Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف – النِّفَاقُ السِّيَاسِيُّ

 

 

مع الحديث الشريف 

 

النِّفَاقُ السِّيَاسِيُّ

 

 

 

‏عَنْ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ‏‎ ‎قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ‎ ‎‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏”مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الزَّرْعِ‎ ‎لَا تَزَالُ الرِّيحُ تُمِيلُهُ وَلَا يَزَالُ ‏الْمُؤْمِنُ يُصِيبُهُ الْبَلَاءُ،‎ ‎وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ شَجَرَةِ ‏‎ ‎الْأَرْزِ‏‎ ‎‏لَا تَهْتَزُّ حَتَّى تُسْتَحْصَدَ” رَوَاهُ مُسْلِمٌ ‏

‏ جاء في صحيح مسلم بشرح النووي بتصرف: “‏قوله صلى الله عليه وسلم (تميلها وتفيئها) بمعنى واحد, ومعناه: ‏تقلبها الريح يمينا وشمالا, وقوله صلى الله عليه وسلم (تستحصد) أي: لا تتغير حتى تنقلع مرة واحدة كالزرع الذي ‏انتهى يبسه. وأما (الأرزة) قال أهل اللغة والغريب: شجر معروف يقال له: الأرزن يشبه شجر الصنوبر يكون بالشام ‏وبلاد الأرمن. قال العلماء: معنى الحديث أن المؤمن كثير الآلام في بدنه أو أهله أو ماله, وذلك مكفر لسيئاته, ورافع ‏لدرجاته, وأما الكافر فقليلها, وإن وقع به شيء لم يكفر شيئا من سيئاته, بل يأتي بها يوم القيامة كاملة.”‏

وجاء في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي “‏‏‏قال الطيبي: التشبيه إما مفرق فيقدر للمشبه معان بإزاء ما للمشبه به ‏وفيه إشارة إلى أن المؤمن ينبغي أن يرى نفسه عارية معزولة عن استيفاء اللذات والشهوات معروضة للحوادث ‏والمصيبات مخلوقة للآخرة لأنها دار خلود….. ‏

‏فكذلك المنافق يقل بلاؤه في الدنيا لئلا يخف عذابه في العقبى قال الطيبي: شبه قلع شجرة الصنوبر والأرزن في سهولته ‏بحصاد الزرع فدل على سوء خاتمة الكافر.‏”‏

لقد أصبح التلون في زمننا، والنفاق السياسي، عملة رائجة، وأصبح طريقا يسلكه السالكون طمعا في الدنيا وزهدا في ‏الآخرة. والأدهى من ذاك، أن المتلون فقد الحياء وأصبح يدعو إلى التلون، فهو يتلون ويدعو غيره إلى التلون. فإذا ‏قلت: أثبت على مبدئي وأفكاري وقناعاتي، احتقرك وسخر منك؛ لأن التلون عنده سنة والثبات بدعة، وبيع المبادئ ‏مصلحة والثبات عليها مفسدة.‏

روى الإمام أحمد في كتاب الزهد: عن شقيق بن سلمة قال أتينا أبا مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري فقلنا له أوصنا ‏قال: “اتقوا الله أعوذ من صباح النار إياكم والتلون في الدين ما عرفتم اليوم فلا تنكروه غدا وما أنكرتموه اليوم فلا ‏تعرفوه غدا، وقصده لا تجعل المعروف اليوم منكرا، ولا تجعل في الغد المنكر معروفا؛ لأن المعروف معروف لا يتغير، ‏والمنكر منكر لا يتبدل. ومتى تبدلت عندنا معايير المعروف والمنكر انطبق علينا قوله سبحانه وتعالى: {الْمُنَافِقُونَ ‏وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ ‏الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. ومن أبرز علاماته عدم الثبات على الحق و”البرجماتية”، و”الواقعية”، فاليوم معك وغدا ‏ضدك، واليوم عدوي وغدا صديقي، واليوم أكرهك وغدا أحبك، واليوم أعارضك وغدا أوافقك، واليوم أحل وغدا ‏أحرم، وهكذا دواليك. قال حذيفة بن اليمان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا أحب أحدكم أن ‏يعلم أصابته الفتنة أم لا! فلينظر، فإن كان رأى حلالا كان يراه حراما، فقد أصابته الفتنة، وإن كان يرى حراما كان ‏يراه حلالا فقد أصابته”، نسأل الله السلامة والثبات على الحق.‏