أمريكا تصنع الخوف لدول الخليج وتتصدر لحمايتها فما هو الثمن يا تُرى؟
\n
دعا الرئيس أوباما في الثالث من شهر آذار/مارس الفائت قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست وهي السعودية وقطر والبحرين والكويت والإمارات وسلطنة عمان إلى قمة بمنتجع كامب ديفيد خلال الربيع الحالي تبحث سبل التعاون الأمني بين الولايات المتحدة والمجلس، وقد بدأت اللقاءات يوم 2015/05/14م.
\n
أمريكا تنفق الكثير وخاصة على جيوشها في كل بقاع العالم وهي تركز على العالم الإسلامي لأنها ترى أن الخطر على المبدأ الرأسمالي وعليها لا يأتي إلا من المسلمين لتطلعهم إلى دولة على أساس الإسلام.
\n
إلا أنها بعد حربها على أفغانستان والعراق أصبحت تعتمد في الحروب على أهل البلاد أنفسهم وأبقت على جيوشها في الثكنات، وهذا يتطلب أيضًا نفقات وأموالاً للسلاح وشراء الذمم كما هو حاصل في اليمن وسوريا والعراق الآن. فأين ستجد أمريكا الأموال؟
\n
لقد صنعت أمريكا آلة الخوف الإيرانية لدول الخليج من قبلُ، ولكنها هذه المرة بشكل أبرز حيث إن إيران تبسط نفوذها على كل من العراق بشكل كامل وعلى سوريا واليمن بشكل جزئي استجابة لطموحاتها وخدمة لمصالح أمريكا.
\n
وقد ظهر القلق والخوف على دول الخليج من هذا الجار المزعج وهذا ما تريده أمريكا لطرح مشاريع الحماية بما تقتضيه من بيع سلاح وإشراك هذه الدول في النفقات على الترسانة الحربية والقواعد الأمريكية البرية منها والبحرية بحجة أن من مهماتها حماية دول الخليج.
\n
فقد صرح أوباما قبل هذه القمة في واشنطن وكامب ديفيد \”للشرق الأوسط\”: \”أن بلاده مستعدة لاستعمال كل عناصر القوة لحماية أمن دول الخليج العربية من التهديدات ضمن حماية مصالح واشنطن في الشرق الأوسط\”. وقال أيضًا: \”إن الاجتماعات مع المسؤولين الخليجيين اليوم وغدًا (14 و15) فرصة للتأكيد على التعاون بشكل وثيق من أجل مواجهة تصرفات إيران التي تزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط\”. وقال \”يجب أن لا يكون هناك أي شك في التزامات الولايات المتحدة بأمن المنطقة والتزامنا بشركائنا في دول مجلس التعاون الخليجي\”.
\n
وقد شجع أمريكا في هذا الاتجاه سرعة استجابة أغلب دول المنطقة للانخراط في حلفها الأول ضد تنظيم الدولة وانخراطها في حلفها الثاني ضد الحوثيين وهي أحلاف تناولها حزب التحرير بالشرح والتحليل السياسي وحكم الشرع فيها وأنها مخططات أمريكية لقتل المسلمين بأيدي المسلمين. ولكن الركيزة الأولى لأمريكا في محاولتها هذه لجرّ دول مجلس التعاون من العمالة البريطانية إلى العمالة الأمريكية هي وصول سلمان بن عبد العزيز إلى السلطة في السعودية.
\n
لقد انكشف للعموم دور إيران في خدمة المصالح الأمريكية وانكشف التعاون العسكري بينهما خاصة الأخير منه في العراق وسوريا واليمن، وظهرت إيران بمظهر البلد المتمدد والمهدد لأمن دول الخليج. فاستغلت أمريكا ذلك وروجت بأحقية تخوف دول الخليج من تهديدات إيران وعرضت الحماية والسلاح وإرسال الخبراء والمدربين.
