَى الْمُجتَمَعِ عَامَّتِهِ. وَيَلحَقُ بِمَا تُعطِيهِ الدَّولَةُ لِلأفرَادِ مَا تُوَزِّعُهُ عَلَى الْمُحَارِبِينَ مِنْ غَنَائِمَ, وَمَا يَأذَنُ بِهِ الإِمَامُ بِالاستِيلاءِ عَلَيهِ مِنَ الأسلابِ فَكُلُّهَا أمْوَالٌ مُبَاحَةٌ وَمِلْكُهَا شَرْعِيٌّ. وَهِيَ وَإِنْ كَانَ لَيسَ لَهَا وَاقِعٌ الآنَ إِلاَّ أنَّ المُستَقبَلَ القَرِيبَ سَيُعِيدُ وَاقِعَهَا إِلَى حَيَاةِ الأُمَّةِ, فَحِينَ قِيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ قَرِيبًا بِإِذْنِ اللهِ مِنْ جَدِيدٍ سَتُعِيدُ سِيرَةَ الخِلافَةِ المَاضِيَةِ تَحمِلُ مِشْعَلَ الجِهَادِ, وَتَفتَحُ البِلادَ, وَتُوَزِّعُ الغَنَائِمَ عَلَى الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ. وَيَسألُونَكَ مَتَى هُو؟ قُلْ: عَسَى أنْ يَكُونَ قَرِيبًا … اللَّهُمَّ آمِينَ!
\n
وَقَبلَ أَنْ نُوَدِّعَكُمْ مُستَمِعِينَا الكِرَامَ نُذَكِّرُكُمْ بِأَبرَزِ الأفكَارِ التِي تَنَاوَلهَا مَوضُوعُنَا لِهَذَا اليَومِ:
\n
أولاً: مِنْ أسبَابِ التَّمَلُّكِ إِعطَاءُ الدَّولَةِ مِنْ أموَالِ بَيتِ المَالِ لِلرَّعِيَّةِ لِسَبَبَينِ:
\n
1) لِسَدِّ حَاجَتِهِمْ: كَإِعطَائِهِمْ أموَالاً لِزِرَاعَةِ أرَاضِيهِمْ، أو لِسَدِّ دُيُونِهِمْ.
\n
2) لِلانتِفَاعِ بِمِلكِيَّتِهِمْ: كَإِعطَائِهِمْ أموَالاً يستعينون بِهَا عَلَى زِرَاعَةِ أرَضِهِمْ، وَسَدِّ حَاجَتِهِمْ بِهَا.
\n
ثانيًا: لَفظُ \”الإِقطَاعِ\” استِعمَالٌ لُغَوِيٌّ وَفِقْهِيٌّ لا عَلاقَةَ لَهُ بِالنِّظَامِ الإِقطَاعِيِّ الَّذِي لَمْ يَعرِفْهُ الإِسلامُ.
\n
ثالثًا: مِنْ نَتَائِجِ إِعطَاءِ الدَّولَةِ مِنْ أمْوَالِهَا لِلرَّعِيَّةِ:
\n
1) تَنشِيطُ الحَرَكَةِ الاقتِصَادِيَّةِ, وَالقَضَاءُ عَلَى البَطَالَةِ. وَإِيجَادُ التَّوَازُنِ الاقتِصَادِيِّ فِي المُجتَمَعِ.
\n
2) تَوفِيرُ المَوَادِّ الزِّرَاعِيَّةِ وَالصِّنَاعِيَّةِ الَّلازِمَةِ لِلمُجتَمَعِ.
\n
3) استِثْمَارِ الأَرْضِ وَاستِصْلاحِهَا, وتَحوِيلُ الأرْضِ المُعَطَّلَةِ إِلَى أرْضٍ مُنتِجَةٍ صَالِحَةٍ.
\n
4) يَخْدِمَ المَرْءُ نَفسَهُ بِأنْ يَجِدَ مَصْدَرًا لِلْكَسْبِ, وَيَخدِمَ الْمُجتَمَعَ بِإِنتَاجِ بَعْضِ مَا يَحتَاجُهُ مِنَ السِّلَعِ أوِ الطَّعَامِ.
\n
5) وَفَوقَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُقَوِّي العَلاقَةَ بَينَ الدَّولَةِ وَالرَّعِيَّةِ؛ إِذْ يُظْهِرُ مُتَابَعَةَ الدَّولَةِ لِرَعَايَاهَا, وَحِرْصَهَا عَلَى مَصَالِحِهِمْ, وَتَوفِيرَهَا لاحتِيَاجَاتِهِمْ مِمَّا يَعُودُ بِالفَائِدَةِ وَالمَصلَحَةِ عَلَى الْمُجتَمَعِ عَامَّتِهِ.
\n
رابعًا: يَلْحَقُ بِمَا تُعطِيهِ الدَّولَةُ لِلأفَرَادِ، مَا تُوَزِّعُهُ عَلَى المُحَارِبِينَ مِنَ الغَنَائِمِ. وَمَا يَأذَنُ بِهِ الإِمَامُ بِالاستِيلاءِ عَلَيهِ مِنَ الأسلابِ.
أيها المؤمنون:
\n
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الَمولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ على منهاج النبوة في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.
\n
\n