\n
فقد أوردت \”الحياة\” في 2015/05/13م تحت عنوان: \”إصرار خليجي على تفعيل الضمانات الدفاعية الأمريكية\” تصريحاً لمسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية: \”إن واشنطن ملتزمة بالكامل بأمن الخليج وأن حماية الأمن البحري والدفاعي لدول مجلس التعاون جزء حيوي من القمة\”، وأضاف: \”لن تقبل واشنطن بتهديد أي طرف خارجي أمن حلفائها وأن الوجود الأمني والبحري من خلال حاملة الطائرات روزفلت وحاملة الصواريخ نورماندي هو لحماية أمن الخليج\”. وذكر وجود \”سبع سفن حربية في المنطقة والفيلق الخامس\”. وإن كانت هذه التصريحات شبيهة أو تكرارًا لما قاله أوباما إلا أنها تعني مشاركة دول الخليج في تمويل وصيانة هذه الترسانة الحربية.
\n
كما قالت مصادر دبلوماسية عربية \”للحياة\” أن الجانب الخليجي يريد \”ضمانات دفاعية أقوى قادرة على التصدي لصواريخ 300 التي تنتظرها إيران من روسيا\”. وأكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في واشنطن أن القمة ستركز على \”التحركات العدوانية من جانب إيران\” في المنطقة.
\n
كما نقلت في هذه الأثناء وكالة رويترز عن مسؤولين أمريكيين وخليجيين أن الولايات المتحدة وحلفاءها في الخليج سيناقشون سبل تسريع صفقات السلاح. وفي هذا السياق أضاف الجبير أن دول المجلس حصلت بالفعل على أسلحة أمريكية متقدمة كثيرة، لكن نقل الأسلحة يمكن أن يصبح أسهل عن طريق رفع وضع الدول الخليجية إلى \”حلفاء كبار من خارج حلف شمال الأطلسي\”.
\n
هذا الوكر المشؤوم كامب ديفيد وهؤلاء الأشرار المجتمعون فيه لا يأتي منهم إلا الشر، وما يخططونه كله وبال على المنطقة وعلى أهلها.
\n
أمريكا تخوف دول الخليج بإيران من جهة ومن الجهة الأخرى تتعهد لهذه الدول بالحماية والضمانات لاستخدام أموال الخليج وسلاحه وجيوشه ضد المسلمين كما هو حاصل في العراق وسوريا واليمن. لقد تعطل تفكير هؤلاء الملوك والسلاطين وانحسر في حماية وضمان الكرسي وتبًا للبلاد والعباد، فلم يبق ما يمكن أن نخاطبه أو نثيره فيهم من خوف من الله أو شهامة أو رجولة.
\n
إلا أن أمريكا ليست قدرنا، والأمة الإسلامية بوصفها أمةً قادرةً وأكثر على التخلص من هيمنتها واستعمارها وغطرستها هي وغيرها من الدول الاستعمارية، بل وتخليص كل العالم من النظام الرأسمالي بوضع نظام الحكم في الإسلام موضع التطبيق مكانه ابتداءً في بلاد المسلمين ثم يبدأ بالانتشار بعد ذلك بالدعوة والجهاد.
\n
فإذا ابتلى الله الأمة من جهة بهؤلاء الحكام فإنه سبحانه وتعالى أوجد فيها من جهة أخرى ثلة من الواعين المخلصين، وأوجد في الأمة إلى حد الآن القدر الكافي من الوعي والاستعداد للتضحية من أجل العقيدة ومن أجل رفع راية رسول الله ﷺ ومن أجل الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وهذه هي سنة الله في التغيير وسنته في التدافع. وإن كانت الآن السطوة والغلبة للطبقة العلمانية الحاكمة بالاستناد إلى الحماية الغربية وجيوش المسلمين، إلا أن الوعي الذي دبَّ في الأمة سينتقل إلى ضباط الجيوش باعتبارهم جزءاً منها وستنتقل حمايتهم للحكام والمصالح الغربية الآن إلى حماية أمتهم ودينهم بعد قليل. وسيقفون حتما مع الثلة الواعية ومع مشروعها التحرري وسينصرونها نصرًا يصل فيه الإسلام إلى الحكم بإذن الله.
\n
\n
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد بوعزيزي
\n
\n